اجرت صحيفة عكاظ السعودية مقابلة صحفية مع الشيخ محسن بن محمد بن فريد الامين العام لحزب رابطة أبناء اليمن تحدث فيها عن مجمل الاوضاع على الساحة الوطنية الجنوبية ومؤتمر الحوار ,اكد على أن هنالك تحركات سياسية مكثفة هذه الأيام هدفها عقد لقاء جنوبي برعاية خليجية وأممية سيفضي لقيادة جنوبية موحدة للتفاوض حول القضية الجنوبية.
لأهمية المقابلة تعيد - شبوة برس- نشرها
س: ماهو موقفكم من الحوار الوطني ؟
ج: بدايةً ، الحوار هو الوسيلة الحضارية الراقية لحل مشاكل البشر بشكل عام.. فما بالكم عندما يكون بين الإخوان والجيران. مجلس التعاون لدول الخليج العربية قام بدور عظيم ومشكور بمبادرته التي كانت مصممة ومعنية بالدرجة الرئيسية حينها بفك الاشتباك ونزع فتيل الحرب بين القوى المتصارعة في صنعاء منذ بداية عام 2011. كما تجدر الاشارة هنا إلى الدور "الشخصي" لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في متابعة الشأن اليمني ، وذلك انطلاقاً من سجيته العربية والاسلامية. أما نحن كحزب ، وكحراك جنوبي ، فلم نكن طرف في المبادرة .. وبالتالي لم نوقع عليها. والحوار الوطني الذي بدأ في صنعاء في منتصف الشهر الماضي هو احد مخرجات المبادرة الخليجية . ولهذا ، تلقينا دعوة كريمة من مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتقينا بمعالي الأخ الدكتور الزياني، أمين عام المجلس، في 18ديسمبر2012 في الرياض وأكدنا له بأننا لانرفض الحوار في المطلق. ولكن حوار صنعاء " هذا" ليس هو الإطار او الآلية المناسبة لمعالجة " القضية الجنوبية " ، وحشرها ضمن عشرات القضايا الأخرى . الى جانب ان اللوائح والنظام الداخلي لحوار صنعاء الراهن لا يتيح ولا يمكن الجنوبيين من شيئ . وتمنينا على الدكتور الزياني ان يتبنى المجلس مبادرة ثانية خاصة بالقضية الجنوبية، تقوم هذه المبادرة على أساس تفاوض ندي بين الشمال من جانب والجنوب من جانب اخر، وان يكون هذا التفاوض تحت رعاية وإشراف وضمانة مجلس التعاون والأمم المتحدة، وان يتم التفاوض خارج " غابة السلاح " صنعاء . كل ذلك انطلاقاً من حق الجنوب في تقرير مصيره. وطرحنا نفس وجهة النظر عندما تلقينا دعوة كريمة مماثلة من معالي الأخ جمال بن عمر ، ممثل الامم المتحدة في اليمن ،والتقينا به في دبي في 9 من الشهر الماضي.
س: لكن هناك من يرى أنكم لا تمثلون الجنوب .
ج: ونحن لم ندعي اننا نمثل الجنوب . ولكننا نقول ونؤكد اننا جزء من الجنوب . ذلك الجزء الي يمثل الأغلبية في الجنوب . الجزء آلذي خرج في مليونيات متعددة في الأشهر الأخيرة، في عدن وحضرموت ومدن وقرى وسهول الجنوب، وعبر عن آماله وطموحاته في التحرير والاستقلال وإقامة دولة جنوبية فيدرالية تحقق الأمن والاستقرار والتنمية وتقيم علاقات ومصالح مشتركة مع الإقليم والعالم. وقبل هذا وذاك، فنحن ننتمي إلى أول حزب سياسي أنشئ في الجنوب ، هو حزب "رابطة أبناء الجنوب"، الذي اعلن في مدينة عدن في 29 أبريل 1951. وكان لهذا الحزب باع طويل في إذكاء المشاعر الوطنية لتحرير البلاد من الاستعمار البريطاني .. وفي الحركة الوطنية بشكل عام. ويمكن أن أقول باطمئنان بان حزب الرابطة هو "الأب الروحي" للجنوب. ولو استمع أبناء الجنوب لطروحات وتوجهات أولئك الرواد الأول لما وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.
س: إذاً ماهي رؤيتكم لحل الإشكاليات التي تعترض اليمن بكامله وبما يضمن بقائه موحداً ؟
ج: نحن من جيل كان يحلم ليس فقط بالوحدة اليمنية ، بل والعربية والإسلامية . ولكننا نتألم للتجربة الوحدوية المأساوية التي مررنا بها في ال22 سنة الماضية. فكما خرج شعب الجنوب عن بكرة أبيه في عا90 احتفالاً بالوحدة ، ها هو اليوم يخرج بالملايين متبرماً ورافضاً لهذه التجربة التي تحولت الى كابوس بالنسة له . ونحن نعتقد ان تجربة الوحدة قد انتهت بحرب صيف 94 ، تلك الحرب التي شنت على الجنوب وتم استباحته أرضاً وإنساناً وثروة ومؤسسات.
