تغييب التاريخ وتزيفه مصطلح الجنوب العربي ودور الشماليين في مآسي الجنوب مثالاً.

2016-02-21 08:30

 

عندما يُغيب التاريخ الحقيقي من رسم المسار التاريخي يتحكم الهوى والزيف في رسم مسار التاريخ ويتم تشكيل وعي الناس بما يخدم هذا الزيف.

ولتعرية الزيف يجب استعادة كتابة التاريخ الحقيقي، وهناك حقائق مُغيَّبة عن الجنوب يجب ان تُعرف.

١- الجنوب قبل الإستعمار البريطاني لعدن كان مكون من حوالي ٢٣ سلطنة وإمارة ومشيخة وكل منها لها كيانها الخاص.

وبعد أن استعمرت بريطانيا عدن بتاريخ ١٩ يناير ١٨٣٩م والتي كانت ظمن سلطنة لحج ارتبطت بريطانيا بمعاهدات حماية مع كل السلطنات والإمارات والمشيخات وكانت التسمية الرسمية والمتداولة هي ( عدن ومحمياتها الشرقية والغربية).

٢- كان المواطنون يحملون ٥ جوازات سفر واحد لمستعمرة عدن وحامله بريطاني والثاني للمحميات الغربية والثالث للسلطنة القعيطية والرابع للسلطنة الكثيرية والخامس لسلطنة المهرة وهذه الثلاث الأخيرة هي ما تُعرف بالمحميات الشرقية .

٣- كان هناك حاكم بريطاني يتولى حكم عدن والمحميات الشرقية والغربية يساعده معتمد بريطاني لكل من المحميات الشرقية والغربية ثم ضابط سياسي أو مستشار لكل سلطنة او إمارة أو مشيخة.

٤- حول العمل السياسي الموحد لم تكن العصبية المُقيتة مستشرية في الماضي فتكونت من ابناء اليمن الطبيعية شمالاً وجنوباً ما عرف حينها (الكتيبة اليمنية الأولى ) وكان على رأس مؤسسيها السيد محمد علي الجفري والشهيد محمد محمود الزبيري والأستاذ احمد محمد نعمان والأستاذ رشيد علي الحريري وأخرون رحمهم الله جميعاً وكتب مسودة نظامها الأساسي السيد محمد علي الجفري ثم بعد ذالك ولطبيعة الحكم الإمامي في الشمال والإستعمار البريطاني في الجنوب تشكلت هيئة الأمر بالمعروف والإتحاد اليمني ثم حركة الأحرار في الشمال ورابطة ابناء الجنوب في الجنوب. 

٥- حين تكونت رابطة ابناء الجنوب عام ٤٨ وأعلن عن ميلادها رسميا في ٢٩ ابريل عام ١٩٥١م بزعامة المناضل الكبير محمد علي الجفري  كان من ضمن مؤسسيها نخبة من ذوي الأصول الشمالية هم الأساتذة علي محمد مقطري ومحمد علي الأسودي وعلي الأحمدي ومحمد احمد شعلان.

٦- كل أدبيات الحركة الوطنية بمختلف توجهاتها كانت تتحدث عن وطن واحد وشعب واحد.

٧- حول مصطلح الجنوب العربي ومدلوله السياسي أول من إستخدمه كانت رابطة أبنا الجنوب وهوبمفهوم مؤسسي الرابطة يعني اليمن الطبيعية اليمن الكبرى وقد شرح ذالك مؤسس الرابطة الراحل الكبير  السيد محمد علي الجفري في نص محاضرته التي القاها في اتحاد طلبة الكويت بالقاهرة بتاريخ ٢٨ ديسمبر ١٩٥٦م بقوله( في واقع الأمر بل وفي مصطلح الحركة الوطنية في الجنوب يُطلق - الجنوب العربي- على اليمن الطبيعية لكافة أجزائها ونواحيها فحدود الجنوب العربي إذاً هي المملكة العربية السعودية شمالاً وبحر العرب جنوباً والخليج العربي شرقاً والبحر الأحمر غرباً وبذالك تشمل كلمة الجنوب العربي المملكة اليمنية المتوكلية، عدن وما يسمى بمحمياتها الشرقية والغربية وعمان.) وقد اصدر الإستعمار البريطاني قانوناً يمنع تسميتها بغير تسميتها الرسمية ( عدن والمحميات الشرقية والغربية).

٨- اتحاد الجنوب العربي

هذه التسمية والتكوين تمت عبر مرحلتين.

 الأولى:

بعد تنامي المد القومي العربي بداء الإستعمار البريطاني مابين  عامي ١٠٥٤م  وعام ١٩٥٦م التفكير في ظم بعض المحميات الغربية في كيان واحد تحت مسمى اتحاد الجنوب العربي مستثنيا في البداية مستعمرة عدن وبعض المحميات الغربية والمحميات الشرقية (السلطنات القعيطية والكثيرية والمهرة) مجهضاً لدعوة الرابطة التي قاومت هذا التوجه مما دفع السلطات البريطانية بالزج بقيادتها في السجن وتحت الضغط الشعبي والمظاهرات تم الإفراج عنهم. 

