أكد القيادي في الحراك الجنوبي في اليمن الدكتور خالد ابراهيم بامدهف وجود عثرات يواجهها مؤتمر الحوار اليمني الجاري في صنعاء، مشيرا إلى أن رؤيتهم تطالب بتقرير مصير جنوب اليمن، وليس للحراك علاقة برؤية الرئيس الجنوبي الاسبق علي ناصر محمد التي تتحدث عن النظام الفيدرالي بأنه الافضل لليمن، ونفي وجود أي مشروعات سياسية مطروحة في مؤتمر الحوار، تحظى بدعم اقليمي أو دولي، بما في ذلك مطلبهم في تقرير المصير.
وقال بامدهف في حوار مع «المدينة»: نعتقد أنه لا تزال هناك قوى نافذة ليست من القوى السياسية تحاول إفشال مؤتمر الحوار الجاري، بحيث لا يصل الى مخرجات تعالج المشاكل والحالة الراهنة لليمن.
وأضاف: طالب فريق عمل القضية الجنوبية بتنفيذ 11 نقطة تتعلق بالقضية الجنوبية وآثار حرب 94م، ومنها الاعتذار، وإسقاط الفتاوى الدينية التي صدرت بحق الجنوب، وإطلاق المعتقلين من الحراك ومعالجة الجرحى، وإطلاق صحيفة «الأيام»، ولم يتم الاستجابة لذلك حتى اللحظة، وأكد عضو مؤتمر الحوار الوطني في اليمن أن مواقف الفعاليات السياسية اليمنية من القضية الجنوبية لم تتضح بعد، وأنها ستتضح خلال الأسبوع الجاري الذي ستقدم فيه إلى لجنة القضية الجنوبية رؤيتها لمحتوى القضية، واستبعد الناشط والقيادي البارز في الحراك، قيام ديمقراطية وشراكة عدالة اجتماعية باليمن في ظل وجود قوى اجتماعية لا تزال تنتج فكرا ووعيا يقوم على إلغاء الآخر وعلى ترسيخ مفهوم التبعية للفرد وللجماعة ولتلك القوى، وقال: «نحن هنا موجودون من أجل تأسيس عهد جديد من الشراكة والاعتراف بكل اليمن وبكل الفعاليات السياسية والاعتراف بحقوق كل الناس»، وإلى نص الحوار:
* بعد مضي قرابة الشهرين على انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار، كيف تقيمونه؟
- السؤال لا يدعو إلى التشاؤم، لكنه يدعو الى التفاؤل والآمال، فهناك عثرات أمام مؤتمر الحوار فعلًا، حيث ان فريق القضية الجنوبية كان قد طالب في بداية انطلاق جلساته بتنفيذ النقاط العشرين المقدمة من اللجنة الفنية للحوار والمتعلقة بالقضية الجنوبية ولاحقا طالب بتنفيذ 11 نقطة رئيسية تتعلق أيضا بما آلت اليه الأوضاع في الجنوب ومنها الاعتذار، وإسقاط الفتوى الدينية التي صدرت في عام 1994م بحق الجنوب وأبنائه، وإطلاق المعتقلين من ابناء الجنوب ومن كوادر الحراك الجنوبي، وكذا معالجة الجرحى، وإعادة إطلاق صحيفة «الايام» وتعويضها على ما لحق بها من اضرار مادية ومعنوية، إلى آخر ذلك من المطالب الحقوقية والسياسية التي من شأنها التهيئة وتلطيف اجواء الحوار الجاري لكن حتى الان لم يتم أي شيء في هذا الصدد.
اعتقالات ضد الحراك
* لكن السلطات الحكومية أطلقت مؤخرا معتقلين من الحراك، هل هناك معتقلون من كوادركم؟
- صحيح أنه تم اطلاق عدد محدود من معتقلي الحراك، لكن هناك اعتقالات جديدة تمت لكوادر وقيادات الحراك الجنوبي، إضافة إلى معتقلين سابقين لم يتم اطلاق سراحهم حتى اللحظة.
الأمر الآخر نعتقد أن العثرات دليل على انه لا تزال هناك قوى نافذة تحاول افشال مؤتمر الحوار الجاري وإفشال مخرجاته، وبالتالي إبقاء المؤتمر في حالة غير منتجة لصالح التغيير ولصالح ايجاد واقع جديد لليمن في الجنوب والشمال.. ولكن اعتقد أن هذه ليست هي النهاية في مؤتمر الحوار الوطني، وإنما هناك محطات ومرحلة قادمة في المؤتمر وتحديدا في فريق عمل القضية الجنوبية، فبعد أن كانت مكونات مؤتمر الحوار قدمت في الاسبوعين الماضين رؤيتها لجذور القضية الجنوبية، سنبدأ من الاسبوع الجاري مناقشة محتوى القضية الجنوبية من خلال الرؤى التي ستقدمها الى لجنة القضية الجنوبية من قبل هذه المكونات، وبالتالي سيتبين من خلال الرؤى كثير من مواقف الفعاليات السياسية في رؤيتها للحالة الراهنة الذي يعيشها المشهد السياسي في الجنوب.
