تابعنا خلال العامين الماضيين في وسائل التواصل الاجتماعي سلسلة مقالات حادة كان يكتبها شخص مجهول باسم : "عبدالله بن عبدالرحمن الواحدي"
و أثارت ضجة كبيرة في أوساط شبوة ..! و تراشقت عدة أطراف بسهام التخوين و التجريم و أتهم "الواحدي" بأنه عنصر عفاشي – مندس , يسعى لزرع الفتن و الأحقاد بين أبناء شبوة و أنه يسعى لنشر الكراهية و الإشاعات عن فلان و علان .. و أنه يحقد على "العوالق" بالذات !!
وقد أصدر آل عبد الواحد بيانا ينفون فيه أي صلة لهم بهذا الرجل.
و أنا هنا لا أتبنى وجهة نظر أي طرف من الأطراف و لست مع أو ضد الواحدي أو خصومه الذين يكيل لهم الاتهامات و بالأرقام .. حتى تهيأ لنا أنه ليس وحده .. بل لديه فريق عمل متكامل يمده بكل تلك المعلومات .. و أنا هنا سأكون محايداً حتى نقيّم ما قاله " الواحدي " و لكنني أعيب عليه فيما سبق من مقالات لغة التعميم على " العوالق " و يشهد الله أن كلامي ليس تعصبا ً لأبناء قبيلتي .. فلا أحد فوق القانون .. أو النقد .. و لكن ضعفاء النفوس من أبناء العوالق وهم قلة .. بينما الشرفاء هم الأغلبية الساحقة، كما ظلم بعض الأشخاص منهم وهم الذين قاتلوا في جبهات القتال!
ولكن هناك محطات كثيرة ذكرها الواحدي تستحق الوقوف و التأمل و الاحتكام فيها للعقل و الحيادية بعيدا عن العاطفة .
و لكننا نحن أبناء الجنوب تعودنا إذا أخطأنا أو تورطنا غالبا ً ما نتدثر بعباءة القبيلة و تعودنا على التخندق خلفها لحماية أنفسنا و نستصرخها بأهازيج عاطفية لتخرجنا من ورطاتنا و زلاتنا .. و غالبا ً و لأسباب عاطفية ترمي لنا طوق النجاة كلما تعرضنا للنقد و التشهير !!
و أعيب على الواحدي أنه يستخدم لغة "التعميم" خاصة في مقالاته الأولى حيث تنضح منها المناطقية .. و العنصرية , و لكنه تراجع في الفترة الأخيرة ,ة و غير لهجته من التعميم إلى التحديد .. و تعرض في طرحه لمهاجمة أصحاب التاريخ الأسود .. و جرمهم و دان أعمالهم السابقة و اللاحقة .. و كشف خيانتهم و معه كل الحق فيما ذهب إليه , وربما هناك من اتهمهم ظلما ودون أدلة دامغة ،و قد يقول البعض منا ليس الوقت مناسبا لفتح الملفات فنحن لازلنا في عنق الزجاجة !!
و أوجه كلامي للواحدي الذي يخفي اسمه حتى الآن و معه الحق في ذلك لأنه يعلم أننا لازلنا نحمل جينات الانتقام و الحقد في قلوبنا على بعضنا البعض, و لم نتعلم شيئاً من بريطانيا صاحبة الديمقراطية الأعرق في العالم الحُر التي استعمرت بلادنا زهاء 128 عاما ً و أسست لنا في عدن نموذجا ً مصغرا ً للديمقراطية بتأسيس برلمان حر .. و انتخابات حرة .. و صحافة حرة.
و قبل خروجها نسفنا كل شيء .. حتى أصبحنا اليوم نتحسر على أيامها و على حكم السلاطين الذين كانوا يتحملون سخرية الناس و الاستهزاء بهم علانية .. و لم يفكروا بالانتقام من أحد .. بينما اليوم تتم تصفية الناس جسديا ً بمجرد الظن و الاشتباه !!
بعد أن استبدلنا تلك الديمقراطية في عدن و برلمان اتحاد الجنوب العربي بلغة القتل و المشانق و الاغتيالات و التكفير و التخوين لمجرد اختلافنا في وجهات النظر .. عشنا تلك السنوات العجاف إبان الحكم الشمولي القمعي حتى سقوط عام 1994م .. و بعد الوحدة سادت ثقافة الفساد و الخيانة و بيع و شراء الضمائر و هي ثقافة متجذرة في بعض مناطق الشمال.
و انتقلت إلى بعض أبناء الجنوب .. و إذا كنا نعيب على (أبي رغال) فقد أصبح لدينا اليوم في الجنوب المئات من أمثال أبي رغال !!
إن ما حققه الشرفاء في المقاومة الجنوبية سيظل بصمة عز في جبين التاريخ الجنوبي عندما طهروا بلادنا من الغزاة و المحتلين الطامعين .. و لكن : كيف نحافظ على تلك الانتصارات التي دفع الشهداء ثمنها و عمدوها بدمائهم الزكية .. و نحن لا نقبل مراجعة الذات و تقبل النقد و محاسبة الخونة و الأفاقين و السماسرة والعملاء و هم يحتمون بقبائلهم ؟!!
وقد بقول البعض :
كيف يستقيم حالنا و نستعيد دولة "الجنوب العربي" و نحن لازلنا نعيش بعقلية كليب و الزير سالم .. و حروب داحس و الغبراء.؟
وكيف سنقيم دولة النظام والقانون و لازال البعض منا يقطر تاريخه بالدماء و القتل .. و ينشر الفساد و يبيع الوطن من أجل مصالحه الشخصية ولا نشهر به؟
و كيف لا نفضح .. بل و نحاسب الخونة و المجرمين والمتآمرين و ننتقد أعمالهم المشينة ؟ والجواب هو :أ ن الوقت لا زال مبكرا لفتح هذه الملفات ..فهناك أولويات ..
و أخيرا ً أقول لك يا عبدالله الواحدي أنقد نقدا ً موضوعيا ً و تحر الصدق و الأمانة فيما تطرح و لا ترمي بسهام الليل و لا تحصر نقدك على شبوة و أهلها .. فالوطن مثقل بجراحاته و علينا تضميدها و ليس نكأها !!