لا يتغذى المشاركين في الحوار من المائة والمائتين دولار المدفوعة يوميا على حساب حوار وطني شامل فحسب.
قبل هذا، يُغفل جمال بنعمر، أن سياسة المضي قدما سياسة لا مثالية في معالجة الإنقسامات الاجتماعية والسياسية العميقة.
تنجح هذه السياسة الكلاسيكية، في حالة توفرت لها شروط موضوعية، ونتائج لا يمكن رفضها في معالجة أوضاع سياسية واجتماعية وثقافية، لا تستجيب، ولا تعتبر الخطوات السياسية القائمة تهديدا وجوديا لها. والجنوب ممثلا بحركته الاجتماعية والسياسية الواسعة يعتبر الخطوات السياسية الجارية في صنعاء تهديد وجودي لقضية الشعب الجنوبي.
كان على "بنعمر"، لزاماً عرض الحوار على الجنوب، وطالما وقد رُفض، الأجدى أن يفكر بحلول أخرى، عوض تجاهله، والمضي مع سلطات صنعاء قدما، وفي وضع لم يتوفر له أهم شرط نجاح، وهو مشاركة الجنوب بحراكه في الحوار.
تجاهل الرسائل المليونية، التي بعث بها الحراك واضحة في 13 يناير، وفي 18 يناير، 21 فبراير، وكافة الرسائل المليونية الأخرى، والتي بتصوري كانت كافية كي يتأكد بنعمر والمشاركين في الحوار، انه حوار لا يتوفر له شروط نجاح، ونتائجة التي تسفر عنه، ولا يشارك أهم طرف معني بها وبالتغيير والمستقبل الذي يتحدث عنه الرئيس هادي، هي نتائج طرف واحد، وبالتالي لا تحقق الشراكة الوطنية في صناعة ما يدور حوله.
يدرك المشاركين في الحوار، أن جلساتهم بدون الحراك لا معنى لها، ولا ادري كيف يشاركون في أزعومة صناعة مستقبل حرص الحراك الجنوبي على تجاهله، الحراك الذي بدونه هم وحوارهم، مسرحية هزلية.
تكيُف المشاركين مع حوار يتجاهل مليونية أمس في عدن، يجعلنا - نحن اصحاب الحقوق في الجنوب- نضع ألف خط تحت حوارهم، ليس لأنه حوار عوائل، ولا يتوافر على البعد الوطني لتمثلنا كشعب، وإنما أيضا على ما يتغذى منه هذا الحوار على كافة الصعد الحقوقية والوطنية.
فالحوار بشكله الحالي لا يتغذى، من مسؤولية وطنية واخلاقية وحقوقية، وإن كان كذلك، كيف نبرر حجم العوائل والقرابات في قوامه، والأهم كيف نبرر مشاركتهم وهم يشاهدون مليونيات الشعب الجنوبي ومطالبه في هذه المرحلة، التي رفض فيها المشاركة.
لم يحترموا مظاهرات الشعب الجنوبي المطلبية والحقوقية طوال الست السنوات الماضية، ويتوجونها بالتجاهل، وبسلسلة ممتدة من التغاضي والتبرير وعدم التفهم لمطالبه الحالية، فما بالنا بالحقوقية منذ حرب صيف 94.
يسير على المرء أن يشاهد نصف قائمة المشاركين في الحوار على الأقل، ممن شاركوا في نهب وتفيد أراضي الجنوب.
ويسير على من خرجوا في المليونيات الجنوبية، من فقراء وعراة وبسطاء ومحرومين من كل حقوقهم، أن يتعرفوا على ناهبيهم، اصحاب السوابق وباسطي الأراضي ومدمري ثقافته وتراثه وهم مقدمة المشاركين في قائمة الحوار، فهم يجيدون القراءة.
قد يخضع بنعمر، وقادة المشترك، وعلى وجه التحديد ياسين والعتواني، لشروط وهيمنة مراكز القوى حولهم في صنعاء، "ويتعامسوا عنها"، ولكن ليس من حقهم فرض هذا الأمر على الحراك وشبابه ونسائه وكهولة ايضاً.