في أحد الأيام ، كنت قاعدا امام التلفزيون ، الساعة العاشرة ليلا ، أشاهد قناة الجزيرة ، برنامج الإتجاه المعاكس ، والذي يديره الإعلامي الشهير فيصل القاسم ، وكان موضوع الحلقة التآمر الغربي على العرب ، وكانا بطلا الحلقة ، برفسور سوداني يمثل العرب ، وموظف رفيع المستوى ، من وزارة الخارجية الأمريكية ، يمثل الغرب ، وبعد كيل كم وافر من الاتهامات ، للغربيين بأنهم يتآمرون على العرب ، وإن تآمرهم هو سبب كل هزائم وانكسارات وفشل وضعف ووهن العرب ، من قبل ممثل العرب في الحلقة ، كان الرد مزلزلا ، من قبل موظف الخارجية الأمريكية ، ممثل دول الغرب في الحلقة ، وهو ( إذا كنتم متأكدون أننا نتآمر عليكم لماذا تطيعوننا ) ، وهذا ما جعلته عنوانا لمنشوري هذا . حيث نلاحظ إن أي هزيمة أو إنكسار أو فشل ، في أي جانب من جوانب حياة الإنسان العربي ، ينسبه العربي إلى التآمر ، سواء كان فرد أو جماعة ، أو تنظيم أو حزب أو دولة ، أو المجتمع بشكل عام ، وهذا ما نقرأ عنه في كتب التاريخ ، منذو إنهيار الدولة العباسية حتى اليوم ، إن سبب كل الهزائم والانكسارات والفشل ، والفقر والمرض والجهل والتخلف ، هو التآمر من الأمم الأخرى على العرب ، في حين إن التآمر هو في الحقيقة سبب ثانوي ، وليس رئيسي ، إن السبب الرئيسي يكمن في العرب ذاتهم ، لكل هذه الهزائم والانكسارات والفشل ، منذ انهيار الدولة العباسية ، إلى الاحتلال العثماني ، إلى الاحتلال الأوروبي ، إلى نكبة فلسطين ، إلى هزيمة 67 ، إلى ما يعانيه العرب من ضعف ووهن حتى اليوم .
وبالتأكيد أنا شعب الجنوب العربي ، جزء لا يتجزأ من العرب ، وكل ما يعاني منه العرب نعاني منه ، فنحن ننسب كل هزائمنا وانكساراتنا وفشلنا ، وكل مانعانيه اليوم من مآسي ونكبات وكوارث ، إلى التآمر الدولي والإقليمي ، حيث ترى العديد من الأقلام ، تنبري لكيل التهم للأمريكان والبريطانيين ، والسعوديين والاماراتيين ، واليمنيين ، والحقيقة إن ذالك ما هو إلا سبب ثانوي لما نحن فيه ، أما السبب الرئيسي يكمن فينا أهل الجنوب العربي ، وحتى إن كان ذالك التآمر حقيقي فنحن نواجه نفس سؤال موظف الخارجية الأمريكية ( لماذا تطيعوننا إذا كنتم متأكدون إننا نتآمر عليكم ) .
ولا شك أننا ندرك ، نحن اهل الجنوب العربي ، إن السبب الرئيسي لما نحن فيه ، هو نكبة 22 مايو 90 ، والفساد والإرهاب وفشل الدولة ، والصراع على السلطة ، وندرك إن حل تلك القضايا ، يكمن في فك ارتباطنا بالجمهورية العربية اليمنية ، وإقامة دولة النظام والقانون ، والحريه والعداله والمساواة ، والديمقراطية والسلام والأمن والاستقرار ، والتداول السلمي للسلطه ، عبر انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة .