أثبتت عملية اقتحام معسكر الصولبان بمدينة عدن يوم عيد الفطر, من قِـبل (بضعة) عناصر إرهابية تابعة لتنظيم القاعدة(انصار الشريعة) هشاشة الوضع الأمني ورخاوة الأرض التي يقف عليها الأمن, برغم كثافة المسميات الأمنية التي تتناسل يوما بعد يوم على شكل كتائب وألوية مزعومة تحمل أسماء اشخاص وجهات لا تخضع لقيادة الأمن بالمحافظة ولا تكترث لتوجيهاتها.
فهذه العملية التي تعتبر بحق فضيحة مدوية للجميع أمنيين وساسة, في ظل حديث لا ينقطع عن جهات أمنية وعسكرية لا حصر لها عددا وعدة لم يقم بها إلا عدد محدود من الإرهابيين لا يتجاوز عددهم 15 عنصرا استطاعوا خلال دقائق السيطرة على أهم معسكر من حيث ما يحتويه من قوة وعتاد وتحصين خرساني, ورمزية عسكرية وامنية وموقعه الهام والحساس- أمتار عن مطار عدن الدولي-, ولم يتدارك هذا الموقف المحرج( الفضيحة) غير طائرات الأباتشي لتقلب ميزان القوى بالمعسكر بوجه الإرهابيين قبل ان يظهر أبو فلان وقوات كذا ولواء زعيط ومعيط ليحدثونا كيف حسموا المعركة بدقائق معدودة. وهذا يعني فيما يعنيه ان السيطرة على المعسكر لم تكن بسبب قوة وشجاعة هذه العناصر بل في ضعف وتشتت وتعدد رؤوس القوات الأمنية والمسميات الموجودة على الأرض وعلى الورق وفوضوية التعامل الإداري والمالي المتراكم منذ شهور مع الأعداد الكبيرة من المقاومة والشباب الباحثين عن وظيفة أمنية وعسكرية, ((في ظل هيمنة الفساد وسطوة اللصوص على عملية قبول الشباب وترتيب أوضاعهم وسرقة مخصصاتهم المالية والتموينية على أعلى مستوى من السرقات)), خصوصا إذا ما عرفنا ان هذه العناصر الإرهابية قد وصلت الى المكان المستهدف بأسلحتها وسياراتها المفخخة دون أن يعترضها أحد من النقاط . ثم ان الثقة التي تحلت بها هذه العناصر تدل على ان ثمة تنسيق قد تم بينها وبين عناصر من جهات داخل الأمن أو محسوبة عليه وكامنة بين صفوفه, وبالتالي فهذه العملية كانت طبيعية ان تتم بالصورة التي شاهدناها للأسباب آنف الذكر مجتمعة.
وعطفا على ما تقدم لا بد ان تكون هذه الواقعة بمثابة ناقوس كبير يدق بأعلى صوت في أذن ورأس الجميع وبالذات المعنيين بالأمر ليقوموا بعملية مراجعة شاملة للوضع الأمني بعدن وباقي المحافظات وفرز الغث من السمين وتطهير كل العفونة التي أضحت رائحتها تزكم الأنوف. وهذه المراجعة لابد ان تشمل أولاً ضم كل الوحدات (التي تصلح أمنياً ) تحت مظلة المؤسسة الأمنية الرسمية بدلاً من تعدد مسميات كتاب فلان ولواء زعطان ومقاومة فلتان , وضبطها أمنيا واداريا ومالياً بروح وطنية صرفة, خالية من أحماض القبيِلة والمناطقية المقززة, ومنزوعة تماما من كولسترول الطائفية المقيتة التي تحاول إقحام الجنوب بأتون المضياع لتستهدف بها الجوهر الوطني والمدلول السياسي لقضية الجنوب خدمة لجهات يمنية وإقليمية معروفة لا تريد للجنوب ان يقيل عثرته ويداوي جرحه الغائر.
ثم يجب الوقوف بكل صراحة أمام السؤال الآتي: هل نحن نتصرف كدولة أم كمقاومة ؟ فأن كنا نتصرف كدولة فلا بد أن تنتهي_ ثنائية (المقاومة والأمن) ونتصرف وفقا لهذا الافتراض, كأمن عام ينضوي تحته كل من له صلة حقيقة بالأمن. و إن كنا نتصرف كمقاومة يجب ان نعرف نحن نقاوم من- مع استثناء الوضع الذي ما زال قائما بمناطق كرش ومكيراس وبيحان و الأجزاء المحتلة في حضرموت -؟.فلا يعقل ان نضع سيفين بغمدٍ واحد.!
لاشك ان الوضع الأمني المضطرب بالجنوب هو مرآة عاكسة لاضطراب وضبابية المشهد السياسي بشكل عام باليمن وبالمنطقة عموما,فضلاً عن الموات الذي يستبد بالقيادات الجنوبية خارجيا وداخليا, مضافاً لهذا كله الموقف السياسي الخليجي المشوش تجاه مستقبل الجنوب والمرهون بالترتيبات الخاصة بالحكم بصنعاء والتي يلفها الغموض الشديد, وهذا يعني فيما يعنيه ان كثير من القوى السياسية اليمنية وحتى بعض الإقليمية لا يروق لها أن ترى الجنوب من المهرة الى عدن بحالة أمن مستتب ,لأن هذا يعني لها ان الجنوب يشرع حاليا بإعادة ترتيب بيته على طريق استعادة دولته, وبالتالي فمنطيقا أن يكون جُــل هذا العبث الجاري بالجنوب هو صنيعة هذه القوى,(مع الاعتراف بان جزء كبير من هذا الفشل هو صناعة جنوبية بأدوات جنوبية أفرادا أو جماعة). وسيظل هذا الوضع يراوح مكانه من الاضطراب ما بقي الوضع السياسي جنوبيا ويمنيا وإقليميا على هذه الشاكلة المرعبة, ان لم يسارع الجنوبيون الى تعزيز جبهتهم الأمنية واستكمال الثبات على الأرض وضبط واستعادة دور مؤسسات الدولة في خصوصا نحن نشاهد بكل مرارة فشل سياسي جنوبي يتم مع سبق الإصرار والتعمد من قبل هذه القيادات التي ارتمت (بعضها) في أحضان سلطة صنعاء في فنادق الخارج لغرض التكسب المالي والمادي بشكل مخزي ومهين, وبحثها عن ترتيب مكانة سياسية فردية,وكل هذا يتم باسم القضية الجنوبية.!
قـفلة :
أحمق من يحاول وضع الوطن في جيبه الخلفي.