العقل يحتار في استمرار بعض المصابين بلوثات عدم الإحساس والإدراك، ممن لايزال يتكلم عن اتحادية وأقاليم بعد حربين ضروسين دمرتا الحجر وقتلت البشر وخاصة الحرب الأخيرة والتي تصدر لها الحوثيون بمباركة من العفاشيين والإصلاحيين، العفاشيون وقفوا وآزروا عيني عينك، والإصلاحيون وبقية الأحزاب شمالية المنشأ والمهترئة اختاروا القفز إلى الضفة الأخرى للسيطرة والانتفاع من حليب النوق الصحراوية وخاصة أن لبنها كامل الدسم وغني بالبروتين، ولكي يحتوون الرئيس هادي حتى يسيطروا على القرار والجرار المليئة بالريال والدرهم والدولار.
أعجبُ ممن لا يزال ينعق نعيق الغربان مبشرا بالأقلمة تارة بالوعد بالمرحمة وتارة بالتهديد و(الهنجمة).
الحروب تترك جراحا لا تندمل بسهولة، والحرب الحوثية الأخيرة عمقت الجراح وأحدثت شروخا نفسية وسياجا من الإسمنت المسلح لدى أبناء الجنوب، فلذلك نقول لمن يحاول الاحتيال بالائتلاف أو تقديم الاعتلاف، نقول لهم كفاكم استحمارا واستثمارا في تجارة بائرة ولم تعد لها سوقا رائجة.
عن أي اتحادية وأقاليم تتكلمون وتهلوسون، ألم تقولوا في حرب 1994م عن اتفاقية العهد والاتفاق في الأردن الشقيق بعد أن هزمتم الجنوب، ألم تقولوا إن الوثيقة وثيقة خيانة؟ ألم تقولوا إن الحرب أنهت وثيقة الخيانة؟ هذا ما حصل من شيخكم الراحل وزعيمكم المقتول وباركتم القول وعمدتموه بالفعل!!
بل ووقفتم صفا واحدا كالبنيان المرصوص في وجه المناضلين الجنوبيين الدكتور محمد حيدرة مسدوس، والزعيم حسن أحمد باعوم وبقية المناضلين الجنوبيين حينما طالبوا بإعادة إصلاح مسار الوحدة.. ألم يقل صاحبكم وفرعونكم للمناضل مسدوس الوحدة بخير وعليك أن تعالج رأسك؟!
اليوم الحرب هي ذات الحرب بل وأشد وأنكأ وأنتم من خرجتم وانقلبتم على مخرجاتكم.. وجاء دور أبناء الجنوب وهم الملايين وغير المصابين بلوثتكم، جاء دورهم بعد أن عانوا من حربين شماليتين ضدهم دمرت وقتلت النفوس، ليقولوا لكم الحرب أنهت المخرجات التي أردتم من خلالها الالتفاف على أبناء الجنوب لإعادتهم لحكم المركز المدنس بكل شرور الدنيا.
نصيحة لمن يدور كالمجذوب من أبناء الجنوب ويسعى لتطويع الجنوب تحت مسمى الاتحادية.. نصيحة له أن يوفر الجهد والوقت والمال، فما سال وأروى الأرض هي دماء زكية والنفوس التي أزهقت على أيدي البغاة والطغاة هي أرواح طاهرة قُدِّمت قربانا لتحرير الجنوب واستعادة دولته وسيادته على أرضه. ومرحبا بالجوار بعد الحوار والتصافي بعد التعادي، ولكن على أساس الدولتين ومثلما كانت مدخلات الوحدة في عام 1990م هي دولتين واندمجتا، فإن ما بعد الحربين 1994م و2015م يجب أن تكون متوافقة والسنن الكونية وعلم المنطق. فلقد دخلنا اثنين وسيكون الخروج باثنين، أي دولتين، وما سوى ذلك فهو البغي والطغيان واستمرار نزيف الدم وذهاب الأنفس ويجب أن نحتكم للعقل والضمير، وأن لا تعمينا الأطماع غير المشروعة.. والسلام على من اهتدى وسلك سبيل الهدى.