الشيخ المفلحي وعلى يمينه مذيع البي بي سي مصطفى رمضان قتل بواسطة المخابرات الليبية وعلى يساره الشيخ محمد العقربي وفي اقصى اليسار مترجم من العوالق هو المستشار السياسي اسمع ناصر حيدرة
قطعاً، لا أود أن يكون لأحد الاحباء كذاكرتي هذه! فهي لا تطرق إلا مواطن الأسی واللوعة.وفي بعض الأحيان وهي نادرة تانس للبهجة والفرح ،هي كذلك النفوس يكّونها الله ، ولعل الأمر ذا صلة بهوس عندها في استبطان مراتع الأسرار والألم ! حسنا، فليكن. وكثيرا ما اتمرد علی نزوتها، ولكن سرعان ما تطويني -كالهزار-المبلول! نعم اجاهد كي أسمو علی بشريتي،حتی اتحاشی الخبال..فقد قال أحد أشهرالعباد ،السالكين إلى النور
تعرف سر الحروف وانت في بشريتك يختبل عقلك!
تعرف سر الأسماء وانت في بشريتك يختبل قلبك!
كذا قال صاحب - المواقف والمخاطبات - الإمام النفري- وقال أيضا - كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة! - وانت مسكين يا قلبي! حالي معك حال شاعرشعبي مع قلبه :
مسكين يا قلبي............. انا وانت ما نرتاح
ساعة نذوق المر ....وساعة من عسل لجباح
- أتدرون انه مجرد ما نشر الشاعر - فاروق المفلحي - صورة بلدة -خلة - علی صفحته حتی انتابني اسی المعرفة! ربما استهدفني بفعلته! ليكن ما يكن يا شيخنا فاروق! ألا يقول بنو العمومة الطليان :
Che Sará Saráلبيت المفلحي عندي وفي قلبي مايؤرقني، حتی علی الصعيد الشخصى. .فقد كان اجدادي يرتادون بيت المفلحي كعُراف يصلحون معه شئون الناس. واحد منهم قال- للشيخ عبدالرحمن- وقد شعر بالحرج لأنه لم يفلح في رأب صدع المتخاصمين، وهاهو رمضان على الأبواب : اكتب يا شيخ -في نهاية مداولات المجلس. -نحن وجدنا الجماعة علی ماهم علية! - وآخر قال له :
- يا شيخ، إنته شيخ ما باتنكر.... لكن نبي الدنيا تقع محمودة -
جدي لأبي مات وفي لبانته رصاصة من وقائع المعارك التي خاضها مع بيت المفلحي ضد جحافل الإمامة!ومن بين مشيخات يافع بني مالك ينفرد المفلحي بحاضرتين هما -الجربة- محافظة لحج و-خلة- هي حاضرة مشيخة المفلحي -محافظة للضالع!.
وقد رأت الحداثة إبان عهد الشيخ -قاسم المفلحي- فقد كان ولعاً بالتطور وخاصة في الزراعة ، وهو الذي جد واجتهد في استصلاح واديها الخصب -وربما في الأربعينات من القرن المنصرم عرفت خلة الجرار -والمضخة الارتوازية .
وفي هذا كان يكافح سيد المفلحي الأول. .فقد كان رعويا بالفطرة.
اشتهرت بايامه بوجود بئر غزيرة المياه - بير السبيل - وإليه يعود الفضل في بناء مدرسة -خلة الابتدائية- التي تعلمنا بعد الاستقلال علی اياد معلمين كانوا من خريجيها وهو من دفع بابنته - منی - لتزاحم الصبيان كاسرا - لتابو- القبيلة الذي كان إذا ذكر المرأة قال -حاشاك-!
في مركز الأمن الذي استحدث هنالك، كان شيخنا الشهيد ما أن يفرغ من مهامه حتی يؤتى له بالموقوفين ليشاركونه مجلسه. .ويقضي في خصوماتهم!