 الثانية:

في ٢٤ سبتمبر ١٩٦٢م اجبرت السلطات البريطانية المجلس التشريعي لمستعمرة عدن بالانضمام للإتحاد بالرغم من المظاهرات الرافضة لذالك وكذالك ما تبقى من مكونات المحميات الغربية وبقيت المحميات الشرقية خارج الإتحاد حتى ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م.

٩- قادة اتحاد الجنوب العربي

أولا: المندوبون الساميون

١- سير تشارلز هيبرون جونستون (18 يناير، 1963 - 17 يوليو، 1963)

٢- سير جيرالد كنيدي نيكولاس تريفا سيكس (17 يوليو، 1963 - 21 ديسمبر، 1964)

٣- سير ريتشارد جوردن تيرنبول (21 ديسمبر، 1964 - 22 مايو، 1967)

٤- سير همفري تريفليان (مايو، 1967 - 30 نوفمبر، 1967)

ثانياً: رؤساء الوزراء

١- حسن علي بيومي (18 يناير، 1963 - 24 يونيو، 1963)

٢- زين عبده باهارون (9 يوليو، 1963 - 23 يناير، 1965)

٣- عبد القوي مكاوي (7 مارس، 1965 - 25 سبتمبر، 1965)

٤- علي مسعد البابكر (25 سبتمبر، 1965 - 30 أغسطس، 1966)

٥- صالح العوذلي (30 أغسطس، 1966 - 30 نوفمبر، 1967)

١٠- تم تسليم الحكم في الجنوب من بريطانيا لقيادات الجبهة القومية والذين فاوضوا بريطانيا في سويسرا لتسلم السلطة والإنفراد بها عددهم ٢٣ شخص منهم واحد جذوره من الشمال هو عبدالفتاح اسماعيل والبقية من الجنوب وكلهم تربطهم علاقات ببريطانيا كشفت عنها أفعالهم في ما بعد والتي بدأت من مفاوضات جنيف بتنازلهم عن الإلتزامات التي كانت على عاتق الحكومة البريطانية وملزمة بها للدولة المستقلة .

١١- الذين سلموا الحكم للجبهة القومية قادة عسكريون في الجيش والأمن كلهم من الجنوب وقاموا بقصف كوادر التنظيم الشعبي التابع لجبهة التحرير وطردهم الى كرش وقاموا أيضاً بتسليم المحميات الشرقية الى حكام الجبهة القومية.

١٢- الذين يقولون أن الذين سحلوا وقتلوا إخواننا الجنوبيين هم من الشمال  عليهم أن يعطونا أسماء من مارسوا القتل والسحل ستجدونهم من الجنوب ومنهم من عادوا زعماء للحراك وارتبطوا بإيران مثال على ذالك حسن باعوم وعلي شائع هادي (مارسوا السحل والقتل في شبوه) وغيرهم كثيرون.

١٣- عندما يروج البعض أن كل قيادات الدولة في الجنوب من عسكريين ومثقفين وسياسيين كانوا خاضعين لثلاثة أشخاص جذورهم شمالية هذا تقليل بهامات الجنوب ورجاله ودورهم الوطني ومن المعيب الترويج لمثل هكذا قول فيه الغاء للعقل والمنطق والدور والتاريخ.

١٤- الجنوب كمصطلح فلكي وجفرافي ماذا يعني.

-عندما يشاهد الناس نجم سهيل اليماني في السماء الى أي جهة يدل؟ قطعاً الى الجنوب وإسمه مرتبط بجهته.  

-في الكعبة ركن اتجاهه تجاه الجنوب وإسمه الركن اليماني واسمه مرتبط بجهته.

-هناك في الشمال عندما يكون الإنسان في التهايم أوحجة يريد الذهاب إلى صنعاوهي باتجاه الجنوب يقول أنا بايكو اليمن.

-اتجاه الشمال والجنوب المعروف الأن كان يعرف بتسمية أخرى (شامات) التي تعني الشمال ومنها تسمى القات الشامي ولواء حجة بلواء الشام و(يمنات) التي تعني الجنوب.

من هذا نستنتج أن اليمن فلكياً وجغرافياً يعني الجنوب والجنوب يعني اليمن.

١٥- الإمتزاج القبلي والجذور القبلية واحدة وإمتدادها القبلي والجغرافي في كل المناطق يؤكد الجذور القبلية الواحدة.

١٦- دين الإسلام هو الدين الجامع لليمنيين جميعاً والثقافة التي أنتجها الإسلام والأعراف القبلية هي واحدة.

١٧- ما حدث من اعتداء بعد حرب ٩٤ من منظومة ثقافة الفيد والإخضاع والهيمنة والذي شكل بمجمله عملاً مدان لم يكن الشمال بالمطلق هو وراء ذالك وإنما كانت منظومة الحكم والمكونة من تحالف مصالح السلطة الحاكمة المهيمنة على الثروة والسلطة وفيها شماليين  وجنوبيين هي وأدواتها من الشمال والجنوب السبب وراء كل ما حدث.

من كل ما سبق نجد أن الدعاوى التي يطلقها البعض بالتميز الجهوي والمناطقي والقبلي والثقافي ليس لها مسوغ ديني أو ثقافي أو قبلي أو تاريخي أو فلكي أو جغرافي.