وهناك مقولة أصبحت شائعة اليوم تقول : " قبل عام 90 كنا شعب واحد ودولتين.. والآن نحن شعبين ودولة واحدة . "
واعتقد ان من الأفضل ان نعود كما كنا ، أي شعب واحد ودولتين . تجمع بيننا المصالح المشتركة وآلمتبادلة والمودة والاحترام بدلاً من الكراهية والاحتقانات وجدران عالية من الفرقة والبغضاء. وكلما أدرك الإقليم والعالم هذا الواقع المؤلم الذي نعيشه وساعد على تلبية مطالب وآمال أبناء الجنوب كلما قصرنا أمد المشكلة .. وأبعدنا الجنوب وأبناء الجنوب عن القوى التي تسعى الآن لاستغلال آلام وآمال أبناء الجنوب لتضع لها قدم هناك.
ولعل قيام الدولة المدنية الحديثة الفيدرالية في كل من الجنوب والشمال، القائمة على المشاركة الحقيقية في الحكم والثروة ، وعلى أكتاف الجيل الجديد من الشباب والكفاءات، وعلى العدل والمساواة والتنمية المستدامة، لعلها هي الحل لمعضلات ومشاكل بلادنا. وأود التأكيد هنا بأننا نريد لأبناء تهامة وتعز ومأرب وأب وصنعاء والبيضاء .. ما نريده لأبناء عدن وحضرموت وشبوة والمهرة وأبين ولحج والضالع. فنحن كلنا ضحية لأنظمة غير رشيدة تعاقبت على البلاد والعباد في العقود الخمسة الماضية.
س: لكن أمين عام الحزب الاشتراكي يرى ان الحل هو النظام الفيدرالي وليس الانفصال. ما تعليقكم ؟
ج: ذلك رأيه. وأنا احترمه . ولكنني اختلف معه. الى جانب ان لأعضاء الحزب الاشتراكي في الجنوب رأي غير رأي أمينهم العام. وطالما فتحت هذه السيرة ، لك ان تعلم يا أخي الكريم ان حزبنا كان الرائد في طرح البدائل العملية لازمة الوحدة منذ عام 1997. فقد قدمنا في تلك السنة مشروع كامل للحكم المحلي كامل الصلاحيات. وفي عام 2005 قدمنا مشروع للإصلاح الشامل يقوم على ضرورة تبني النظام الفيدرالي بدلاً من النظام المركزي . وفي يناير عام 2008 قدمنا مشروع لتقسيم البلاد الى خمسة مخاليف وصنعاء عاصمة سياسية وعدن عاصمة تجارية. وعلى ضؤ تزايد الاحتقانات في الجنوب وصعود مد الحراك الجنوبي ، قدمنا في شهر مارس عام 2010، ومن داخل صنعاء نفسها ، مشروع لتبني نظام فيدرالي بين الشمال والجنوب ، كآخر أمل يمكن ان يبقي على شكل من أشكال الوحدة. وقوبلنا في كل تلك المراحل بالهجوم والاتهامات بالخيانة والعمالة والانفصالية. وكماهو معلوم في العلوم السياسية ، فإن أي مشروع سياسي هو ابن ظروف ومعطيات زمنية معينة. وإذا لم يتم تبنيه والأخذ به يصبح هذا المشروع غير ذي جدوى . وهذا هو الحال الآن في الجنوب . ونحن لا يمكن لنا إلّا ان نكون مع أهلنا في الجنوب. وقد جلسنا ما يكفي من الزمن ك " جنوبيين مقيمين في صنعاء "
س: ماذا عن مشاوراتكم مع جمال بن عمر والزياني ؟
ج: أشرت في إجابتي على السؤال الأول الى ما تداولنا معهما حول جوهر القضية الجنوبية . وتم التوصل الى قناعة بضرورة عقد لقاء جنوبي/ جنوبي شامل يضم كل القوى المؤمنة والمتبنية للقضية الجنوبية وأهدافها برعاية مجلس التعاون والأمم المتحدة.. على ان يفضي ذلك الى رؤية جنوبية موحدة وقيادة جنوبية موحدة او تنسيقية . وحينها يمكن الذهاب الى اخر الدنيا للحوار او التفاوض حول القضية الجنوبية العادلة . وقد وافق كل من الزياني وبن عمر على تبني ورعاية هذا اللقاء الجنوبي . . وسيحدد مكان وزمان هذا اللقاء من قبلهما خلال الفترة القصيرة القادمة بإذن الله. ونحن نسعى الآن مع غيرنا لتشكيل لجنة تحضيرية جنوبية تشمل كل المكونات وفي المقدمة الحراك السلمي الجنوبي و المكونات الشبابية والمرأة والحكام ما قبل الاستقلال والشخصيات المستقلة .
