الجبهة القومية تقبل الاشتراك مع السلاطين الحكم وترفض مشاركة جبهة التحرير (الحلقة 14)

2017-01-19 06:47
الجبهة القومية تقبل الاشتراك مع السلاطين الحكم وترفض مشاركة جبهة التحرير (الحلقة 14)

(الصورة للشريف حسين الهبيلي مع ضابط انجليزي في بيحان امارة الهبيلي)

شبوه برس - خاص - عدن

 

(الصورة للشريف حسين الهبيلي مع ضابط انجليزي في بيحان امارة الهبيلي)

اغتيال بريطانيا لعدن والجنوب العربي تأليف/ محمد حسن عوبلي رئيس الدولة الاتحادية ووزير المعارف سابقا

عرض وتلخيص: د.علوي عمر بن فريد

الحلقة ((14))

 

قبلت الجبهة القومية الاشتراك في حكومة ائتلافية مع أعضاء الحكومة الاتحادية بعد ذلك.. شريطة إقصاء جبهة التحرير عن الحكم. وهكذا دخلت الجبهة القومية دور العمالة لحساب بريطانيا.. واحتفظت جبهة التحرير بدور العمالة أيضا لحساب الجهات التي أيدتها.. وبدأ الصراع بين العملاء، ووقفت الحكومة الاتحادية موقف المتفرج.

وبدأ الاقتتال العنيف في كل مكان بين الجبهتين المتناحرتين!!

 

إعلان موعد الاستقلال للجنوب العربي:

سبق أن حددت الحكومة البريطانية أن اتحاد الجنوب العربي سيكون دولة مستقلة في التاسع من شهر كانون الثاني 1968م.. وأشعرت الأمم المتحدة والحكومة الاتحادية بذلك.

وأصدر الشيخ محمد فريد العولقي وزير الخارجية الاتحادي بيانا أعلن فيه عن ترحيب الحكومة الاتحادية بذلك، ولكنه أعلن ايضا أن الدولة الجديدة يجب أن تشمل حضرموت والمهرة..

وأن الحكومة الاتحادية لاتقبل بتجزئة المنطقة، وقامت الاغتيالات المتبادلة بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في عدن على قدم وساق.

 

 

الجبهة الإرهابية البريطانية:

وكأن كل هذا لم يكن كافيا..فقد شكل المستر انطوني آشوورث جهازا إرهابيا سريا تابعا له مباشرة، وحدث أن بعض العدنيين الشرفاء رفضوا التعاون معه، فسقطوا صرعى تحت رصاص جناحه البريطاني!!

 

والغريب في الأمر ان عبدالله الأصنج رئيس جبهة التحرير كان بعد أن يسمع نبأ الاغتيال من إذاعة عدن يصدر بيانا اذاعيا يعلن فيه: (( لقد تمكن فدائيو جبهة التحرير من اغتيال العميل البريطاني.. فلان أو فلان)) حبا في الظهور في حين أن حزبه براء من بعض تلك الاغتيالات.. وجر على نفسه حقد العدنيين!!

 

اندحار جبهة التحرير:

اغتيال اعضاء الجبهة القومية عددا كبيرا من الإرهابيين التابعين لجبهة التحرير.. وفر الأعضاء البارزون فيها إلى تعز، وكانت بريطانيا تدعم الجبهة القومية بقوة.. وهكذا تحولت إلى جهاز خاضع للحكومة البريطانية، وبعد احتواء بريطانيا للجبهة القومية بدأت تعيد النظر في سياستها في إدخال حضرموت والمهرة ويافع العليا إلى جمهورية الجنوب العربي المتحدة.

 

رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء:

كان المجلس الأعلى الاتحادي هو الذي سينتخب أول رئيس للجمهورية.. وكانت هناك تناحرت وتكتلات عدائية بين رؤساء الولايات، لذلك قدمت مع زميلي الشيخ محمد فريد العولقي وزير الخارجية حلا لهذه المشكلة وهي: انتخاب مجلس رئاسي ثلاثي..عضو من المحمية الغربية وعضو من المحمية الشرقية وعضو من عدن على أن يكون رئيس المجلس منتخبا من قبل زميله لعام واحد فقط ثم العضو الثاني والثالث.

 

وجاء في الدستور نص صريح بأن لا يتولى رئاسة الوزارة إلا شخص عدني.. وكان هذا اتجاها جديدا في تعميق العنصرية الإقليمية!! واجتمع المجلس الأعلى ومجلس حكام الولايات معا ولأول مرة في التاريخ وكنت رئيسا للجلسة المشتركة واتصل بي المندوب السامي البريطاني وأبلغني أن حكومته تعارض مجلس رئاسي ثلاثي بل وترغب في رئيس جمهورية واحد فقط.. وأنها تعارض في اتحاد مجلس حكام الولايات حتى وإن كانت مهمته استشارية وغير تشريعية.. وفي الصباح انعقد المجلس الأعلى الإتحادي ومجلس رؤساء الولايات وانتخب الأعضاء بالإجماع الشريف حسين بن أحمد الهبيلي رئيسا للجمهورية واذا رفض ذلك يكون السيد عبد الرحمن جرجره رئيسا للجمهورية.

 

الشريف حسين يرفض رئاسة الجمهورية:

في اليوم الأول عرض على الشريف حسين رئاسة الجمهورية كما تقرر بالاجماع.. فأبدى تأسفه لأنه حالته الشخصية وشيخوخته لا تسمح له بذلك ورفض طلبي والوفد المرافق معي وهم:

السلطان صالح بن حسين العوذلي، وزير الأمن الداخلي، والسيد حسين علي بيومي وزير الطيران والشيخ علي عاطف الكلدي وزير الصحة، والأمير محمد بن عبدالله العولقي والشيخ يحيى الخلاقي شيخ مشيخة الشعيب، وكانت صدمة قاسية لي رغم محاولات الوفد اقناعه!!

وفي جلسة خاصة مغلقة في منزله صارحني الشريف حسين بأن بريطانيا لا تريد للاتحاد خيرا.. وأن كل أعمالها السابقة تدل على ذلك!! وأضاف أن أعضاء المجلس الأعلى لم ينتخبوه حبا فيه بل لأنهم في صراع فيما بينهم، ولا يمكن أن يتفقوا إلا عليه!!

 

وعدت إلى عدن.. وزرت المندوب السامي البريطاني.. وأطلعته على حقيقة الموقف.. وقال لي:

انه كان يتوقع ذلك من الشريف حسين.

وعند خروجي قال السيد ريتشارد ترنبول بمرارة: ((للمرة الثانية يخذل الشريف حسين حكومة وشعب الإتحاد)).. وكان يقصد بالمرة الأولى عرض الاستقلال التام على الاتحاد عام 1964م أي خلال الفترة الأخيرة من حكم حكومة المحافظين.. الذين خشوا أن يعمل حزب العمال على تمزيق الجنوب العربي.

وإلى اللقاء في الحلقة (15)

 

*- للإطلاع على الحلقة الثالثة عشرة : اضغــــــــط هنــــا