كان "بوذا" يزور إحدى القرى الصغيرة ,فأحضر إليه الناس رجلاً أعمى وقالوا له: هذا الرجل أعمى ونحن أصدقاؤه المقربون ..وعلى الرغم من محاولاتنا إقناعه بوجود الضوء فإنه غير مستعد لقبول الحقيقة .إن حججه من القوة بحيث وجدنا أنفسنا أمامها عاجزين.
ومع أننا نعرف أن الضوء موجود ولكننا نسلم بهزيمتنا .
إنه يقول لنا إنه يريد أن يمسك الضوء فكيف يمكنك أن تجعله يمسك الضوء؟ عندئذ قال الرجل: " حسناً إذا لم يكن بالإمكان الإمساك بالضوء فأنا أريد أن اسمعه .. إن لي أذنين فأسمعوني صوت الضوء ,وإذا لم يكن ذلك ممكنا فأنا أريد أن أتذوقه , أو إن كان للضوء رائحة فأنا أريد أن أشم رائحته. "
لا سبيل إلى إقناع الرجل فالضوء يُرى إن كان للمرء عينان، وهو لا يبصر.
واشتكى الرجل من أن أهل القرية كانوا يتحدثون دون ضرورة عن الضوء ليثبتوا أنه أعمى . لقد شعر أنهم اختلقوا قصة الضوء ليبرهنوا على عماه .
سأل الناس "بوذا" بما أنه قد قدم إلى القرية، إن كان باستطاعته أن يقنع الرجل بوجود الضوء.
قال "بوذا" : " لست مجنوناً بما فيه الكفاية لأقنع الرجل بذلك" .
مشكلات الإنسانية خلقها أُناس حاولوا أن يشرحوا أشياء لأولئك الذين لم يكن باستطاعتهم أن يبصروا .. الوعاظ هم طاعون البشرية . إنهم يخبرون الناس بأشياء لا يستطيعون فهمها " .
ثم قال : " لن أرتكب الحماقة ذاتها .. لن أشرح لهذا الرجل الأعمى أنه يوجد ضوء .. لقد أحضرتموه إلى الشخص الخطأ .. لم يكن بكم حاجه لإحضاره إليّ ..الأفضل أن تأخذوه إلى طبيب يمكنه أن يعالج عينيه . إنه ليس بحاجه إلى أي مواعظ بل إلى معالج . هذه ليست مسألة تقدَّم فيها الشروح .. ولا هي مسألة يهمه أن يصدقها .. إنها مسألة ضرورة معالجة عينيه .. إذا شُفيت عيناه سيكون قادراً على الرؤية وسيعرف بنفسه من دون شروح "
كتاب : الرحلة الداخلية
أوشو
ترجمة عبدالوهاب المقالح