يوميّ الـــــ 17 و18 من أبريل نسيان الجاري ستكون معظم -إن لم تكن كل- أبصار النخب العربية شاخصة إلى مدينة عدن تتطلع وترصد الحشد الجماهيري المزمع إقامته مِن قِـبل قوى الثورة الجنوبية بالعاصمة عدن تزامناً مع انعقاد مفاوضات الفرقاء اليمنيين في دولة الكويت للفت نظر العالم العربي الرسمي والشعبي وكذا الدولي إلى القضية الجنوبية وعدالتها,والتي تنوي القوى اليمنية التي من المقرر أن تلتقي بالكويت إلى تجاوزها وتخطيها- إن لم نقل التآمر عليها ومسخها على طاولة تسوية كرسي الحكم – بالاستقواء بالموقف الخليجي الذي تعتقد هذه القوى ان بمقدورها التأثير عليه واستمالته بطرق الابتزاز وليّ الذراع. ولكن ولكي نكون أكثر واقعية ومنطقية فإن هذه القوى قد تنجح بذلك أن بقي الجنوب يراوح مكانه بالضياع والشرود, ليس خذلانا أو تآمر خليجي قد يتماهى مع رغبات القوى اليمنية التآمرية على الجنوب بل لأن الأمر أولاً هو مصالح, وثانيا مصالح, وثالثا مصالح.
كنا نظن إلى قبل أسابيع قليلة ان الجنوب قد هجر وسيلة نضال الساحات وطريق حمل البيارق بعد عام كامل من حمل البنادق, و بعد أن جرت بالنهر مياه كثيرة خلال هذا العام الساخن من التغيرات الدراماتيكية الكبيرة التي طرأت على الساحة اليمنية والجنوبية تحديدا بعد حرب ضروس وتضحيات ودماء كثيرة سالت ودمار حدث. ولكن ومن واقع التجارب يبدو ان لا وسيلة نضالية يمكن الاستغناء عنها أو التقليل من شأن فاعليتها وأهميتها في ظل تعدد الخصوم وتسارع المتغيرات التي تطرى بين الحين والآخر بشكل مفاجئ وغير متوقع, ومنها التعاطي مع موقف مفاوضات الكويت, التي لا ينفع معها التلويح بالبندقية أو بالخطاب الإعلامي الحاد. ففي هذا الملتقى- أي مفاوضات الكويت -تلتقي كل القوى الداعمة والمعادية للقضية الجنوبية يمنية وعربية ودولية, وبالتالي فالأسلوب الأمثل لمخاطبتها هي الوسيلة السلمية التي هي أصلاً لا تقل فاعلية وتأثير عن سواها من الأساليب النضالية , وقد كان لها مفعول السحر بالسنين الخوالي, ومثلت بحق السلاح الأمضى في ذلك الحين, ويبدو ان الحاجة إليها ما تزال قوية وتفرضها وقائع الأحداث ومتغيراته, ونسبة نجاحها من إخفاقها يتوقف على طريقة وأسلوب القائمين عليها.
.
ولإنجاح هذه التظاهرة الهامة ينبغي على النخب الجنوبية المنظمة لها أن تعلم أنها ليست كسائر التظاهرات و المليونيات السابقة, لعدة اعتبارات, لأنها تأتي في ظرف مفصلي وحاسم بالنسبة للمسيرة القضية الجنوبية وستكون عين الإقليم العربي والدولي أيضا أكثر رصدا ومراقبة لها , وبالتالي فأن الإعداد والحشد والتنظيم والتأمين الأمني وكثافة الحضور والخطاب الإعلامي الجيد لهذه الفعالية ,فضلا عن مضمون ورُقي ولغة البيان الختامي السياسي الذي يجب ان يكون متوازنا باعتدال منطقه وبين عدم إغراقه بلغة الاستجداء وأسلوب التوسل المذل وطلب الشفقة من الغير التي نراها للأسف اليوم تستحوذ على تفكير الكثير منّــا. فكل هذا سيكون تحت المجهر والتقييم من قبل العين الخليجية والعدسة الدولية وسيكون المحصلة الأخيرة أشبه بامتحان شهادة تخرج ودرجة نجاح لطالب جامعي.
وعلى ما تقدم نأمل من الجميع أن يعي أهمية إنجاح هذه الفعالية, وأن يدركوا خطورة هذه المرحلة التي تمر بها القضية الجنوبي, ويدرك الكل مدى حجم كرة التآمر التي تتدحرج وتكبر كل يوم فوق رأس الجنوب وشعبه. فهي بحق مرحلة( نكون أو لا نكون). وحتى لا نجد أنفسنا ننسف كل ما بنيناه ونتهاون في المرحلة الحاسمة والمصيرية وننكث عهدوا وننكص وعودا بعد كل هذا التضحيات.
.
(ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا …) الآية.