■ حضرموت .. لماذا و الي آين ؟!.

2016-06-29 23:33

 

خلال حرب صيف 1994 كتب الكاتب والصحفي الايراني المعروف في الدوائر السياسية الغربية و الشرق اوسطية : امير طاهري ـ مقالا في الشرق الاوسط تحت عنوان " حضرموت الجائزة الكبرى " افضى فيه الي ان حضرموت هي الاهم و الاستيلاء عليها هو الذي يحدد نتيجة الحرب ..لا سواها ، ادرك ذلك يومها :علي عبدالله صالح وعمل على اختراق مجتمعها من خلال استغلال ما احدثه الطرف المقابل من تشققات داخل ذلك المجتمع ـ التكافلي ، وركز على الاستيلاء على حضرموت ، التي سهل عليه اسقاطها من الداخل .. قبل قدوم قواته ، وذلك بسبب بسيط لم تعيه القيادات الحضرمية ، في منظومة اليمن الديمقراطية او الجنوبية التي يطالبون باستعادتها ولو بثمن تقديم حضرموت لها !!؟.

كان سقوط حضرموت ببساطة لسببين الشروخ التي مزقت وحدتها الاجتماعية ،بالاضافة الي الاهم و الجوهري وهو : عدم وجود قوة "عسكرية حضرمية " لدفاع عن حضرموت ،التي اوكلت مهمة الدفاع عنها لقوات عسكرية ـ جنوبية و ايضا شمالية تابعة لحوشي يطلق عليها " لواء الوحدة " لعبت دورا في انهيار الجبهات الساحلية من عدن و حتى المكلا .. التي اتخذ منها السيد : علي سالم البيض رئيس الدولة المنفصلة ، مقرا لإدارة معركته العسكرية و السياسية ، في الوقت الذي كان الضباط و المتطوعين الحضارم على جبهات اخرى مثل خرزـ على مشارف عدن ، التي ظلت صامدة بقيادة العقيد يومها: فرج سالمين البحسني بل وانزلت هزيمة بقوات لواء خالد الزاحفة من تعز في اتجاه عدن ، كذلك العبر بقيادة اللواء : عبدالرحيم عتيق ومن ضباطها العقيد يومها: سليمان بن غانم بن حيدرة ، و كانت جبهة الوادي و الصحراء تحت اشراف و قيادة الشهيد : صالح بوبكر بن حسينون .. الذي استدعي من مقره لإعادة ترتيب اوضاع جبهة الساحل ، ليسقط شهيد و هو ذاهب للاجتماع مع قياداتها يرحمه الله في 4يوليو 1994، وبصرف النظر عن ما قيل عن استشهاده داخل مدينة المكلا .. فقد ادى استشهاده الي انهيار مشروع استعادة الدولة ، من خلال الجائزة الكبرى" حضرموت " لعدم وجود قوة من ابنائها التي حاول الشهيد اقامتها تحت مسمي لواء شبام ـ الذي رفضت اقامته قيادات عسكرية و سياسية ، بحجة ان ذلك سيشق الجبهة الجنوبية .. وما اشبه اليوم بالبارحة .

□ انا هنا لا اريد ان انكي جراح احد .. ولكن ما يحدث في حضرموت اليوم ذكرني بمقال امير طاهري " الجائزة الكبرى ـ حضرموت " خصوصا وان احد قياداتنا المجربة و المحترمة قد عاتبتني على نقدي بل واستهجاني لإكال إدارة حضرموت و قيادة الحفاظ على نصر جيشها الي قادة عسكريين و سياسيين من الماضي .. في الوقت الذي ما كان ذلك ليتحقق بعد توفيق الله ودعم الاشقاء في التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية .. لولا بناء" فيلق حضرموت "بقيادة اللواء : فرج سالمين البحسني قائد معركة خرز وزملائه ومنهم العميد : سليمان بن حيدرة احد قادة الخشعة و العبر في حرب 1994 ، تلك الحرب التي ما كان يمكن خسارتها لو لم تسلم قيادة الدفاع عنها لغير ابنائها .

لقد استطاعت هذه القوة وفي معركة خاطفة وبمساندة قبائل حضرموت التي استقبلتها وانخرطت فيها دون اشتراطات او مكاسب مادية ـ غير استعادة حضرموت ،باعتبارها الجائزة الكبرى .

لذلك تم تحرير هضبة حضرموت ـ الاستراتيجية ، لتامين تطهير ساحلها .. واستعادة عاصمتها "المكلا " وتأمينها وادارتها لتحرير حضرموت و منع تحويلها الي انبار اخرى في جنوب جزيرة العرب ، او بنغازي اخرى على غرار الاوضاع الليبية ، وهو امر حذرت منه على شاشة العربية ـ الحدث ،عشية تسليم المكلا للقاعدة ، كما حذر غير ي، ويومها اتهمنا بالمزايدة و العمل على شق الصف الجنوبي .

جاءت انتصارات النخبة الحضرمية مبشرة ، وترسم في افق غبار المعارك علاقة عضوية و مصيرية ـ استراتيجية مع الاشقاء في الخليج و الجزيرة العربية ، الا انه ورغم ذلك و لأسباب لم تعد خفية اندفعت قوى الماضي الي اعلان حضور في نصر لم تكن صانعته ، بل ولم يكن لها حضور ولو شكلي فيه ، مدعية ادوار لها في انجازه ، من خلال دعمها و تخطيطها له، بل وتنسيقها مع القيادات السياسية في عواصم لجؤها واقامتها خلال الربع قرن من غيابها فيها ، متجاهلة علاقات حضرموت المجتمعية و التاريخية مع تلك العواصم ، وهو امر لا اظنه لا بل واجزم ان الرياض و ابوظبي تدركه ، كما تدرك اسباب ودوافع تفجيرات معسكر شرطة النجدة ، في منتصف شهر مايو الماضي ، الذي استهدف المتطوعين الحضارم الذين تواجدوا هناك للالتحاق بقوة النخبة الحضرمية .