* أشرت إلى وجود أطراف لا تريد أن يكون لـ «الحوار» نهاية طيبة.. من هي؟
- هي ليست اطرافا من العملية السياسية، لكنها قوى، وهذه القوى ترى أن الحوار ومخرجاته البناءة ربما يعبث بمصالحها، وبالتالي يجعلها في مقدمة مساءلة تاريخية ووطنية.. مع أن الحوار في رأيي أنه ليس محاكمة، وإنما هو نوع من ايجاد أرضية جديدة لبناء يمن جديد في الشمال والجنوب، وبالتالي يضمن عدم عودة الماضي وسلبياته، لذلك يجب على من يعتقد ان مخرجات مؤتمر الحوار ستضره وستمس مصالحه فهو مخطئ، ولكنها في حقيقة الأمر ستعالج جراح الناس والانتهاكات وستعالج مصالح كل اليمنيين، وبالتالي ستضع كل اليمنيين في مساق التصحيح نحو بناء الدولة.
تأسيس دولة مدنية
* هل ترى أن هذه القوى هي نفسها تلك القوى التي اجهضت المشروع السياسي لثورتي سبتمبر وأكتوبر والوحدة اليمنية؟
- القوى تتغير ملامحها من مرحلة إلى أخرى ويظل الشعب اليمني -شماله وجنوبه- هدفا لقوى في المنطقة تريده أن يبقى بعيدا عن تأسيس دولة مدنية.. دولة ديمقراطية عادلة بالجنوب وفي الشمال، لكي يبقى الوضع رهين حالة من التعقيدات، حالة من التصادم الاخلاقي والاقتصادي والسياسي، سواء بين الجنوب والشمال او ما بين الفعاليات السياسية داخل الشمال المتوقع حدوثه اذا ما انسلخ الجنوب.
* أي من الرؤى المقدمة حول جذور القضية الجنوبية كانت قريبة منكم؟
- كل الرؤى تؤمن بأن هناك قضية جنوبية.. ولكنها تباينت في تناولها لمحاور وأبعاد وجذور هذه القضية، فبعض الرؤى تقترب من المشهد الحقيقي لهذه القضية وبعضها تبتعد عنه.. ولا اعتقد أن الرؤى هي الموقف النهائي تجاه القضية الجنوبية، فلا تزال هناك محطة أخرى، وهي محطة تتناول محتوى القضية الذي سيبدأ مناقشته الاسبوع الجاري، ثم بعد ذلك تأتي المحطة الاخيرة وهي التي ستتناول الحلول وضمان عدم تكرار ذلك.
* المعيب أن رؤيتكم عن جذور القضية لم تكن متماسكة كما ينبغي أن تكون؟
- نحن وضعنا رؤية فيما يتعلق بالجذور ولم نتناول المشهد الراهن والحالة الراهنة أو النتائج، وإنما فقط تناول الجذور أو اسباب القضية الجنوبية، أما المشهد الراهن سيتم عكسه الأسبوع الجاري من خلال تقديم رؤيتنا حول محتوى القضية الجنوبية.
* أيضا الرؤية نفت اليمنية عن الجنوب.. هل كان هذا رأي كل الحراك أم أنه طرف بعينه؟
- ينبغي أن تتعاطى كل الرؤى مع بعد اكاديمي ومع واقعية تاريخية وسياسية، ورؤية الحراك الجنوبي هي تعاطت مع هذه الواقعية السياسية والتاريخية، فلم يكن هناك وحدة شهدها اليمن تاريخيا بالخالص.. والوحدة الحقيقية الفعلية هي وحدة عام 1990م، بصرف النظر عما لحقها من ملابسات او مناكفات او مكايدات او مشروعات اقليمية وسياسية وغير ذلك.. لكنها كانت هي فعلا الوحدة اليمنية السياسية الحقيقية التي شهدها التاريخ في المنطقة هي هذه الوحدة.. غير ذلك لم تكن هناك وحدة سياسية بين الشمال والجنوب وما كان موجودا عبارة عن غزوات قائمة على القوة تغزي الآخر وتنتهك بقوة وبقوتها تضع حدودها الجغرافية وتفرض مذهبيتها.
*هل هذا ينفي أنه كان لهذه المساحة من الأرض وأمم من الناس وانتم في الحراك الجنوبي تمثلونهم اليوم هوية معينة؟
- يجب ألا يكون هناك خلط ما بين الهويات الوطنية والثقافية وبين الهويات السياسية، فالحديث عن هوية سياسية هو الحديث عما حصل في عام 90 من وحدة بين الشمال والجنوب، في الجنوب قبل عام 1967م، كان هناك عدة هويات ثم ذابت بعد عام 67 في هوية سياسية واحدة تحمل شخصية سياسية في اطار جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وقبلها الجنوبية، وذابت هذه الهوية في اطار هوية واحدة في الاقليم بان تكون في هوية يمنية واحدة، وكذلك بالنسبة للشمال فكان هناك مملكة متوكلية وقبل ذلك كانت عبارة عن دويلات صغيرة متناثرة، واعتقد أن الدولة الوطنية التي تأسست -سواء في الشمال او في الجنوب- لم تستطع استيعاب تلك الهويات، وما حصل هو العكس، حيث تم مصادرة حقوق تلك الهويات وإلغاؤها من الهامش التاريخي.. فلا ينبغي ان يأتي الواحد من الناس الى الوحدة وصدره مفتوح، هذا ليس معيارا تاريخيا ولا اخلاقيا، حيث ان الهوية تبقى مطلوبة لدى الناس وشخصياتهم في المجتمع.
