الان فقط وعلنا سيعلم وسيرى العالم أجمع حجم وشكل قطر الحقيقي الخالي من الرتوش و الأقنعة الزائفة التي كانت تخفي ورائها دولة كرتونية هشة لا تمتلك أبسط مقومات و أساسيات الحياة, أنا وكغيري الكثيرين من العرب و العجم ذهلنا من حجم ذلك الإعتماد الكبير لقطر على أشقائها الخليجين حتى على مستوى مياه الشرب , منفذ سلوى الحدودي مع السعودية هو بالأساس منفذ تجاري تمويني بالدرجة الأولى لصالح قطر , ناهيك عن الأغراض و الاستخدامات الأخرى للمنفذ كالمسافرين وغيره , يعني ذلك بأن السعودية كانت شريان الحياة المتدفق بإستمرار لتعيش قطر بحياة مستقرة و هادئة , ناهيك عن الإعتماد الكلي على الموانئ البحرية السعودية و الإماراتية وغيرها من موانئ و مطارات دول الجوار .
ستنتهي الأزمة لا محالة و سترضخ قطر بنهاية المطاف بسبب أنها قد ألتزمت ووقعت سابقا مع الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بضرورة الإلتزام بسياسة دول مجلس التعاون الخليجي , ما تفكر به قطر الان وهي في وضع لا يحسد عليه هو أنها تأخرت كثيرآ بتنفيذ تلك الالتزامات و العهود التي كانت ستجنبها هذا الوضع الكارثي , لم تدرك قطر حجم ما ستجنيه من خطورة إستمرارها و المضي قدما في تلك العلاقات المشبوهة مع ألد أعداء دول الخليج وهي إيران , دول الخليج لم تتدخل بالشأن الإيراني على مر العقود المنصرمة و كانت العلاقة بين تلك الدول و إيران علاقة مبنية على الإحترام و حسن الجوار , ولكن كانت لإيران مطامع كبيرة بدول الخليج ومن تلك المطامع تحريض الشيعة المحليين وغيرهم من المعارضين ضد حكوماتهم و مساعدتهم عسكريا و ماديا و إعلاميا و لوجستيا للإطاحة بتلك الأنظمة ولو بقوة السلاح .
ما يؤخد على دول الخليج هو عدم أخد الحيطة و الحذر منذ وقت مبكر حيال نشاطات إيران التآمرية و السماح لها بفتح مكاتبها الثقافية المشبوهة وكذلك السكوت عن نشاطات سفرائها و السماح لهم بالالتقاء بشخصيات شيعية محلية بتلك الدول بأريحية مطلقة وهذا خطأ فادح وقعت فيه تلك الدول الخليجية سابقا .
لن تعود قطر كسابق عهدها وسيكون ذلك التغيير تدريجي لحفظ ماء وجهها أمام القطريين و العالم , إنكسرت شوكة قطر و للأبد وظهر للعلن حجمها الطبيعي الرفاهي الكمالي الإعتمادي كليا على دول الجوار الخليجية , كانت قطر تطمح بلعب دور عالمي أكبر بكثير من حجمها مستغلة فائضها المالي الكبير وغياب الدور الأمريكي الرادع في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق أوباما .
ما ستقوم به إيران و تركيا من مد يد العون و المساعدة ولو بصورة رمزية سيكون نتائجه العكسية كارثي بالنسبة لقطر إقليميا و دوليا , تلك المساعدات ستكون دليل قاطع على صحة و مشروعية القرارات الخليجية و العربية و ردود الفعل الفرنسية و الألمانية كانت واضحة حيال دور قطر المشبوه على المستوى الإقليمي و الدولي من خلال تلك العلاقات الغير سوية مع دول تقوم بدعم صريح وواضح للمليشيات و الجماعات الإرهابية كإيران , لن تستطيع إيران و تركيا كسر العزلة القطرية سوى في الجانب التمويني فقط وسيكون مكلف جدآ وسيخلق نوع من الاختلال التمويني على المدى القصير , ستضطر قطر و القطريين على الإعتماد على منتوجات أخرى غير تلك المنتوجات التي كانوا معتادين عليها سابقا مما قد يسبب لهم إنتكاسة معنوية و نفسية تضاف إلى إنتكاسة تحول دولتهم لجزيرة منقطعة عن العالم إلا عن طريق البحر و الجو , حتى المنفذ الجوي القطري ستتغير ملامحه بسرعة كبيرة بسبب إغلاق جميع الأجواء لدول الجوار بإستثناء عمان أمام الطيران القطري و ستعتمد خطوط الطيران القطرية على أخد مسارات جديدة و طويلة مكلفة إقتصاديا و مرهقة بدنية للمسافرين .
تنقل القطريين عبر الجو و البحر سيسبب لهم حالة نفسية و إنهيار معنوي كبير بسبب حب الشعب القطري للسفر برا و خصوصا للسعودية و الإمارات وغيرها من دول الخليج لما تربطهم من علاقات إجتماعية و أنساب قبلية مع قبائل و أفراد تلك الدول , بسبب صغر مساحة قطر سيشعر القطريين بأنهم داخل سجن وليس دولة وهذا الشعور سيأتي بعد مرور الشهر تقريبا على الحصار المفروض على قطر , بعد الشهر تقريبا ستظهر نتائج ذلك الحصار على المستوى الإقتصادي و المالي وكذلك ستظهر ملامح المزاج الشعبي القطري الرافض لسياسة حكامه التي أفضت لهذا الوضع الكارثي التي لم تمر به قطر من سابق .
كلما طالت مدة الأزمة و الحصار كانت في غير صالح الحكومة القطرية حيث ستظهر أصوات جديدة مناهضة للحكومة القطرية و سياساتها وهذه المرة ستكون من الداخل القطري وليس من خارج قطر , على الحكومة القطرية إختصار المسافة و الوقت و إنهاء الازمة سريعا مع دول الخليج و العرب قبل أن تأخذ الازمة القطرية منحى أخر أشد صعوبة و خطورة من المنحى الحاضر بسبب تدخل دول و منظمات حقوقية و غيرها قد ترفع دعاوي جنائية أو حقوقية ضد دولة قطر في المحافل و المحاكم الاقليمية و الدولية كداعمة لدول تمول بعض الجماعات و المنظمات الإرهابية كإيران .