ما معنى أن تكون هناك ألوية ومعسكرات بدون وظيفة وبدون عقيدة، كل مهمتها حماية جماعات أو أفراد أو أحزاب، وممارسة دور العصابات غالباً؟
ما معنى وجود مؤسسات حكومية وظيفتها تحويل موارد الدولة لحساباتها عن طريق أجور ومشتريات ونفقات وغيرها؟
أليست هذه المنظومة التي تسمى شرعية كلها زوائد دودية تنهش في جسم الشرعية وغذاء الشعب اليمني؟
أليست معظم المعسكرات أسماء وكشوفاً وبعضها يتبع جماعات العنف يخدم أجندتها ويتحرك بأمرها؟
إذاً، فلماذا العويل عندما يتم استئصالها أو التدافع معها كي تتخلص من أثقالها وأقفالها وفسادها؟
القضية هنا ليست قضية وحدة أو انفصال ولا هم يحزنون.. إنها مؤسسات فشلت على أقل تقدير في القيام بواجبها وفي التوصيف الأدق هي كوابح وعوائق ومنتجات هزيلة وطفيليات وزوائد سرطانية مهلكة، فلتذهب إلى الجحيم.. ولكن لمَ كل هذه الضجة على معركة الانتقالي مع هذه الزوائد التي تسمى ألوية عسكرية لسنا معنيين بالدفاع عن سلبيات أو أخطاء أو تقييم مجلس انتقالي الجنوب فلديه شارع عريض عليه تقع مسؤولية ذلك.
لكنه -شئنا أم أبينا- يكتسب وجوده من شرعية النضال والإنجاز، قد نختلف أو نتفق معه لكن من الحماقة عدم رؤية الأشياء كما هي.
إن ملايين الجنوبيين يصطفون خلفه وخلف قضيتهم منذ عشرين عاماً.. قد يقول قائل ليس هؤلاء قادة الجنوب. ليس من حقنا تحديدهم، لقد حسموا أمرهم، فلا داعي للوصاية وأسلوب التقييم الساذج واشتراطنا من يمثل الجنوب بمقاساتنا الخاصة.
على أقل تقدير لنقل نحن مع غالبية الشعب في الجنوب لتقرير مصيره ونكف عن الثرثرة في هذا الأمر.
في الحقيقة هناك أمر ينبغي أن لا نغفله في تشكيل قناعات العامة ومعظم الشارع، فكل قضايا الساعة من الحرب والتدفقات الجديدة فيها والتشظيات والتباينات كل ذلك لا يتم توصيفه وتوثيقه وتدقيقه بما هو عليه إطلاقا.
كل ما في الأمر أن قطاعا كبيرا من الجمهور يتلقى قناعاته عن ماكينة إعلامية ضخمة لجماعات النفوذ والعنف تعطيه رسائل خاطئة بأن ما يدور هي معارك وطنية وأن هذه المؤسسات هي الشرعية والوطنية واليمن الاتحادي ومخرجات الحوار... وغيرها من المصطلحات البائسة.
نحن اليوم في حرب وموت ودمار وإما أن تكون كل المؤسسات مبنية على أسس سليمة وتقوم بدورها وتدار من قيادة متواجدة على الأرض تكتسب مشروعيتها من شرعية الإنجاز والعمل والنجاح والتحرير والبناء.. أو أن تكون هذه القيادات ومؤسساتها وأدواتها خردة يجب كنسها بيد من حديد لمن استطاع إلى ذلك سبيلاً..
كم هو مهول حجم التضليل أن هناك معارك لحماية البلد تقوم بها هذه المعسكرات وهذه الأدوات.. لقد أصبحت الحرب في جوهرها حرب تصليل، وهو ما تحسنه هذه الأدوات بالإضافة إلى هبر الأخضر واليابس من موارد وقوت هذا الشعب المظلوم.
إن واجبنا مجابهة هذا التضليل دون خوف وكشف زيفه لأن هناك مخدوعين به محسوبين على الوعي والثقافة والسياسة والأحزاب والتيار المدني.
إن معركة الوعي هي أم المعارك ومربط الفرس.. لقد استطاع الحوثي تزييف وعي ما لا يقل عن مليوني يمني، وتأتي شرعية الفشل وجماعات العنف لتكمل مشروع التزييف.
إنهم جميعاً لا يمثلوننا أبداً، ومنهم كان الفشل والإفساد ولا يزال وسيستمر لو أننا سكتنا والتزمنا الحياد خوفاً على أنفسنا من ألسنتهم الحداد وسفهائهم وقطيع الجهل، وهذا محك واختبار لقدراتنا وقبله لضمائرنا والتصريح بما نعتقده صواباً.
*- عبدالستار سيف الشميري – كاتب يمني