ليس صحيحاً القول إن الاستثمار في حالة ضمور أو في حالة ركود وانكماش ولكن الصحيح أن الاستثمار في اليمن –هذه الأيام– منتعش وفي حالة صعود وانتعاش.
غير أن الاستثمار الموجود في أيامنا استثمار من نوع غريب وعجيب ومن طراز نادر.
هناك اليوم استثمار سياسي، استثمار حزبي، استثمار إيديولوجي، استثمار عقائدي وديني، استثمار ثوري، استثمار محلي واستثمار أجنبي، وهناك استثمار للصراعات الداخلية وللصراع السني الشيعي في المنطقة.
ويمكن أن نطلق على هذا النوع من الاستثمار: استثمار الجهل.
الكل هذه الأيام منخرط ومتورّط في هذا النوع والغريب والعجيب والنادر من الاستثمار.. وجميع المستثمرين يربحون ويكسبون من وراء هذا المشروع: مشروع استثمار الجهل.
المشايخ يستثمرون الجهل المتفشي في أوساط قبائلهم ويوظفونه لتقوية مراكزهم ونفوذهم، ولخدمة مصالحهم، ولممارسة المزيد من الابتزاز والنخيط.
قادة الأحزاب يستثمرون الجهل المتراكم والمكدس في أوساط قواعدهم وأنصارهم ويقومون بتوظيفه لصالح بقائهم كقادة مُلهَمين ومحبوبين وقريبين من السلطة والثروة.
رجال الدين وغيرهم من العلماء الربانيين يستثمرون جهل عامة الناس بتعاليم دينهم ويوظفون هذا الجهل المريع في تحقيق مزيدٍ من المكاسب المادية والمزيد من السيطرة الروحية.
التنظيمات الجهادية وغير الجهادية وتلك التي نشأت على أساس مذهبي وطائفي تدين للجهل بوجودها وانتشارها، فلولا الجهل ولولا اتساع رقعة الأمية في اليمن لما قامت لها قائمه.