لحظة انطلاق القمة العربية الإسلامية الأمريكية ستكون لحظة فارقة في التاريخ السياسي دون جدال في ذلك، فالسعودية التي تحتضن ست وخمسين دولة من العالمين العربي والإسلامي تدشن مرحلة جديدة في تشكيل العالم والشرق الأوسط، فالسعودية التي لعبت الدور الأصعب سياسياً بعد أزمة الربيع العربي 2011م فلقد تحملت السعودية مسؤولية معالجة اهتزازات أصابت عمق الكيان العربي، إرهاصات تلك المرحلة لا يمكن معالجتها بالشكل النهائي، فالواقع العالمي تغير بشكل كبير، والتوازنات بين القوى الدولية لم تعد موجودة وأصبحت البُنية التحتية السياسية مختلفة لأنها تقوم على المصالح الاقتصادية بين الدول وهذا ما على الشرق الأوسط أن يتعامل معه.
المملكة العربية السعودية بما تمثله من عمق إسلامي خلقت خلال السنوات الأخيرة مساراً سياسياً يهدف إلى تخفيف حدة التوترات ونجحت في تشكيل تكتلات مهمة في العالم، «التحالف العربي» و»التحالف الإسلامي» هما نتاج سياسة سعودية ترتكز على منهجية القيادة لمواجهة الواقع السياسي المتردي بشكل مخيف فلقد باتت المجتمعات تعيش على وقع سقوط الأنظمة العربية أو على الأقل اهتزازها، قيادة السعودية للتكتلات لم يعتمد على القوة الاقتصادية فقط بل على القدرة الدبلوماسية التي أجادت في أن تستقطب لهذه التحالفات كبرى العواصم العربية والإسلامية.
ندرك ما تحمله زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للرياض، وندرك الأهم كذلك وهي ما يجب أن ينتج عن هذه الزيارة، محاربة الإرهاب بكل أشكاله هو هدف لا يجب التراجع عنه، وإذا كان الرئيس ترامب خلال الأشهر الأولى لرئاسته قد كشف عملياً مدى عزمه في مواجهة الإرهاب فإنه من الجدير أن يتم التعامل مع النظام الإيراني كباعث للإرهاب بكل أصنافه، النظام الإيراني علاقته مباشرة في كل ما يحدث في الشرق الأوسط، تدخل إيران في شؤون الدول العربية لم يعد بحاجة إلى أدلة بل بحاجة حقيقية لمواقف حازمة.
المشروع الإيراني التوسعي تحت شعار «تصدير الثورة الخُمينية» تحول إلى خراب ودمار في العراق وسوريا واليمن ولبنان، لذلك من المهم صياغة مفاهيم واضحة في قمة (العزم يجمعنا) حول تعريف الإرهاب وإعادة العقوبات الاقتصادية على طهران، فالتجاوزات التي أحدثتها بعد توقيعها للاتفاق النووي مع الغرب تؤكد مُجدداً سوء السلوك الإيراني.
مكافحة الإرهاب والتطرف لم تعد مسؤولية دول المنطقة العربية وحدها فلقد اكتوت الولايات المتحدة والقارة الأوروبية بنيران المتطرفين فالتكامل في مواجهة الإرهاب يبدو متطلباً مُلحاً، والتحالف الإسلامي قد يكون نواة لهكذا عمل أمني فلا مناص من إنشاء مركز دولي لتبادل المعلومات، كما تقدمت بذلك السعودية قبل سنوات مضت.
جانب لا يجب أن يترك في هكذا سياق ، فالعالم الذي سينظر إلى الرياض في قمتها العظيمة يستوجب عملاً إعلامياً كبيراً يبرز الدور الريادي لهذه البلاد المباركة التي تحفز أبنائها للمضي نحو العام 2030 برؤية تحمل على عاتقها استمرار هذا الدور الريادي، قدر هذه البلاد ملوكها وشعبها أنَّ لهم القيادة وهذا تكليف من أمة المليار مُسلم يحبون أن يروا في الرياض عزاً لدينهم وقوة لمبادئ إسلامهم ، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم.