الانتقالي الجنوبي لأول مرة يصدر بيانا بهذه اللهجة الحازمة، والشديدة، منذ تأسيسه في مايو 2017م، والتي تعبر عن المسؤولية التي حملها الانتقالي، ولا أقول ذلك من باب المجاملة لهُ، أو بعد خلاف معهُ، فمهما اختلفنا في بعض النقاط يبقى الهدف واحد، وتبقى دماء الشهداء أمانة في أعناق كل الجنوبيين في شتى بقاع العالم.
وقول الانتقالي، بالحرف، "لم نكن متسببين في هذه الحرب، إلا أنها فرضت علينا، وأصبحنا طرفا رئيسيا فيها ولا يمكن إيقافها بدوننا، والمبعوث الخاص ابتعد عن الطريق المعقول للحل نتيجة ضغط الشرعية والحوثي، لذلك فإن السيد مارتن جريفيثس يتحمل كامل المسؤولية المترتبة على المرحلة القادمة"، ينذر بأن الأمر سيتطور إلى السلاح، وباعتقادي الشخصي المتواضع، أن الشرعية هي الخاسر الأكبر من كل ذلك؛ فهي لا تملك أي تواجد على الأرض بتاتا.
أما النقطة الأخرى، والتي كانت أكثر أهمية، فقول الانتقالي إن "أي مشاورات أو مفاوضات لا نكون طرفا فيها فإننا غير ملزمين بأي مخرجات أو التزامات يتم الاتفاق عليها في هذه المشاورات أو المفاوضات من قبل أطراف ليست موجودة على الأرض، ولا تمثل تطلعات أهلها، ولن يتم تطبيق أي نتائج على أرض الواقع"، وهذه النقطة لوحدها كفيلة بنسف كل مخرجات الحوار الذي من المقرر أن ينعقد الخميس القادم في مدينة جنيف السويسرية، وتنسف كل جهود المبعوث الأممي مارتن جريفيثس.. يا للحسرة حقا!
فيما دعا الانتقالي، في نقطة أخرى، الشعب الجنوبي إلى "التعبير عن رفضهم ومقاطعتهم لأي مشاورات أو مفاوضات يتم فيها القفز على تطلعاتهم وتعمد تغييبهم وتهميش تاريخهم وإلغائه، وندعوهم إلى الخروج في كل مناطق الجنوب للتعبير عن ذلك بكل الطرق السلمية، وسيتم تحديد المكان والزمان عبر القيادة المحلية للمجلس في كل محافظة"، وهذه نقطة تدل على استمرار ما هو حاصل الآن من احتجاجات في الشارع الجنوبي ضد الحكومة.
أما فيما يخص قول الانتقالي "نؤكد على أن استمرار أي محاولة للقفز على الواقع في الجنوب، أو الالتفاف على قضية شعب الجنوب وتضحياته لن يكون مصيرها إلا الفشل"، فهذه مجازية، وكان الأرجح أن لا تُذكر إطلاقا، في تقديري.
وعن النقطة قبل الأخيرة، والأخيرة، واللتين قال الانتقالي فيهما "ندعو كل القيادات الجنوبية في الداخل والخارج إلى تحديد موقف واضح أمام شعب الجنوب مما يجري"، و"نؤكد لدول التحالف العربي أننا وبقدر التزامنا معهم في مساندتهم لدحر ذراع إيران في المنطقة، فإننا سندافع وبكل الوسائل عن قضيتنا الوطنية وشعبنا الجنوبي الصابر ومستقبلنا السياسي من عبث الشرعية وتهديدات جماعة الحوثي". فهاتان النقطتان في بالغ الأهمية؛ فالنقطة الأولى تقطع الشك باليقين بأن الانتقالي سيحتوي كل القيادات الجنوبية، ولن يكون هناك أي تمييز أو عنصرية، كما تروج له بعض الأطراف السياسية، أما فيما يخص النقطة الثانية فهي رسالة واضحة المعنى والدلالة إلى دول التحالف العربي، على أن الجنوبيين ليسوا لقمة سائغة، تُؤكل فترمى، فمثلما كان الجنوبيون أول المساندين للتحالف في البلاد منذ اندلاع الحرب في مارس 2015م، يجب على التحالف ألا يتجاوزهم، وأن يرد، ولو بجزء يسير، من الدين الذي عليه، فجل المكونات في اليمن، بطوله وعرضه، لم تقف مع التحالف غير الجنوبيين.. وهذا لا ترضاه العرب يا تحالف العرب!
*- علاء حنش