عندما يصبح القلم مأجورا وبأرخص الثمن تصير الكلمة ركيكة المعنى فاقدة للهدف، ضررها على المجتمع أشد فتكا، هذا جانب.. الجانب الآخر الأقلام المأجورة تضع الأقلام الحرة في مرمى تلك القوى التي تستأجر تلك الأقلام الرخيصة هدفا لتلك القوى المريضة التي تزعجها وتقض مضاجعها أقلام الشرفاء، ولهذا مع كثر بائعي شرف المهنة وصوت الحق ثم يرافق ذلك إنشاء صحف صفراء تعمل على تشويش الحقيقة وخداع الرأي العام، ثم تأتي المرحلة الأخرى
وهي تفريخ واستنساخ الأحزاب، وتليها مرحلة تأسيس وتشكيل منظمة مجتمع مدني لتعطيل وتشويه منظمات المجتمع المدني التي تأسست وفق معايير ومقاييس، وتعمل قولا وفعلا في خدمة المجتمع بكل إخلاص وتفان.
لقد كان المجتمع يعول كثيرا على الصحافة المستقبلية التي يرى أنها ستكون معبرة عن همومه وتطلعاته، وستكون المدفع الذي يرعب الحاكم ويجعله لا يتجاوز حدود القانون ويحترم حقوق الأمة، باعتباره تحت المجهر.
الإعلام سلاح فتاك، والكلمة القوية والشجاعة المدوية يحتاجها المجتمع، وبعد فقدان تلك الكلمة وكسر إرادة القلم وفقدان الصحافة التي تسند المواطن وتدافع عن حقه يصبح الطريق سالكا للقوى الانتهازية في ممارسة أبشع أنواع الاضطهاد وتزوير الحقائق والدفاع عن العابثين وجعلهم يسرحون ويمرحون دون خوف وبتعالٍ وغطرسة.
وكي نؤكد حاجة المجتمع للصحافة التي تحترم شرف المهنة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف كان دور صحيفة «الأيام» الرائدة مرعبا ومخوفا لقوى النفوذ..
لقد حد من همجية تلك القوى إلى حد كبير، وكان دورها رائعا ومؤثرا أكثر من أكبر حزب برنامجه يتغنى بالدفاع عن المهمة.. فقد أدخلت صحيفة «الأيام» الرعب في نفوس قوى النفوذ من خلال الكلمة الشجاعة المدوية، لقد كان الفضل الأكبر بعد الله لصحيفة «الأيام» في إعادة الروح للشعب الجنوبي، وخلقت رأيا عاما، وأعطت زخما كبيرا للحراك الجنوبي الذي بدا بعدد الأصابع من الناس ثم أصبح كتلا بشرية هايجة تملأ الساحات في كل المناسبات حتى صار الحراك حركة شعبية جارفة من المهرة إلى باب المندب، ولهذا كانت الحملة الظالمة والانتقام من صحيفة «الأيام» بأبشع الممارسات والاعتداءات المتكررة حتى وصل الأمر إلى مداهمة الصحيفة عسكريا وإغلاقها بقوة السلاح بتهم كيدية وكاذبة يعرفها الجميع ومنها قضية المرقشي الذي لا زال في زنازين القوى الغاشمة بعد رحيلها.
ومن هنا على الجميع في الحراك وفي الجنوب عامة أن يعترفوا أننا لم نعط صحيفة «الأيام» حقها ولو حتى بنصف كلمة، وهذا عار يسجل في جبين الجميع، ولكننا على ثقة من أن الجميع يدرك دور «الأيام» ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، وستأتي اللحظة المناسبة للرجال الأوفياء لتكريم صحيفة «الأيام» التي كان لها الدور الأبرز في إعلاء وإبراز قضية شعب الجنوب العظيم..
تحية لكل الأقلام الشريفة والصحف والمواقع التي لا زالت تعمل بأمانة لخدمة الوطن والمجتمع.. والعار والغزي لبائعي الحبر بثمن بخس، وسيأتي الوقت المناسب وستكب مطبوعاتهم في الزبالة، وسيذهبون إلى مزبلة التاريخ بإذن الله، فحبل الكذب قصير.. والله من وراء القصد.