المُكلا.. بعد عام من تحريرها

2017-06-07 08:12

 

24 أبريل 2016م كان موعد انطلاق عملية تحرير ساحل حضرموت من عناصر تنظيم القاعدة الإرهابية التي كانت قد سيطرت على عاصمة حضرموت بعد انطلاق «عاصفة الحزم» بأسبوع واحد، وفي هذه الذكرى الأولى لابد وأن نقرأ عملية التحرير وفق معطيات الحاضر الذي يخوض فيه التحالف الدولي عمليات عسكرية واسعة في الموصل العراقية والرقّة السورية، فالمُكلا كانت في ذات النطاق غير أن العملية العسكرية كانت أكثر دقة وسرعة في التنفيذ.

القوة (السعودية - الإماراتية) الخاصة نفذت الهجوم بعد أن أعدت قوة من أفراد النخبة الحضرمية جرى إعدادها على مدار عام كامل في معسكر رماه، تُعد هذه القوة الحضرمية نموذج صحيح لما قررته الحكومة بعد تحرير العاصمة الجنوبية عدن (يوليو 2015) فلقد تقرر تأسيس قوات من أبناء المحافظات لتتولى تلك القوى عمليات التحرير ثم استلام الأمن في المحافظات، نجحت الفكرة تماماً في حضرموت، تحمل اللواء فرج سالمين البحسني قائد المنطقة العسكرية الثانية المهمة الميدانية بالتنسيق مع التحالف العربي.

 

عمل التحالف العربي على مدار عام كامل بزرع عناصر استخباراتية على طول ساحل حضرموت، فلقد كانت مدن (المُكلا والشحر وغيل باوزير والديس الشرقية) تحت مراقبة دقيقة لرصد مواقع العناصر الإرهابية ومخازن السلاح، وكان التحدي على القوة السعودية والإماراتية الخاصة في تجنيب ما يزيد عن 750 ألف نسمة خطر العمليات العسكرية، ولذلك فلقد وضعت خطة تشمل كل الاحتمالات التي تراعي المدنيين أولاً.

كانت المخاوف من أن تقوم عناصر تنظيم القاعدة بتفخيخ ميناء الضبّه النفطي في المُكلا واحد من أخطر التهديدات المباشرة، ولذلك فلقد تم التعامل مع هذا الميناء عبر عملية خاصة، كما أن الخطة العسكرية تركت مجالاً مفتوحاً لهرب العناصر الإرهابية من المدن الرئيسة وعدم مواجهتها في الأحياء السكنية وذلك لحفظ أرواح المدنيين.

 

عام من تحرير المُكلا لم يكن عاماً سهلاً في التعامل مع ما خلفته عناصر تنظيم القاعدة من خلفها، وقعت عدة هجمات انتحارية استهدفت جيش النخبة الحضرمي، ومع الأيام الأولى تأكد للجميع أن التهديد الأمني يعد هو التحدي الذي على قيادة المنطقة العسكرية الثانية معالجته والتعامل معه، وهذا ما حدث بالفعل، وعلى الرغم من مرور عام فما زال التهديد الأمني هاجساً موجوداً في ظل عدم استكمال تطهير وادي حضرموت الذي تتواجد فيه مجاميع إرهابية مسلحة تتحصن في عدد من مناطق الوادي الحضرمي.

 

دور الهلال الأحمر الإماراتي ومركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية كان وما زال الأساس في حفظ ما يُمكن لتتجاوز حضرموت هذه المرحلة، فلقد وصلت المساعدات العاجلة بعد التحرير، وعلى مدار عام أسهمت دولة الإمارات في إعادة المؤسسات الصحية والتعليمية لتعود لممارسة أدوارها مما أسهم بشكل واضح في تطبيع الحياة في ساحل حضرموت، وعلى انتظار إعادة تشغيل مطار سيئون ستبقى حضرموت في معاناتها فما وقع عليها من ظلم يحتاج معالجة وطنية ترتكز على ما تمثله حضرموت من قيمة حضارية وإنسانية ضاربة في عمق التاريخ البشري.