ذكر الكاتب والأديب "محمد ناصر العولقي" بموضوع نشره في مايو الماضي على صفحته الخاصة ولأهمية الموضوع التاريخية والقانونية والسياسية التي مارسها الإستعمار البريطاني في عدن والجنوب مقارنه بالإنظمة الوطنية زورا يعيد "شبوه برس" نشره :
في 3 مايو الماضي كتبت موضوعا في صفحتي في الفيس بوك وأعادت نشره (صحيفة محلية) حول قضية المواطن العدني هادي حسين الذي قتله العريف في الجيش البريطاني دنكان إيرفينج أثناء مناوبة العريف في حراسة أحد معسكرات جيش الاحتلال البريطاني في عدن في 24 ديسمبر عام 1964م ..
وقد قمت بترجمة حكاية القضية من إرشيف البرلمان البريطاني الذي قام با ستدعاء وزير الدفاع البريطاني حينها السيد فرد موللي واستجوبه حول هذا الموضوع في 15 فبراير عام 1965م بعد أن احتج عدد من النواب البريطانيين على ( محاكمة العريف دنكان إيرفينغ أمام محكمة مدنية وليس محكمة عسكرية بتهمة ارتكاب جريمة مزعومة في عدن أثناء قيامه بواجبه ) وتساءلوا ( لماذا يجب أن يتم تسليم هذا العريف البريطاني إلى هيئة محلفين من العدنيين بسبب عدم القيام بأي شيء أكثر من واجبه ؟ ) .
كانت سلطات الاحتلال في عدن ووزير الدفاع البريطاني هم الأكثر أحقية بالتستر على العسكري واعتماد روايته بأن المواطن هادي حسين قد تسلل الى المعسكر بنية التخريب أو السرقة لو كانت المسألة مسألة رغبات وأمزجة وتعصبات أو على الأقل إجراء تحقيق شكلي معه من قبل لجنة عسكرية إنجليزية وإيجاد له مخرج تحت أي مبرر ولكن لأنهم دولة ولأنهم يحترمون آدمية الناس ولأنهم قبل أن يكونوا مسؤلين فهم مواطنون صالحون تربوا على ثقافة احترام القانون وتطبيقه بأمانة وإنصاف سواء أكان الطرف الآخر على دراية به أو لا ولأنهم أيضا لم يصلوا الى مواقعهم في المسؤلية والسلطة إلا لأنهم يستحقونها فإنهم لم يسمحوا لأنفسهم سوى بعمل ما ينبغي عليهم عمله فأقاموا الإجراءات وأحيلت القضية إلى النائب العام في عدن ونتيجة لقراره ، في 26 يناير / كانون الثاني 1965م ، وكان رد وزير الدفاع البريطاني على النواب بأن العريف إيرفينغ أتّهم في المحكمة المدنية ( العدنية) بجريمتين : القتل العمد والتسبب في الموت من خلال عمل متسرع أو إهمال .. وهي من الجرائم المدنية ، وفي المملكة المتحدة والمستعمرات فإن الجنود الذين يُزعم أنهم ارتكبوا جرائم مدنية تتعلق بأشخاص مدنيين يُحاكمون عادة من قبل المحاكم المدنية )
وكان أقصى ما استطاع وزير الدفاع البريطاني تقديمه من مساعدة لعسكري الاحتلال البريطاني في عدن العريف دنكان إيرفينج هو أن نصّب له محاميا على حساب الوزارة للترافع دفاعا عنه أمام المحكمة المدنية العدنية فقط .
أذكر بهذه الحكاية مجددا هنا تزامنا مع ما تشهده عدن من حوادث وفوضى أمنية وجرائم اغتيالات يقف منها مسؤلو السلطات المختلفة الحكومية والسياسية والأمنية والشعبية موقف المتفرج تاركة المجال للذباب الألكتروني ليتهاوش بعضه ضد بعض وكأن المسألة تتعلق بفيلم سينمائي أو تسلية في مبرز قات !
المسؤلية هي أخلاق وأمانة احترام للذات وللمجتمع والثقافة والحضارة والقانون ومتى فقد المسؤول هذه الخصال أصبح المجتمع كله يعيش تحت هيمنة عقلية العصابة والهمجية وانفلات القيم والمعايير الأخلاقية والمباديء .