س: هل تلقيتم وعود بتحقيق مطالبكم في الانفصال او ضمكم الى الحوار الوطني ؟
ج: عندما التقينا بالزياني في الرياض.. ثم ببن عمر في دبي اكد كل منهما على انه لا توجد لديه حلول جاهزة . و انهما لن يفرضا أي حل على أي طرف من الأطراف المعنية. و ان هذا أمر يخص الأطراف المختلفة والمتصارعة في بلادنا . وأكد كل منهما انه والمنظمة او الجهة التي يمثلها لن يكون الا عامل مساعد ومسهل لما تتفق عليه الأطراف المعنية. . و ان ما يهمهما ويشغلهما هو تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة .. و حفظ البلاد من الانجرار الى أتون العنف والصراعات الدموية.
س: ماهي علاقتكم بعلي سالم البيض ؟
ج: ليست لنا الان علاقة مباشرة بالأخ الأستاذ علي سالم البيض . وهو قد اختار على ما يبدو الانفراد بنفسه بعيداً، حتى الآن ، عن بقية الفصائل والشخصيات الجنوبية. اجتمع به رئيس حزبنا ، الأستاذ عبدالرحمن علي الجفري وعدد من الشخصيات الجنوبية الأخرى ، في تركيا قبل عام تقريباً، وذلك بهدف إقناعه لينضم لإصطفاف جنوبي واسع ( نسعى له منذ فترة ) يفضي الى رؤية جنوبية موحدة و قيادة جنوبية موحدة او تنسيقية . وقد وافق على الفكرة، إلا انه تراجع بعد ذلك. ولا تزال المحاولات والمساعي جارية لينضم للركب الجنوبي الشامل.. واللقاء الذي يسعى الزياني وبن عمر لعقده للجنوبيين في المرحلة القصيرة القادمة بإذن الله. ونأمل ان لا يتخلف عن هذا الحدث الجنوبي الهام والمصيري .
س: لكنه على ارتباط بإيران وجهات خارجية تسعى الى تحويل عدن والمدن الجنوبية بؤرة صراعات.
ج: نحن نؤمن إيمان كامل بأن الجنوب جزء لا يتجزأ من نسيج الجزيرة العربية. ولايمكن الا ان يكون كذلك. كما ان ذلك هو إيمان وقناعة كل شعب الجنوب. وقد عانى شعب الجنوب ودفع الثمن من جرّاء الزج به الى المعسكر الاشتراكي والحرب الباردة بين المعسكرين (الاشتراكي والرأسمالي) في الثلث الأخير من القرن الماضي. وشعبنا في الجنوب لم يعد يحتمل و لايمكن ان يقبل ان يُزج به مرة ثانية في محاور وصراعات اقليمية ودولية جديدة . نحن من الجزيرة العربية.. ولايمكن الا ان نكون جزء منها. ونتمنى مرة ثانية وثالثة على إخواننا في دول مجلس التعاون ان يدركوا الكارثة التي حلت بالجنوب وأهل الجنوب ، وان يتفهموا آمال وطموحات شعب الجنوب في تقرير مصيرة وتوقه الى حياة حرة كريمة. وبفعلهم هذا سيفوتون الفرصة على من يسعى للاصطياد في الماء العكر كي يمد نفوذه الى الجنوب و يحول مدنه وجباله الى بؤر للصراعات .
س: هل انتم تؤيدون العنف ؟
ج: لا. على الإطلاق . فالجنوب قد اكتوى بنيران العنف والصراعات بما يكفي . ان الجنوب ضحية اليوم للعنف الذي تحركه وتستغله وتستثمره أكثر من جهة داخلية ضمن الصراع في اليمن . والحراك الجنوبي السلمي الذي بدأ عام 2007 ، بدأ سلمياً، واستمر سلمياً، وسيستمر سلمياً. وعظمته ومصدر قوته سلميته .
س: ماهي توقعاتكم للحوار الوطني ولمستقبل اليمن ؟
ج: أتمنى للحوار الوطني في صنعاء كل النجاح. وأتمنى ان يتم تفاوض بين الشمال والجنوب ويكلل بالنجاح أيضاً . ولكن هذه أماني . أما واقع الحال ، فالبلاد لا تزال في حالة صعبة ومعقدة.. وفي حالة " مخاض" عسير . وندعو للرئيس عبدربه منصور هادي بالتوفيق والنجاح في المهمة الفدائية التي يتصدى لها. وهو في واقع الأمر في وضع لا يحسد عليه. ومستقبل اليمن مستقبل واعد إذا ما تضافرت جهود القوى الخيرة فيه و تمكنت من تجاوز هذا المخاض العسير . فشعب اليمن شعب صبور ومكافح وعظيم ويستحق افضل مما هو عليه الآن.