□□ تفجيرات اليوم ( الاثنين 27يونيو ) وتوقيتها مع افطار 22رمضان ..بعلب الافطار لا يمكن عزلها عن سابقتها من حيث الاهداف ـ أي منع انخراط شباب حضرموت في العمل العسكري و الامني ، هذا هدف لا يقتصر على داعش و القاعدة .. التي ومنذ سنوات و هي تستهدف القوى العسكرية ، وعملت على تصفية كوادر حضرموت في المؤسسات الامنية من وقت مبكر ، الا ان عمليات اليوم ليست استمرارا فقط لتلك الاعمال الارهابية ، وان جاءت نسخة داعشية ، او قاعدية ، فاستهداف شباب حضرموت وعلى هذا النحو يحتاج الي وقفة جادة من قيادات حضرموت التنفيذية و العسكرية و الامنية ، ومن الاشقاء في الرياض و ابوظبي ..لإعادة النظر في استراتيجية إدارة حضرموت ما بعد التحرير ـ للتطهير ، من خلال والشروع في بناء مؤسساتها وتفعيلها بسياسة الادارة ،لا ـ الادارة بالسياسة التي تمارس اليوم ،و تفتح المزيد من الفجوات للاختراقات أمام مختلف القوى ـ الارهابية و تلك التي تتلبس بلبوس حضرمية و الوطنية الجنوبية او الشرعية اليمنية .. فضلا عن هؤلاء القادمون من الماضي ، الذين عادوا الي المشهد تحت غطاء علاقاتهم وادوارهم مع الدول الشقيقة ـ ليربكوا المشهد تحت مسميات المقاومة ، وكان جيش النخبة الحضرمية ليس قوة التحرير، بل وعاجز بأفراده وقياداته عن تطهير حضرموت و استعادة عمل مؤسساتها الامنية و الخدمية ، هذه المؤسسات التي ما زالت غائبة ..هو الامر الذي يثير تساؤلات ابناء حضرموت " حضرموت لماذا و الي اين ؟" فضلا عن استقدام قوى عسكرية من خارج حضرموت .. الذي لا يوحي للحضارم بغير انعدام الثقة فيهم من قبل القيادة السياسية فضلا عن القوى الحزبية الأيدولوجية و الجهوية .

□□□ الزائر لمدينة المكلا .. والمتابع لما يجري: يصاب بحالة من الاحباط والشكوك تجاه التخبط الاداري و الفوضى الامنية ، حيث جنبت المؤسسات الخدمية و الرقابية رغم وجود كوادرها و قياداتها بما في ذلك الشرطة و المؤسسات الامنية ، الامر الذي شل دور قوات النخبة وحد من قدرتها على تامين المكلا .. و التنسيق مع المحافظ باعتباره راس الهرم الاداري لتامين عمل المؤسسات و حمايتها ، بل وشغل قياداتها ان لم نقل اغرقها في قضايا جانبية ، لتعطيل دورها و الحد من سلطاتها العسكرية ،لتعدد القوى والقيادات الوافدة ، وهذا جانب تعكسه تعددية النقاط الامنية ـ الميليشاوية و العسكرية وعدم خضوعها لقيادة واحدة ، و هو الامر الذي يتيح الفرصة امام الارهاب بأنواعه ، الداعشي و القاعدي ، و الحوثي و الانقلابي فضلا عن المناطقي للعمل على منع تطوير قوة النخبة و اعدادها لتامين حضرموت .

هذه الوضعية لا تخدم اهداف عاصفة الحزم .. و لا يقبل عاقل ان يتهم دولة الامارات العربية المتحدة برعايتها لهذه الفوضى ، و ان روج لذلك البعض ، او طالب بعدم تناول هذا كونه يمس دور دول التحالف في تطهير حضرموت وبناء قوتها العسكرية ، هذا الدور الاماراتي و كذلك السعودي ما كان ليحدث لولا ادراك الاشقاء لأهمية حضرموت الجغرافيا و الديمغرافيا في المعركة مع الانقلابين و القوى الخارجية المتطلعة الي تحويل حضرموت الي انبار جنوب جزرة العرب .

□□□□ لذلك نطالب الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي بالتدخل الايجابي لاقف هذا التسيب الاداري و الفوضى الامنية ، من خلال توحيد العمل العسكري و الامني و الإداري مع قيادة المحافظة ممثلة في اللواء : احمد بن ريك و قوات حضرموت بقيادة اللواء : فرج البحسني ، و تشكيل فريق "ادارة ازمة "للعمل وفق استراتيجية محددة الاليات و الاهداف لإعادة العمل لمؤسسات الدولة و وحدة حضرموت الادارية و المجتمعية ، دون ذلك لا نجد أي اجابة لتساؤلات حضرموت الي اين ؟ و ان ادركنا لماذا ؟..الذي نجد اجابته في مخططات دولي للحرب على الارهاب ـ تتحول من خلالها حضرموت الي انبار اخرى ، في جنوب الجزيرة العربية ، او بنغازي شرق اليمن ـ للبلبة الاوضاع اليمنية ،لا صوملتها ، فحضرموت ما زالت هي الجائزة الكبرى لا كثر من طرف خارجي لزعزعة اوضاع المنطقة ، فلماذا لا تكون جائزة امنها و استقرارها ؟ .

-------------------------------------------------

*عضو مجلس حضرموت .. كاتب سياسي .