السلطان علي بن مانع الحوشبي سلطان الحواشب
قصة السلطانة الحوشبية
من تاريخ الجنوب العربي
في رحلة المستشرق العربي الأمريكي "أمين الريحاني" الشهيرة إلى اليمن والجنوب والتي ذكرها في كتابه ملوك العرب وبينما هو متوجه إلى صنعاء مر بالمسيمير شمال لحج حاضرة الحواشب وقام باستقباله سلطان الحواشب علي بن مانع فاكرمه واحسن ضيافته و بات الليل عنده في القصر واستأذن السلطان بالمغادرة صبيحة اليوم التالي وعذره من القيام في الغد باكرا لتوديعه
وفي صباح اليوم التالى قام الخدم بتحميل الامتعة في الحوش الذي يقع بين الجناح الذي بات فيه أمين الريحاني وجناح الحريم الذي يقابله وبينما هم كذلك تفاجئوا بسقوط أواني من الفخار فوقهم من النافذة حتى أصيب احد الجنود فحلت الضجة وصاح بعض الرجال : ( يطردوننا , عجلوا يا ناس , هذه ضيافة ابن مانع , عجلوا بالرحيل .)
غادر على وجه السرعة "أمين الريحاني" ومن معه مذعورين من القصر والمسيمير وأثناء هروبهم سمعوا أصوات من خلفهم تناديهم : قفوا , قفوا
لم يتوقفوا فأطلقوا فوقهم طلقات متعددة من البنادق تحذير
أحس "أمين الريحاني" ومن معه بالخطر وقال لرفيقه قسطنطين (هو ذا الخطر الذي نتوقعه . دنت الساعة يا قسطنطين , قف وأشهر سلاحك)
عندما وصل إليهم القوم وهم خدم السلطان تفاجئوا بأنهم يحملون على رؤوسهم أطباق الطعام ومعهم بعض عسكر السلطان فخاطبوهم كيف سترحلون قبل الإفطار!
لكن ما هي قصة أواني الفخار التي ترامت عليهم؟
أجابوهم ان السلطانة رأتهم من سكنها وهم على أهبة الاستعداد للرحيل وقد نهضت باكرا لأجلهم فأرادت تنبيه الخدم النائمون في الطابق الأسفل ولم تشاء أن تسمعكم صوتها أو تريكم وجهها فرمتهم بالفخار وهي من طلبت من الخدم والعسكر اللحاق بكم وإطلاق النار لإيقافكم لتناول الطعام .
أعجب "أمين الريحاني" من تصرف السلطانة الحوشبية وكتب الآتي :
( أكثر الله أيتها السلطانة من فخارك , وجعلنا السنة فخارك , انك في الضيافة شاعرة الاقران , وفي البلاد العربية فريدة الزمان , و كيف لا وأنت السيف في إكرام الضيف, تضربين من أجلنا الكسل , وتلحقينا بالعسل .
تروعين أيتها الحوشبية الألمعية ولا تجوعين , قد كنت حديثنا وموضوع إعجابنا حتى في بلاد الزيود )
*- من كتاب ملوك العرب "أمين الريحاني"
وللمعلومية فأن حفيد السلطان علي بن مانع الحوشبي سلطان الحواشب هو السلطان فيصل بن سرور الحوشبي يقيم منذ 48 سنة في ضيافة المملكة العربية السعودية تلك الدولة العظيمة باذخة البهاء والثراء والتاريخ .
أخبرني انه اليوم واسرته الكريمة قد أهمل وأقصي وضاق به وأهله الحال .
فلقد نسيت المملكة وحكامها الكرام إعزاء قوم كانوا في الجنوب الأمل والإنسانية والشموخ والتاريخ .
اليوم أوقف على سلطان الحواشب . فيصل بن سرور الحوشبي وكل سلاطين وأمراء ومشايخ الجنوب أوقف عليهم امتيازات الإقامة الدائمة كلاجئين والدعم الشهري والسكني والعلاجي . وشمل الحرمان كل أسر سلاطين الجنوب الكرام . وهم اليوم في ضائقة وحيرة وعذابات الزمن الصعب.
لقد امر بحسن وفادتهم واكرامهم الملك العظيم ،الإنسان الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه.وهي مكرمة من الفخر أن تبقى ، فان أنت أكرمت الكريم ملكته.
هؤلاء السلاطين هم بنفس كرم وبهاء وشمم السلطان علي الحوشبي . الذي كان لا يفارق القوم مجلسه العامر .
وها هو حفيده السلطان فيصل الحوشبي يقبع رهين البيت يجر الحسرات على ما يعيشه من نكران ومواجع وتهميش .
على أن الكريم يموت حراً ولا تمتد كفه بالسؤال
*بقلم : الشيخ فاروق قاسم المفلحي – شيخ جنوبي وأديب مقيم في برانتفورد كنــدا