حسب الشيخ الشهيد انه كان إنسانا لا تالفه الوحشة.نعم فحتى في لحظات القبض عليه (من قبل مليشيات الجبهة القومية) ما انكسر، ولا تخلی عن حس الدعابة لديه. فقد قال له أحدالثوار : يا شيخ قاسم، بانشلك -ناخذك - إلى القائد.فرد وقد علت محياه ابتسامة فاتنة :"أين آتشلوني؟ ،عند المجذوب، المجذوب ما رحم عينه! عاده آيرحم الشيخ قاسم! "فرحمة الله تغشاهم جميعا.- خلة - هذه بلدة عتيقة كانت حلال القيل الحميري العيني -أخلة - وكان له ثلاثة أخوة هم -شكع - القيل - وذي المحول- ؟وما زالت مواطنهم عامرة، هنالك. لكن وماشانكم بهذا؟ ألا يكفيكم اسی ولوعة ما خطت لكم ذاكرتي؟ هكذا يا أحبتي تطول الحكاية مع -خلة- واد أن أسرى عنكم بالتعريج علی آثارالعشق والحب العذري فيها!
فاليها أتى شخص عاشق من أرض العراق وفي تربتها الندية استقرت عظامه في ثراها ، هو الشاعر الجاهلي الذي يتذكره بعضكم انه -المرقّش الأكبر- كان عاشقا، لا ينشد في الحياة لذة ما سوی شعره الذي كرسه لخالبة لبه، البهكنة العذراء-أسماء بنت عمرو - ويحه كيف يجرؤ علی التشبيب بحسناء القوم؟ ألم يخطر علی باله انه سيحرم منها؟ وهذا ما حصل بالفعل. فقد صحی -مرقش- ذات يوم علی صوت المغنيات وهن يضربن بالدفوف. إذن هي -أسماء- حبيبته ! ويلاه تزف اليوم رغم أنفه إلى أحد الميسورين، من رجال قبيلة -مراد -اليمانية-! إنه الفراق الذي نزل علی -مرقّش- كالصاعقة. .وإذ يممت بأسماء القافلة شطر -سهيل اليماني- لم يجد المرقش
إلا القول :
لم أرَ كاليوم في الجهادِ ***أسماء- تُهدی إلى المرادِ
غابت أسماء عنه، شطت بها الأنواء حتی استقرت في أحد أودية -سرو حمير - في- خلة - حيث كان المرادي يحالف القوم،وينزل في مواطنهم الثرية. كانت الصدمة ممالا يحتمل علی مرقّش. .رباه هل أفقده العشق صوابه؟ هكذا يظهر. .وإلا لما شد مازره وعصاه وأخذ يقتفي- أسماء- مهتديا ب -سهيل-. فهل ظفر بربة عشقه؟ يقول الاخباريون انه بلغ -أخلة- ولكن خائر القوى، مما جعله لقمة سائغة لذئابها. .فهل طواه النسيان؟
لا أظن.
فقد خلد تراجيديا العشق شاعر وجودي، طبقت شهرته الآفاق، أنه -طرفة بن العبد- الذي استشرف في نفسه مصيرا ماساويا حيال عشقه ل -سلمی - ..فهكذا أنشد :
لقد ذهبت سلمی بعقلي كله ...........وهل غير صيد احرزته حبائله
كما أحرزت أسماء قلب مرقش ......بحب كلمع البرق لاحت خمائله
وانكح أسماء المرادي يبتغي ............بذلك عوف أن تصاب مقاتله
فلما رأی أن لا قرار يقره.................وان هوی أسماء لا بد قاتله
ترحّل من أرض العراق مرقش....علی طرب تهوی سراعا رواحله
اتی السرو أرض ساقه نحوها الهوى..ولم يدر أن الموت بالسرو غائله
فغودر بالفردين أرض نط ...............مَسِيرة شهرٍ دائب لا يواكله
بأسفل وادٍ من "أخلة " شلوه... ................تمزقه ذؤبانها وحبائله
فيالك من ذي حاجة حيل دونه.......وما كل ما يهوی الفتی هو نائله
فوجدي ب -سلمی- مثل وجد مرقّش.....بأسماء إذ لا يستفيق عواذله
قضی نحبه وجداً عليها مرقّش.....وعلّقت من -أسماء- خيالاً اماطله
وإلى اللقاء معكم في وقفة اخری مع الذاكرة.
*- بقلم : الباحث المؤرخ فضل الجثام اليافعي
الشيخ قاسم عبدالرحمن المفلحي والى يساره أحد مشائخ يافع في حفل استقبال
ملكة بريطانيا أبريل 1954م