رسالة مفتوحة تحت عنوان : "المستوطنون دينهم واحد"

2019-12-10 08:54

 

السيد : علي ناصر محمد ...  السيد : علي سالم البيض ... السيد : حيدر أبوبكر العطاس ... السيد : محمد فريد العولقي ... السيد : عبدالرحمن علي الجفري ... السيد : محمد ابوبكر عجرومة ... السيد : أحمد مساعد حسين ... السيد : حسن احمد باعوم ... السيد : محمد علي أحمد ... السيد : عيدروس قاسم الزبيدي ... السادة الجنوبيين جميعا             المحترمين

        بعد التحية

الموضوع / المستوطنون دينهم واحد .

 

عندما غزى الأوروبيون امريكا الشمالية واستوطنوا فيها على حساب الهنود الحمر الذين هم سكانها الأصليين اعتمدوا تدابير  سياسية معينة منها : استخدام البعد الديني لتوطيد دعائم الاستيطان والإبادة الجماعية للهنود الحمر .

عقد الاتفاقيات مع الهنود الحمر كنصوص على الورق دون تنفيذ أي بند فيها ، كاتفاقية ( نورت بيت ) والتي وصفها المستوطنون بالطوباوية ، لكن رغما عن ذالك ظلوا يمنوا الهنود الحمر بالاستقلال كاحتيال وليس حقيقة ، حتى تمت سيطرة المستوطنون على كل امريكاء الشمالية .

كان الهنود الحمر آنذاك  مجموعات متفرقة ومتناحرة كحالنا الجنوبيون اليوم .

ففي إحدى خطب أحد زعماء الهنود الحمر عام 1811 بعد أن بدأ خطر الاستيطان والاستيلاء على الأرض واضحا قال الزعيم الهندي الثائر ( تيكومسة ) أمام تجمع كبير من الهنود، ( إذا اتحدنا فإننا سنصبح أقوى من الغزاة، وإذا تفرقنا لن نستطيع الصمود بل سيهزموننا ويسرقون أوطاننا ونتناثر كأوراق الخريف في الريح العاتية ) ، يبدو أنه كان شديد الحزن على التشتت والانقسامات التي تعصف بالهنود الحمر آنذاك والتي كانت كلمة السر في ضعفهم وضياع بلادهم .

التفاصيل مروعة في التشابه بين حالتنا كجنوبيين وحالة الفلسطينيين وحالة الهنود الحمر ، خاصة وأن المستوطنين الأوائل لأراضي الهنود الحمر استخدموا البعد الديني لتشريع الاستيلاء على أراضي الهنود الحمر وابادتهم وهو ما يستخدمه الإسرائيليون ضد الفلسطينيين  واليمنيون ضد الجنوبيين .

وللمفارقة تلك ليست من مصادفات التاريخ بقدر ما أن الأمر يتعلق بثقافة المستوطن وكيفية ممارستهم الألاعيب على الشعوب الأصلية . وهنا فإن ما حصل للهنود الحمر يشبه تماماً ما حصل مع الفلسطينيين من قبل الإسرائيليين وما يحصل معانا في الجنوب من قبل شعب العربية اليمنية .

وللمفارقة أيضاً ، كلما كان يتم توقيع اتفاقية مع الهنود سرعان ما يخرقها المستوطنون ويجتاحون عسكرياً ويستوطنون في المنطقة التي خضعت للاتفاق . وعندما كان يحتج الهنود كان المستوطنون يطالبون بمفاوضات جديدة وإرسال وفد جديد للتفاوض وتوقيع اتفاقيات جديدة يتم خرقها، وهكذا الى أن استوطن المستوطنون كل الأراضي وبالقوة ولم يبق ما يتم التفاوض بشأنه لتتوقف المفاوضات منذ أكثر من مائتي عام ويتبدد الهنود الحمر .

تلك التجربة التاريخية تكررت من قبل الإسرائيليين مع الفلسطينيين في أوسلو وما تبعها من اتفاقيات، كما تتكرر مثل هذه الاتفاقيات معنا الجنوبيين من قبل الجمهورية العربية اليمنية .

التاريخ مليء بالدروس والعبر لمن ينبش بين صفحاته ، حيث الصراعات تأخذ شكل التوحش والتجرد من القيم والأبرز التجرد من حسن النوايا والأهم أن للقوة منطقها في الصراعات وهي التي تفرض وقائعها، والغريب أن المستوطنون في البدايات كانوا يطالبون الهنود الحمر باحترام الوقائع على الأرض وقائع الاستيطان ، ويبدو أننا بحاجة لقراءة الكثير من صفحات التاريخ بعد ما نسمعه من تصريحات لقادة ونخب الجمهورية العربية اليمنية على اختلاف مشاربهم السياسية والاجتماعية حول الجنوب ويجب علينا كجنوبيين أن نعي ما قاله الزعيم الهندي الثائر ( تيكومسه) في آخر خطابه التاريخي مخاطبا شعبه ، ( أدعوكم للإنصات الى صوت الواجب، صوت الشرف، صوت الطبيعة، صوت بلادنا المهددة، دعونا نشكل جسداً واحداً على قلب رجل واحد ) ، كان ذلك النداء الأخير للهندي الأحمر الذي يستحق أن نصغي إليه ونحن نقرأ تجربته حتى لا نصبح هنود حمر التاريخ الجدد إلى جانب إخواننا الفلسطينيين .

اللهم إني بلغت .