اقتربت حرب التحالف عاصفة الحزم من التدحرج المتعرج باكتمال أربع سنوات ونصف، وتقف الآن في دائرة الحيرة والتردد، فالانكفاء والعودة بخفي حنين خسارة، بل نهاية لشيء كان يسمى الأمن القومي العربي، وهنا لا نقصد بالأمن القومي العربي العِداء والاعتداء على الجوار من غير العرب، وإنما نقصد حماية البيت العربي من الخلخلة والاختراق، مع رسم وتعزيز جوار متكافئ يسوده السلام والتعاون والندية والمصالح المشتركة من غير منٍ ولا أذى.
كما أن استمرار الحرب لسنوات أخرى بنفس الإيقاع والهيئة المحلية التي تدّعي أنها تقود معركة تحرير صنعاء (الشرعية المستولى عليها من طرف بعينه) مدعياً أنها شرعيّة الكل، وهذا شيء غير صادق ومفضوح.
سياسة الاحتواء الإصلاحية، وهو الوجه الخفي الظاهر لتنظيم الإخوان المسلمين، والذي يصنف كتنظيم إرهابي عند بعض دول التحالف، هذه السياسة التي رعت مصلحة التنظيم دولياً ومصلحة الحزب محلياً بما يضمن الهيمنة بعد نهاية العاصفة، تلك السياسة حقيقة هي من جعلت الحسم وتحرير صنعاء هو المستحيل بعينه، فيما افتعل الإصلاح من خلال رِداء الشرعيّة، والتي وجهها ناحية الإمارات، وطبعاً معاداة طرف فاعل في التحالف، هو في جوهره موجّه للتحالف، أي للمملكة زعيمة التحالف، وكذلك وجّه معركته الأخرى نحو شريك حقيقي هو الجنوب، ممثلاً بمقاومته وحراكه الجنوبي.
عندما تتعمق في سبب استهداف الإصلاح (الإخوان) متلبساً الشرعيّة لاستهداف الإمارات، والتي تحملّت ملف الجنوب وكذلك المقاومة الجنوبية والحراك، فيظهر لنا الهدف الكامن في الادعاءات، وهو إلغاء النصر الوحيد في العاصفة والذي حققه التحالف والإمارات بوجه الخصوص والجنوبيين، وهو تحرير الجنوب والساحل التهامي حتى أسوار الحديدة، وكذلك كتاف ومديريات في صعدة.
من خلال هذه المعارك الجانبية توقفت الانتصارات، وتم الاستنزاف، بل وتسليم مواقع كانت محررة وتسليمها للحوثي، ومن الإطالة المتعمدة دخل الضغط الدولي مراعياً الحالة الإنسانية، وكذلك مصالح أخرى ظلت خفية وتم إظهارها لاحقاً، هذه الإطالة للحرب جعلت من الحوثي سلطة حقيقية وعلى طريق الاعتراف بها، وجعلت من الشرعية، والتي لم تعد سوى شرعية هادي الإقليمية والدوليّة، هي المعضلة والمشكلة بوجه إيقاف الحرب، والتي يتفق الجميع خاصة الخمسة الكبار على إيقافها، وبالتالي سياسة الاحتواء الإصلاحية التي جعلت هدفها محلياً وإخوانياً فوق هدف العاصفة، هي من وجهة نظري، والتي أعربت عنها من سنوات، هي التي وطدّت سلطات الانقلاب، وهذا لا ينكره إلا الإخواني فقط. وقلبت الموازين فأصبحت الشرعيّة هي المشكلة، ولم يعد بالإمكان أن تكون الحل أو جزءا من الحل نهائياً.
هذه هي الحقيقة بعد أربع سنوات ونصف من الاحتواء والاستحواذ على الشرعيّة من قبل الإصلاح (الإخوان)، هي السبب الذي جعل الحسم مستحيلاً وليس الإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي.
مهما حاول الإصلاح التبرير أو التغرير أو الإرهاب للآخرين محلياً وإقليمياً ودولياً، فالحقيقة واضحة تماماً. وهي بوجود الإصلاح وسياسة الاحتواء، فالشرعيّة هي المشكلة الحقيقيّة وليست الأطراف الأخرى!
والمجتمع الدولي اليوم سيجد أن التضحيّة بالشرعيّة هي الحل الأمثل وليس تدمير الشمال لإخراج الحوثيين أو تدمير الجنوب وتحريره من شعبه لكي يسلم للتنظيم الإخواني بواسطة وكيله المحلي الإصلاح، ليحكمه تطرّف جديد، وعلى مقربة من أهم المواقع الجيوسياسية في العالم.