تأسيس عهد جديد
* جميع الرؤى المقدمة عن جذور القضية الجنوبية من المكونات تخلت عن المسؤولية تجاه القضية الجنوبية؟
- هناك محاولات طبعا لإبهات القضية الجنوبية بملامحها حتى الآن وهناك حالة من الترقب والذعر والخوف، لان استعراض رؤى المكونات سواء في الجذور أو المحتوى أو الحلول، ربما هذا الاستعراض يعصف بكثير من بعض القوى والفعاليات السياسية الموجودة في الساحة اليمنية بشكل عام، هذه النظرة ليست عادلة.. نحن هنا موجودون من اجل تأسيس عهد جديد من الشراكة والاعتراف بكل اليمن وبكل الفعاليات السياسية والاعتراف بحقوق كل الناس.
* وسط هذه الضبابية.. هناك قوى الحداثة موجودة في الشمال وفي الجنوب، لماذا لا تتحالف في مواجهة القوى التقليدية التي أوصلتنا الى ما وصلنا اليه؟
- في رأيي هذا الكلام وهذه الاطروحات مثالية..
* لماذا..؟!
- لا يمكن أن تقيم ديمقراطية ولا يمكن أن تقيم شراكة ولا يمكن أن تقيم عدالة اجتماعية في ظل وجود قوى اجتماعية قائمة على جذور اقتصادية لا تزال تنتج حتى الآن فكرا ووعيا يقوم على الغاء الآخر ويقوم على التبعية للفرد ويقوم على ترسيخ مفهوم التبعية للفرد وللجماعة ولتلك القوى.
* وما الحل برأيك؟
- يجب أن يتدخل التاريخ والارادة الشعبية والدولية في صنع المقومات، لكن التاريخ هو الذي يوجد الدولة المدنية وليس الإرادات.. نحن في الجنوب فكرنا بمثالية يسارية نحو ايجاد مجتمع عادل، وقمنا بتطرف في ايجاد مشروعات يسارية متطرفة وكذلك الحال في الشمال عملوا على ايجاد مشروعات يمينية متطرفة، الامر الذي ادى الى اجهاض مشروع الوحدة. وهذا يدعونا للقول انه يجب الالتفات الى واقعية تاريخية موجودة على الارض ويتم على اساسها تأسيس مجتمع مدني يحمل مشروعا سياسيا يمنيا كبيرا.
* الا ترى أن ما ترفعون من تقرير المصير يتعارض مع ما يرفعه الرئيس علي ناصر محمد وهو الفيدرالية؟
- هذه رؤية علي ناصر.
* لكنه جزء من الحراك؟
- رؤية ناصر شخصية وليست جزءا من رؤية الحراك.. لكن كل مكونات الحراك قدمت رؤية واضحة في استعادة الدولة، والدليل على هذا أن استعادة الدولة مشروعا استحقاقيا لأبناء الجنوب بدليل ان معظم النخب في الشمال تقريبا ما زالت تتعاطى مع الوحدة على انها وحدة معمدة بالدم ولا يزال خطابها قائما على فرض الوحدة بالقوة وهذا خطاب غير انساني وغير عادل.. لأن الجنوب هو شعب ودولة وهوية وتاريخ ولا يمكن ان تلغيه بإرادتك انت فقط.. الحراك يقدم الآن حق تقرير المصير، وبالتالي من العدالة الاجتماعية والأخلاقية ان تعطي الناس حق تقرير مصيرهم.
لا يوجد دعم دولي للحراك
* هل «الحراك» مدعوم اقليميا ودوليًا؟
- ليس مدعوما دوليا ولكن وثائق الامم المتحدة تؤكد حق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها.
* الآن.. هل يوجد من ضمن الرعاية الدولية دعم لهذا المشروع؟
- لا.. لا يوجد مشروع حتى الآن، والموجود مؤتمر حوار.. الناس تتكلم فيه وتقول كل ما تريده.
* هل تعتبر نداء الزنداني الذي صدر الاسبوع الماضي جزءا من تلك الفتاوى ضد الجنوبيين؟
- الجنوب يخوض نضالا سلميا منذ عشرين عاما واقع تحت الطغيان والاستبداد.. واقع تحت الالة العسكرية لهذا النظام ولهذه النخبة، ولن تركعه هذه الخطابات مهما كان الأمر.. صدرت بحق الجنوبيين فتاوى سابقة وفتاوى جديدة لن تعيد الجنوبيين الى المربع الاول في حال من الاحوال.