مُخجل حديث ممثل قطر في اجتماعات وزراء الخارجية العرب، مُخجل إلى حد لا يكاد يجد له مواطن عربي في العراق أو اليمن أو سوريا أو لبنان وصفاً يتلاءم مع منح عضو من أعضاء الجامعة العربية شارة (شرف) لدولة اتخذت منذ ظهورها السياسي العداء للعرب، فما زال العرب يتداولون يوم (ذي قار) على ألسنتهم بين مُفتخر وبين مُذكر بما يحمله الفُرس في صدورهم من غِلّ على كل ما هو عربي، ولا شك أن ما حدث بين مندوبي دول الرباعية العربية في الجامعة العربية ومندوب قطر يُعبر عن صدمة المواطن العربي في اعتبار إيران شريفة وهي التي مزقت لبنان وأغرقته في حروب لم يجنِ منها غير تدمير البنية التحتية التي تكفلت بإعادة إعمارها السعودية والإمارات والكويت، وكذلك المواطن السوري الذي تشرد وفقد أهله وأرضه وحياته عندما أغرقت إيران سوريا بكل أنواع المليشيات الطائفية لتمزق كل ما في سوريا من لُحمة وطنية إلى أن جعلت من سوريا أشلاءً.
مواطن يمني مشمئز من ذلك المندوب القطري، فاليمني مصاب ابنه الصغير بالكوليرا، التي تسبب فيها الحوثيون الذين أمدتهم إيران بالسلاح الثقيل ودعمتهم وهم يخرجون كالزواحف من جحورهم في جبال مران على جبال صعدة، فزحفوا حتى أسقطوا المُدن واحدة بعد أخرى، فأسقطوا العاصمة صنعاء وتوجهوا إلى عدن لغزوها كما فعل التتار يوماً ببغداد.
عمائم الحوثيين لم يحصد منها ذاك المواطن غير قمائم انتشرت في صنعاء وأزقتها، خرجت الكوليرا من حيث فشلت إيران وذراعها الحوثي ليصيب أكثر من نصف مليون يمني، ويهدد ملايين آخرين بالمجاعة، فقر وحرب وجوع هذا حصاد اليمن من شرف إيران الذي خرج من فم مندوب قطر.
في العراق مواطنة عراقية أصيبت بنوبة من البكاء عندما سمعت بحديث مندوب قطر عن شرف إيران، فلقد عرفت العراقية إيران منذ الطلقة الأولى التي كان فيها العراق درعاً للعرب من مطامع آية الله الخميني، ذلك الشرف الإيراني هو الذي أغدق على العراقيين بأبشع أنواع القتل التي قامت بها عشرات المليشيات الشيعية عندما أطلق لها الحرس الثوري الإيراني العنان لتفتك بكل ما هو عراقي على تراب العراق.
شرف إيران الغارق في وحل عار التدخل السافر في البحرين وتهديد أمنها بشكل مباشر لم يتوقف بغير تدخل قوات درع الجزيرة، شرف إيران في دعمها الفئات الضالة في العوامية شرق السعودية، شرف إيران في حرق السفارات أو في رفع حجاجها الشعارات السياسية في المشاعر المقدسة، شرف إيران المدنس هو ذلك الذي ارتضى أن يُسمي أحد شوارع طهران باسم (الإسلامبولي) قاتل الزعيم المصري السادات استفزازاً لشعب مصر الكرام.
لن يدرك مندوب قطر أنه بوصفه إيران بالشريفة أنه جرح ملايين العرب الموجوعين من إيران وسياساتها وما تسببت فيه من تدمير لأوطانهم وتفريق لأبنائهم عبر أذرع إيران الإرهابية حتى افتضاح علاقة النظام الإيراني مع «داعش» بعد صفقة نقل الإرهابيين من لبنان إلى دير الزور السورية بتدخل من حزب الله، لم تعد الحقائق المُخزية للتدخلات الإيرانية بمخفية، كذلك لم تعد تمويلات الإرهابيين عبر الأموال القطرية بالتي يجدر أن تستمر وعليها أن تتوقف فلا مكان لممولي الخوف والرعب في المنطقة العربية كلها. ما حدث في الجامعة العربية من الدبلوماسية القطرية انعكاس لمدى تخبطات الدوحة وسياساتها تجاه العرب وما موقف الرباعية العربية سوى الواجب المحتم لصيانة الجسم العربي من هذا الداء القطري الذي يرى في إيران أنها عنوان للشرف في تعبير مقيت أصاب المواطن العربي بالحزن على ما بلغه حكام قطر من حالة يرثى لها.