دخلت المنطقة (شمالاً وجنوباً) دائرة الشبهة منذ 11 فبراير 2011م، وتمثلت تلك الدائرة في مخطط استخباري دولي شمل المنطقة العربية التي تعرضت لحركات زلزالية دمرت كل شيء وأتت على الاخضر واليابس، وصولاً إلى سايكس بيكو (2) أو الشرق الأوسط الجديد الكبير..
المخطط الذي شمل هذه البلاد كان متعدد الأهداف منها انقاذ نظام علي عبدالله صالح وضرب الحراك الجنوبي الذي أتى أكله، وبدأ استهداف الجنوب عامة وعدن خاصة في مارس 2015م، وعرفت عدن “الفوضى الخلاقة” وهي صناعة أمريكية، ورأينا مشاهد رعب تجاوزت أفلام هيتشكوك: حصاد مر تمثل في قوائم طويلة من الشهداء والجرحى والمعاقين وأسطوانة انقطاع الرواتب، وهي ظاهرة دخيلة على عدن منذ 19 يناير 1839م (منذ دخول هينز الطيب الذكر قياساً بالأوغاد الذين شاهدناهم في منعطفات عديدة)، ومن الأسطوانات المشروخة: انقطاع الكهرباء والمياه وفيضان مياه الصرف الصحي التي غمرت كل مديريات أو معظم مديريات محافظة عدن.
أصبح في الساحة واقعاً غريباً: شرعية قوى انقلابية مكونة من علي عبدالله صالح وعبدالملك الحوثي وألغيت صفة الانقلابي عن علي عبدالله صالح اعتبارا من يوم الإثنين 4 ديسمبر 2017 وأصبح بعد هذا التاريخ حاملاً صفة “شهيد”، واللهم لا حسد..
وهناك ثلاث عواصم: صنعاء التي لم يجرؤ أحد على دخولها، وعدن التي تعرضت ولاتزال تتعرض لأعمال اغتيالات وتفخيخات في وضح النهار ولم ترصد حالة واحدة على الرغم من انتشار الميري والسلاح على امتداد كل أرجاء المحافظة، حيث تتحرك فرق الموت جنبا إلى جنب مع مسلحي المقاومة والبلاطجة، وهناك مأرب وفيها مائة ألف جندي بكامل أسلحتهم وعتادهم، وتتمتع تلك القوة بكامل مستحقاتها، وتنعم مأرب بالاستقرار فالغاز يباع بسعره الرسمي وكذا البترول والديزل ولا مجال للمقارنة بين أحوال عدن وأحوال مأرب.. مائة ألف جندي هناك لا تراهم إلا في استعراضات عسكرية وهي جاهزة كما قال المقدشي صباح الإثنين 5 فبراير 2018م لدخول عدن لضرب أي حركة انقلابية، في حين أن صنعاء والحديدة وتعز لا تزلن رهائن، أخبار تتحدث عن كر وفر وكلها مشاهد كرتونية هزلية مفادها الضحك على الذقون لابتزاز المال العام السعودي والإماراتي، ناهيكم عن أموال الارتزاق القادمة من الدوحة.. والفترة الممتدة من فبراير 2012 حتى فبراير 2018م لا تفسير موضوعي لها على الاطلاق.
تصريحات نسمعها من عدة مراكز كلها مثيرة للسخرية، فهذا علي محسن يتحدث عن الحاجة للوقوف معاً مع عيدروس وشلال لمواجهة الحوثي، وحديث آخر من قيادة محور تعز تدفع بألوية عسكرية إلى الجنوب..
أخبار لا نجد لها تفسيراً: الجيش والمقاومة يستعيدان مواقع استراتيجية في لحج وصعدة.. لاحظوا لحج المحادية لعدن وصعدة المحادية للسعودية، يعني أن الحوثيين هنا وهناك.. الحوثيون موجودون في مكيراس.
طارق محمد عبدالله صالح وآخرون من أسرة الرئيس السابق موجودون في عدن وآخر من وصل إلى عدن عبدالحافظ السقاف الذي أصبح عن يمين معاشق وعن شمال جولد مور بعد أن هرب من إب متخفياً (هكذا اقتضى الدور في السيناريو، سيناريو الضحك على الذقون).
نحن أمام مشهدين متغايرين: الرئيس هادي موجود في الرياض للعام الرابع على التوالي.. مدير عام مصافي عدن موجود في العاصمة الأردنية ومعه محافظ البنك المركزي والوضع المخزي للريال في مقابل العملات الأخرى كالدولار والريال السعودي.. جماعة صالح هاربة من صنعاء.. الحوثي في صنعاء ووضعه خارج عن القانون، هكذا يصورونه على الورق لكن على الأرض ومن وراء الكواليس هو الكل في الكل..
نحن نتحدث عن مناطق محررة، وفي عدن هناك عيدروس الزبيدي يتحرك بكل ثقة، وهناك الحكومة المقيدة الحركة، فمن الأجدر بالتفاوض؟ الحوثي الانقلابي أم الانتقالي الذي حرر منطقته أم المؤتمريون الهاربون من صنعاء؟
أما كلام علي محسن بأنه يريد عيدروس وشلال حشد قواهما معه للانطلاق إلى صنعاء لمواجهة الحوثيين ليكون مصير الجنوبيين نفس مصير المصريين، الموت غدرا..
أقول كما بدأت: اتضح الأمر، اتضح الأمر يا رفيق هادي، وجعلت الافتتاح بالروسي الفصيح والاختتام بالعربي الفصيح.
*- الأيام