نحتاج إلى استرجاع روح الشاعر امرئ القيس، كي يقف أمام سرايا عابدين الحوطة، ويعيد تكرار قصيدته التي يقول فيها:
قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل
لقد أطلق أهلنا من زمان على قصر الروضة اللحجية بسرايا عابدين، لأن تصميمها مشابه لتلك السرايا في مصر العربية.
وكانت هذه السرايا محفوظة ومصونة بيد ملوكها العبادل، ففيها مرابض الخيول وسياج للأبقار، والمياه جارية منها، وبستان خليل مملوء بأشجار الفواكه، إضافة إلى حمام سباحة يمارس فيه الزوار الكبار هوياتهم في السباحة.
والسؤال الحائر في أذهاننا أنه كيف ولماذا يجري لهذه السرايا هذا العبث وقلة تهذيب في التعامل معها؟! خاصة بعد أن أهداها السلطان الثائر علي عبدالكريم لتكون صرحاً علميا تابعا لجامعة عدن.
ولماذا يصبح هذا المنتجع الجميل مرتعاً لقوى الشاذة التي تدمر كل جميل وفاخر كسفاحين متعطشين لإراقة دمائها؟
هذا المنتجع كانت منتوجاته تصرف للسوق من ألبان الأبقار وإلى سلال الفواكه، وكان مرتعا يقضي فيه كبار الزوار في حكومة عدن آنذاك، والمكان الذي استقبل فيه الكابتن اللبناني أمين الريحاني، وسائر الكتاب والصحفيين والسياسيين العرب والأجانب.
هذه السرايا بعدما تملكتها جامعة عدن واستحدثت فيها كلية الزراعة أصبحت خرابا بمعنى الكلمة ولا يخرج منها لا الفاكهة ولا الألبان ولا حتى فرخة واحدة أو طبق بيض.
وأصبحت كلية الزراعة كلية نظرية تفتقر للشئون العملية لم تنفع لحج حتى بشبر عما كانت تدره السرايا من قبل، لهذا حاولنا أن نستحضر أشعار امرئ القيس كي يبكي على أطلالها، ولم تفد حتى حقل الزراعة، التي تشهد تدهوراً في بنيتها وزراعتها.
وبكلمة صريحة أصبحت سرايا عابدين الحوطة عبارة عن صحراء لتكون عريناً لقبائل عبس يطلبون فيه من عنترة إنقاذها من فلول العصابات التي هبت إلى نهب أراضيها الزراعية وتحويلها إلى سرادق وأكشاك لتتوزع أراضيها على طول وعرض السرايا، ويكافئ عنترة بن شداد بعد هزيمة تلك العصابات، بعودة السرايا إلى ملاكها الحقيقين وإنهاء أي عقد مع جامعة عدن وتعرض تلك السرايا لذوي النيات الحسنة كي تقيم اسهما لإعادة بنائها من جديد كمنتجع سياحي واجتماعي لمستثمرين مؤهلين لهذا الغرض، وحبا لائقا بتراث لحج الأدبي والفني والثقافي وبالدخل المأمول الذي يرفد لحج بالعائدات المتوقعة.
*- عياش محمد علي