الأموال القطرية في اليمن.. ماذا عنها؟

2017-06-01 12:11

 

اليمن الفقير وجد في جيرانه مُعيناً على نوائب الدهر، ففي العام 1982م وقع زلزال ذمار الذي كان مدمراً وذهب ضحيته مئات من السكان وسقطت الآلاف من المنازل، قدمت آنذاك السعودية والكويت معونات عاجلة للتخفيف من أثار الزلزال، كما حدث في حضرموت كذلك إبان فترة حكم اليمن الجنوبي (1967م ـ 1990م) عندما أصابت السيول مدن الساحل الحضرمي فقدمت السعودية والكويت مساعداتها المعروفة والتي مازال الأهالي يتذكرونها برغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً.

 

في العام 1986م قدم الشيخ زايد آل نهيان رحمه الله لليمن سد مأرب بكل ما يحمله من رمزية تاريخية للعرب، وبكل ما تحمله يد الإمارات من معروف لأشقائهم في اليمن وغيرها من البلدان العربية، وليس من المجهول أن كثيراً من المنشآت الصحية والتعليمية قدمتها دولتا السعودية والكويت في السبعينيات والثمانينيات الميلادية من القرن العشرين الماضي، وهذه جهود غير مُنكرة ومازالت باقية يستفاد منها.

 

ظهرت دولة قطر في السنوات العشرين الأخيرة كقوة اقتصادية صاعدة، توسع نفوذها الاقتصادي في مناطق كثيرة، لم يظهر المال القطري في اليمن من خلال مشروعات استثمارية أو حتى خدماتية بل ظهر في تنامي أموال وصعود شركات تابعة لشخصيات قيادية في جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم الشيخ القَبلي حميد الأحمر، في سنوات قصيرة صعدت هذه القوى الحزبية اقتصادياً وتحولت إلى قوة مالية لا يُستهان بها، فاليمن الذي يعيش في مستويات الفقر تتنافس فيه شخصيات نافذة في امتلاك حصص كبيرة في شركات ومؤسسات عالمية.

لعبت قطر دوراً في صفقة شراء عدة جزر في البحر الأحمر بين أعوام 2007م ـ 2009م، كان التنافس على تلك الجزر بين إسرائيل وإيران، دخلت قطر في المنافسة وحصلت على الجزر واحدة منها على الأقل تحت سيطرة أفراد من حزب الله في 2017م، هنا يظهر جزء من المال القطري، وتظهر أجزاء أكبر من تأثيره المباشر في اليمن.

 

صفقة تحاول أن تعقدها قطر وهي فرض الإخوان في اليمن الجديد، مقابل عروض سخية بتمويل مشروعات إعادة الإعمار، ولذلك تستضيف المئات منهم وتدعم إقامة غيرهم في إسطنبول وأنقرة، هذه الشخصيات الإخوانية اليمنية تنشط منذ انطلاق عاصفة الحزم في تقديم التقارير المغلوطة المسيئة للتحالف العربي بشكل متعمد، يعمل في نطاق ذلك أحمد الشلفي الذي يدير في قناة الجزيرة القطرية الملف اليمني مع سعيد ثابت وهما الشخصيتان الرئيسيتان المسنود عليهما دعم القنوات التابعة لحزب الإصلاح والتي تبث من تركيا بالمواد الإعلامية (سهيل ويمن شباب وبلقيس) وهي قنوات تحمل سجلاً زاخراً بالاتهامات والإساءات للسعودية منذ 2011م وحتى الآن ومازالت هذه القنوات الممولة قطرياً تغرق ساعات البث بمواد فيلمية وتقارير ولقاءات تتضمن الإساءة المتعمدة تحت غطاء قطري.

 

العمليات التي نفذتها طائرات أمريكية بدون طيار واستهدفت مواقع وسجوناً خاصة بتنظيم القاعدة كشفت عن حقائق جديدة صادمة تؤكد المستوى العالي من التنسيق بين كل من (حزب التجمع اليمني للإصلاح) و(تنظيم القاعدة بجزيرة العرب) فلقد كشفت تلك العمليات عن استخدام التنظيم والجماعات الإرهابية الموالية له، منازل ومقرات تابعة لحزب الإصلاح كمعتقلات سرية للمختطفين الأجانب في اليمن، باعتبارها مواقع آمنة، ومحمية من قبل شخصيات إصلاحية نافذة وذات تأثير في (السلطة الشرعية اليمنية)، وبحسب ما تم رصده فإن العمليات الأمريكية التي تمت في اليمن لتحرير رهائن أجانب من قبضة القاعدة استهدفت منازل ومقرات تابعة لحزب الإصلاح في مؤشر بالغ الدلالة على التنسيق بين القاعدة والإصلاح والذي يندرج في إطار عملية (تبادل الأدوار) بين الجانبين. إذ يتولى الإخوان مهمة تأمين المختطفين الأجانب من محاولات تحريرهم عبر العمليات الجوية الأمريكية، إضافة إلى تولي قيادات أخرى في (حزب الإصلاح) مهمة تهريب سجناء (القاعدة) من السجون كما حدث في سجون (صنعاء، الحديدة، رداع، عدن، تعز، لحج، المُكلا).

 

عادةً ما يتم تسييل ملايين الدولارات القادمة من قطر عبر الجمعيات الخيرية التي يسيطر عليها الإخوان في اليمن شماله وجنوبه، هذه الجمعيات تعمل على تدوير المساعدات العينية التي تقدمها قطر مباشرة أو عبر منظمات تابعة للأمم المتحدة، وبذلك تستطيع القوى السياسية التابعة للإخوان من الحصول على تدفقات مالية مستمرة تمول بها نشاطاتها في اليمن، تصنيف وزارة الخزانة الأمريكية لشخصيات إخوانية بتهمة تمويل الإرهاب يعزز مُجدداً أن قطر عليها أن تراجع حساباتها في اليمن فتغذية الصراع اليمني عبر أجندة الإسلام السياسي ها هو اليمن يدفع ثمنه حرباً لا يمكن التنبؤ بنهاية قريبة لها.