لا أعتقد أنه بخاف على أحد أن الحرب في نطاق جنوب الجزيرة العربية هي صراع إرادات إقليمية ودولية بوجه سياسي وقفازات اقتصادية للهيمنة على الثروة والممرات الدولية للتجارة العالمية، ودون ذلك هو ذر الرماد على العيون. إذ تقف كل أطراف الصراع، وإن اتخذت اتجاهات متباينة، على مسافة واحدة من جوهر هدف الصراع الإقليمي الدولي بأذرعه المحلية، قديمها وجديدها.
تكمن بؤرة هذا الصراع على عدن كموقع جيواستراتيجي والمثلث الذهبي (حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى)، وهي بمثابة بؤرة ذلك الصراع القديم الجديد، منذ عهود السيطرة على الممرات وطرق التجارة، مروراً بعصر الذهب الأسود والغاز المسال.
من حظوظ منطقة الجنوب العربي بأن تشكل المحتوى الجغرافي والمخزون الكامن لهذه الثروة المتمثل في هذا المثلث الذي تتّجه اليوم بلب صراعها للسيطرة عليه، قبل أن تضع الحرب أوزارها، وتبدأ مرحلة التسويات على ما هو واقع، ومن هو فارض وجوده عليه. وتذهب الأطراف جميعها، بكل ما أوتيت من قوة، لفرض أمر واقع وامتلاك المثلث (الجوكر) في يدها للعب عليه بأريحية في جولات المساومات عند التفاوض.
الجنوبيون يحملون قضيتهم ويحاولون بسط نفوذهم كاملة على أرضهم استعداداً لهذه المرحلة المفصلية في صراعهم مع نظام الاحتلال اليمني، خصمهم اللدود، الذي بات يلهيهم بصراع جبهات الحدود ليستفرد بأهم منه، حضرموت وبقية أضلاع المثلث الذهبي. وما يجري في شبوة وسقطرى مروراً بوادي حضرموت والمهرة اليوم، ما هو إلا بدايات تشكلات تلك السحب الظلامية التي أرادت أن تغرق هذه المنطقة في طوفانها المخيف.
إن أمام القوى الجنوبية الوطنية، التي يتصدرها المجلس الانتقالي الجنوبي، ويمثلها سياسياً وعسكرياً، الاستعداد وأخذ الحذر في مسارات العمل، وتحديد الخصوم والأصدقاء بدقة، والفصل في الأمور دون مواربة أو تردد. فعامل الوقت لا يسعفهم نحو التريث، فالحسم هو عنوان هذه المرحلة.