يبدو أن الحراك الجنوبي وبرغم كلما علق به من أدران مزمنة هو الأكثر واقعية بطرحه ومطالبه السياسية, بل يبدو انه الأكثر وحدوية من غيره الذين ظلوا يوصمونه بالحراك الانفصالي وأنه يتبنى مشاريع صغيرة مقارنة مع مشاريعهم الكبيرة جدا...مع انه أي الجنوب لم يتبن مشروع استعادة وضع ما قبل 90م إلا اضطرارا بعد أن أوصدت بوجهه كل الابواب, وبعد أن حكم الطرف الآخر على الوحدة بالإعدام أكثر من مرة وبأكثر من سيلة.
فالمشاريع الكبيرة ,ومشاريع الوحدة الأمة الإسلامية- المزعومة- بدأت مؤخرا تتلاشى من رؤوس اصحابها بمجرد أن فقدوا كراسي الحكم,أو قنطوا من العودة اليه.فأصحاب المشاريع الكبيرة أن كان الأمر بيدهم فلن يترددوا في تقسيم اليمن الى هضبة وسهل وساحل. كما وأصحاب مشروع وحدة الأمة الاسلامية المزعوم لن يتورعوا ببيع مشروعهم بسوق نخاسة الطائفية باسم محاربة المجوس, والعودة باليمن الى زمن الدويلات اليمنية القديمة. وبالأمة الاسلامية الى زمن حروب الردة, بل والى أيام العرب بالجاهلية , وزمن صراع دولتي الروم والفرس أن كان ذلك هو شرط مَــن سيعدهم ثانية الى سدة الحكم بصنعاء.
حتى اصحاب مشروع الأقلمة الطارئين حديثاً والمستندين في مشروعهم على مخرجات (حوار موفنبيك) الذي تم استبعاد الجنوب كليا من اجندته, مستعدون هم أيضا أن يتخلون عن هذا المشروع بجرة قلم والعودة باليمن شمالا وجنوبا الى العصر الطباشيري أن كان ذلك سيطيل من عمرهم فوق كرسي الحكم وسيلبي رغبة الكبار,الذين بيدهم مقاليد التمكين والعزل.
الم أقل لكم أن الحراك الجنوبي وبرغم سعيه الاضطراري الى استعادة وضع ما قبل 90م يبدو أكثر وحدوية وأكثر وطنية ,خصوصا حين يتم مقارنته بأطراف ظلت تزايد عليه باسم الوطن والقومية, وباسم الوطن والدين, وتردد على مسامع العالم ليل نهار الآية الكريمة: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) وهي بالأساس مستعدة أن تمزق الممزق وتقسّم المقسم الى فسيفساء صغيرة أن وافق ذلك هواها السياسي والحزبي.!