منذ الإعلان عن الوحدة في 22 مايو 1990 كان لي وجهة نظر في نقطتين النقطة الأولى : الوحدة الإندماجية السريعة والفورية فكان لا بد أن تكون هناك فترة إنتقالية لمدة 5 سنوات على الأقل تبدأ بإتحاد فيدرالي بين الدولتين وإذا نجح يتم الإنتقال للوحدة الإندماجية أما إذا فشل فتعود الدولتان إلي سابق عهدهما قبل 22 مايو 1990
أما النقطة الكارثية الثانية فهي تحويل الجيش الجنوبي العالي التدريب والقدرة القتالية العالية والذي هزم الجيش الشمالي في 1972 و 1979 إلي المحافظات الشمالية لتتم إبادته هناك في الحرب الأهلية 1994
كان من المفروض أن تكون النظرة لدى قادة الجنوب أكبر وأشمل من ذلك , العاطفة وحدها ليست سببا لتسليم بلد بكل مقوماته ومقدراته العسكرية والإقتصادية لقيادات شمالية كانت تخطط للإستيلاء على الجنوب وإقصاء شعبه من أرضه وكل ثرواته ومقدراته الإقتصادية
وكان من المفروض دراسة التجارب العربية التي فشلت ليكون هناك خطة عودة للتراجع في الوقت واللحظة المناسبة
وكوني باحث درست تاريخ اليمن شمالا وجنوبا وتجربة الوحدة واللجان المشتركة بين البلدين من 1972 وحتى قبل الوحدة في 1990 كنت أشعر بهذا ولكن كنا دائما ولا زلنا نؤمن بإرادة الشعوب في تقرير مصيرها
وإذا ما رجعنا للتاريخ لوجدنا بون شاسع بين تكوين الشخصية الشمالية والشخصية الجنوبية
فقد كان الشمال تحت حكم الأئمة 364 عام منذ دولة الإمامة الزيدية الجارودية التي أسسها الإمام القاسم بن محمد عام 1898 وكانت عاصمتها صعدة وسميت بالدولة القاسمية
حتى دولة الأئمة الثانية في عهد الإمام يحي حميد الدين عام 1948 حتى ثورة سبتمبر 1962
أما الجنوب فقد كان تحت الحكم البريطاني 129 عام فقد أحتلت بريطانيا عدن يوم 19 يناير 1839 حتى قيام ثورة 14 أكتوبر المجيدة عام 1963
وما أريد الوصول إليه أن الجنوب ورث إدارة ونظام من المستعمر البريطاني
في حين ورث الشمال الصراع القبلي والغدر والخيانة والذل والإستكانة من دويلات الأئمة المتعاقبة
أما الغدر والخيانة فهو واضح وجلي في خيانة الشماليين للتحالف العربي وتحالف أخونجية اليمن مع ميليشيات الحوثي الإيرانية
أما الذل والإستكانة فهو رضوخ الشمال لميليشيات الحوثي التي تريد أن تعيدهم من جديد لعهد الجارودية الزيدية الشيعية التي حكمتهم في عام 1898 في عهد الإمام القاسم بن محمد
فشتان بين شعب قاوم الإستعمار البريطاني وطرد من أرضه أمبراطورية لا تغيب عنها الشمس في 30 نوفمبر 1967
وأباد ميليشيات الحوثي الإيرانية و أنهى حكم باب اليمن في 22 يوليو 2015
كان من المفروض لقادة الجنوب العودة لهذا الميراث الحضاري العظيم لشعب الجنوب الذي هو مصدر فخر لكل جنوبي وعربي قبل الدخول في وحدة مصيرية وبون شاسع بين شعبين متناقضين في الكفاح وقضايا التحرر والإستقلال
د. خالد القاسمي