يبدو أن قدر محافظة أبين أن تدفع على الدوام ضريبة انتماء بعض قيادات البلد إلى جغرافيتها، حتى وإن لم تنل منهم ما تناله مناطق الزعماء الآخرين (صغاراً وكباراً).
كان الشهيد سالمين عليه رحمة الله يوزع الخيرات القليلة في زمنه على كل الوطن وبتفوقه الأخلاقي الرفيع هذا استطاع أن يمثل فعلا كل الوطن بغض النظر هن المآخذ القليلة على فترة حكمه التي لم يكن وحده السبب فيها ، تلك الفترة التي تمثل الفترة الذهبية في تاريخ الجنوب الحديث.
وعندما جاء الرئيس علي ناصر محمد لم تنل ابين ما نالته بقية المحافظات من اهتمام الرئيس وزملائه.
وما يميز تلك الفترة أن الزعماء حتى عندما كانوا يتصارعون لم يكن المنتصرون يعاقبون منطقة المهزومين، وأجزم أن أبين نالت من الاهتمام والرعاية بعد الإطاحة بالشهيد سالمين والرئيس علي ناصر أكثر مما نالته في عهديهما ويمكننا تذكر مشرع الكهرباء الموحدة وطريق ثرة وساحة الشهداء ومستشفى الرازي والمشاريع السكنية في زنجبار وجعار ولودر ومودية وغيرها مما جرى تدميره بعد كارثتي ١٩٩٠م ١٩٩٤م.
قبل ان يتسلم الرئيس هادي مقاليد الرئاسة في العام ٢٠١٢م (وكما جاء على لسانه) كان الرئيس هادي ومعه آخرون قد اعترضوا على مقترح الرئيس صالح بقصف ساحة التغيير بالطيران عندها قال له صالح ما معناه: طيب يا ابو جلال انتظر الرد قريبا!
ولم تمض يومان حتى تم تسليم أبين بكل مدنها ومعسكراتها ومخازن أسلحتها مصنع الذخيرة وبكل العدة والعتاد لمائتي مقاتل ممن أطلق عليهم حينها "أنصار الشريعة" وبعض الضرفاء سماهم "أنصار الشر" والبعض سماهم أنصار "الشرعية" (طبعا المقصود هنا شرعية الرئيس علي عبد الله صالح).
اليوم يتكرر نفس المشهد من جديد فحينما يتصارع صانعو القرار يدفع الثمن أبناء مناطقهم والمقصود هنا أبناء منطقة الرئيس، الذي لا اتصور انه يفكر بالانتقام من أبناء مناطق من يتصارع معهم لأسباب كثيرة لا يتسع الحيز لتناولها.
يدور حديث هذه الأيام بين الكثير من المتابعين عن كثب للأوضاع في أبين ان هناك خطة جديدة لإعادة تسليم أبين للجماعات " المتشددة" وهو ما يعني أن الأوبئة المنتشرة وتراجع الخدمات وانهيار بعضها وتراجع حضور السلطة التنفيذية والقضائية والأمنية، كل هذا لم يعد يكفي لتهديد ابين وأن على أبناء أبين أن ينتظروا الأسوأ والأكثر سوءً مما هم فيه اليوم.
ويقول أبناء أبين إنه لو اقتصر الأمر على الأوبئة لهان الأمر إذ يمكن اعتبارها قدر منزل من السماء لا بد من القبول به أو مقاومته والتصدي له بالممكنات المتوفرة، لكن ما يتهدد ابين من جديد هو ما يجري حياكته في الخفاء من قبل مراكز قوى داخل سلطة الشرعية بالتنسيق مع اطراف انقلابية لتسليم ابين من جديد للجماعات الجهادية المتطرفة ويبدو انه الكارثة القادمة التي تهدد ابين وابنائها الذين تعودوا التصفيق للحق والباطل بكل اسف ستكون أكثر تراجيدية وتدميرا من كل سابقاتها.
يا فخامة الرئيس!
نعرف أنك لست وحدك من يتحكم بصناعة القرار ونعرف ان لك شركاء يعرضونك للابتزاز حتى يمرروا ما يريدون، لكننا نعرف أنك تستطيع أن تقدم جهدا ليس خرافيا ولا أسطوريا، بل جهدا عاديا تعري فيه هؤلاء المبتزون الذين يمنون عليك بأنهم من أوصلك إلى كرسي الرئاسة، وصدقني أن أبناء أبين سيصفحون عن كل عيوبك عندما يشعرون ان تحميهم وتقدم لهم ما ينفعهم.
سيادة الرئيس.
إن أبين تستعد لمشهد ٢٠١١م من جديد فهل نستطيع الرهان عليك في إنقاذها قبل ان تحل الكارثة أم أن علينا ان ننسى أن ابين جزء من هذه البلاد المنكوبة والتي تدفع على الدوام ضريبة باهظة لانتماء الرئيس إليها دون أن تنال شيئا من فوائد هذا الانتماء؟؟؟
_________________
* من صفحة الكاتب على فيس بوك