• يصر البعض على التعامل مع الجنوب كطفل امتلك لعبته الخاصة، فلا ينازعه فيه احد، ولو حاول أحدهم الاستئثار به، أو ان يحوز عليه، يبدأ بالبكاء والعويل، ويتحول الأمر إلى اتهام الآخر بالسطو واللصوصية، بينما يغيب عن ذهنه أن الجنوب للجميع وليس بالضرورة فهم الامر على انه منازعة وإنما هو من مبدأ المشاركة.
• هذه الحالة قد تؤدي إلى اضطراب في وعي وسلوك هذا المتثاقف، فيظن بأنه قد امتلك الحقيقة المطلقة، وأن لا أحد يضاهيه في حبه للقضية، ويتحرك في تأييده أو معارضته وفق هذا الأفق الضيق، فكل من حوله ليسوا بمثل إخلاصه، ليبدأ رحلة تصنيف خطوات ورؤى غيره ضمن خانة التبعية والعمالة والارتزاق، فيبدأ بكيل الاتهامات: أنتم مرتزقة، الانتقالي مجرد أدوات .. إلخ، وفجأة يتحول ملايين من البشر بجرة قلم إلى عبيد للإمارات.
• اعتبار هذا الأمر ضمن (حرية الرأي) فيه إجحاف شديد واستنقاص لملايين من شعب الجنوب الذين وضعوا ثقتهم في قيادتهم السياسية، والأمر لا يقف عند هذا الحد بل يتعداه نحو اعتبار كل تلك التضحيات والدماء تقع ضمن دائرة الـ(عمالة والارتزاق) فكيل الاتهامات بدون دليل أبعد مايكون مجرد رأي، وهو قد يرتقي فيي بعض الأحيان إلى مصاف الجرائم الالكترونية التي يحاسب عليها قائلها وعليه ان يتحمل تبعاتها.
• على أن الأمر الغريب هو اعتبار هذا المنطق بأنه (وجهة نظر) ومطالبة الآخر باحترامها ناهيك عمن يتطرف للمطالبة بتبنيها، وحينما يتصدر أحدهم للرد وتفنيد تلك الادعاءات تُكال له اتهامات على شاكلة" أنتم أقصائيين لا تتقبلون آراء الآخرين، كرهتمونا في الجنوب ...؟ وكأن الرد على ما سماه (وجهة نظر) جريمة!! مع أن الأمر لا يعدو كونه رأي مقابل رأي آخر وللمتابع والقارئ اختيار مايريد !!
• البعض يعتقد إنه جنوبي أكثر من الآخر، وأنه يمتلك الحق المطلق للتحدث باسم القضية، وأن بإمكانه وبكلمتين تسفيه آراء ملايين الناس، بل الامر يتجاوز ذلك لاعتبار أن دماء الشهداء وكأنها أخف من مشروب الـ (فيمتو).
• مبدأياً حينما تطالب باحترام رأيك عليك كذلك بالمقابل احترام آراء الآخر، من المزالق الذي يقع فيها المنتقد مخاطبة الآخرين بمبدأ (أنا اعلم باحداث لا تعرفوها) أو حتى عبر أسلوب (عقولكم القاصرة لم تفهم الأمر على حقيقته) هذه العقلية تسقط صاحبها في وحل الـ (أنا) الخطيئة الاولى للخلق، ومن هنا تبدأ الكارثة.
• لابد لنا أن ندرك أن الأمور لا تقاس بـ "أنا قدمت للجنوب أكثر منك" أو "أنا بدأت قبلك مشوار النضال وانت جئت بعدي" لو كانت الأمور هكذا لكان الكثير ممن سقطوا اليوم هم من يتصدر المشهد الجنوبي، ولو كان الفيصل من بدأ لألغينا قوانين كونية : الكفاءة، الاستحقاق...الخ.
• احترام البدايات امر لا نقاش فيه، لكن الأهم هو الثبات على المبدأ والاستمرار عليه، وهو أمر في غاية الصعوبة وهو مدار الحديث، فتاريخنا المعاصر مليء بقيادات تاريخية سقطت إلى الدرك الاسفل، وبقيت القضية حاضرة يحملها الرجال جيلٌ بعد جيل.
*- شبوه برس