ليس هناك أدنى شك من أن الجميع في الداخل والخارج باتوا على قناعة راسخة بصعوبة إمكانية التعايش الطبيعي بين شعبي الشمال والجنوب تحت سقف واحد بعد كل ماحدث ؛مهما كانت الحلول والصفقات التي ستفرضها نتائج الحرب المشؤومة الحالية..
؛
ولست متشائماً لو أجزمت بأن واقع الأمور والعلاقات بعد إنتهاء الحرب لم ولن يكون أفضل مما كان قبلها بأي شكل من الأشكال ..بل سيكون أسوأ وأردى من كل المراحل ..
؛
لهذا أقولها وبكل صدق وأمانة بأن الإصرار على قولبة الحلول في إطار بوتقة تلك الرابطة وتفصيلها لتناسب مقاسها ؛ليس سوى شكل من أشكال العبثية وإدامة اللعب بمصير الشعبين وإدخالهم في فصل جديد من فصول المأساة المستديمة ...
؛
ولكن ما العمل وذلك الأمر مدعم بقرارت أعلى سلطة دولية وأقليمية ممثلة بمجلس الأمن ومجلس التعاون الخليجي ؛هذا عدا الجامعة العربية ؟؟وكل ذلك محصلة لتوافق الأخوة الأعداء والقوى المتناحرة سابقاً وحالياً...مع الأخذ في الإعتبار إن الطرف الوحيد المعارض لذلك سابقاً وحالياً هو الطرف الجنوبي الممثل بالحراك الرافض للوحدة والساعي لدولة الجنوب ...
؛
ولكني لن أكون مبالغاً لو قلت إن أكثر الأطراف تمنياً ومصلحةً اليوم في حدوث إنفصال الشطرين وإستقلالهما عن بعض؛هم من كانوا بالأمس أكثر تطرفاً وإصراراً على فرض تلك الصيغة على المجتمع الدولي والأقليمي وهو الطرف المقابل في معركة اليوم ممثلاً في الرئيس السابق وحلفاءه الجدد(انصار الله)..لكون ذلك سيمكنهم من الحفاظ على نصف أو ثلث رأس المال بدلاً من خسارته كله..
؛
ولكن المكابرة في عدم التصريح بذلك يعود للشعور بإن ذلك قد يفتح باب هزيمتهم التامة أمام خصومهم ..وقد بدت محاولة تحقيق ذلك بمخرج وإخراج يجنبهم ذلك المحذور ..بل ويحقق لهم مكسب وانتصار
معنوي على خصومهم ممثلين بالرئيس هادي وحلفاءه ..وذلك عبر تلك الصفقة التي تمت محاولة إخراجها في عُمان بمشاركة الأمريكان والمتمثلة في تسليم عدن ومناطق الجنوب للرئيس السابق علي ناصر وبعض قوى الحراك الجنوبي ...وهو مايعكس قناعة مبكرة في اشهر الحرب الأولى بالتخلص من عبىء الجنوب الَّذي بات يشكل ورطة وعبئاً ثقيلاً وتسبب في إنفتاح ثغرات وكشف نقاط ضعف فيما كان يعتقد إنها حصون منيعة ...وباتت بحاجة للتعزيز وسد الثغرات وهو ما أُريد تحقيقه بواسطة القوات المنسحبة من عدن ومناطق الجنوب عبر تلك الصفقة التي فشلت برفضها من قبل الشرعية وحلفاءها ..وقد يكون ذلك لإدراكهم بما اشرنا اليه من قناعة الطرف الآخر أو لشعورهم بسوء نية من وراء ذلك بإستثارة الصراعات الجنوبية الجنوبية من جديد ومن ثم تغذيتها من بعد بوجود حليف جنوبي ممكن ان يصبح رقماً صعباً اذا تم تعزيزة لإستعادة ماله من رصيد شعبي سابق..وفي المحصلة شعرالتحالف بخطورة ذلك وكونه يشكل نافذة ستولج ايران منها اذا سمح بفتحها ..ولهذا وأدت المحاولة.
؛
أما الطرف الآخر الَّذي كان شريكاً بالأمس في فرض تلك الصيغة والمتمثل في اطراف ثورة 11فبراير2011 ممثلين بالإصلاح وعلي محسن وحلفائهم والَّذين يتمسكون اليوم بنفس الصيغة من موقعهم الجديد كحلفاء الشرعية والتحالف ...فإن الهدف من هذا الموقف مختلف عن هدف الأمس
فالجنوب غداً لن يكون ذلك الكنز الَّذي كانوا يغترفون منه بالأمس ؛ولكنه سيكون بما لهم من موالين فيه العصاء الغليظة التي ستعزز قوتهم في إستكمال تصفية حسابانهم وثاراتهم مع خصومهم في مرحلة مابعد إنتهاء الحرب الساخنة وحلول مرحلة الحرب الباردة ...وذلك في الإتجاهين ...
؛
كل ذلك يشير بأننا سنظل بعيدين جداً عن مرحلة الأستقرار والأمآن والوئآم التي ننشدها كشعبين في الشطرين ..
؛
ولكون غالبية شعب الجنوب مسكونين بالطيبة ولم يعمي قلوبهم الحقد الأسود ليصبح كل هدفهم وامنيتهم أن يرون إذلال وقهر وسفك دماء كل من ذلوهم وقهروهم وسفكوا دمائهم ومن سكتوا وهادنوا اولئك...بل كل أمنيتهم أن تنتهي هذه المأساة بأقل الخسائر على الشعبين وأن يقتنع أخوتنا في الشمال بمختلف قواهم ومتناقضاتهم ....بأن الوقت قد حان ليساعد كل منا الآخر ليتفرغ لإصلاح بيته ...وذات بينه..
؛
فعليهم الإقرار بالأمر الواقع والحقائق المجردة ..لا ..القفز عليها ..
؛
فالشجاعة والوطنية والخوف من الله وتجسيد الإمتثال لشريعته؛يتمثل اليوم في الإقرار والقبول الصريح بأن الحل هو في التسليم بإنفصال الشطرين ...والمساعدة المرجوة والمطلوبة من الأشقاء والأصدقاء هي في مساعدتنا في كلا الشطرين في إجراء مصالحة إجتماعية حقيقية تلئم كل الجراح النازفة وتحذف من أعمارنا وأعمار أجيالنا عشرات السنين القادمة التي ستلتهمها الثارات والأحقاد التي خلفتها خطايا السنين الماضية ...
؛
إني أقترح ذلك على جميع أهلنا وأقترح على أشقاءنا وأصدقاءنا أن يشرعوا في تنشيط الدبلوماسية لتوجيه الأمور في ذلك الأتجاه والتشجيع عليه في ظل التعهد باستمرار دعمهم لكلا الشعبين في النهوض وتحقيق أفضل مايمكن من المعيشة والإستقرار الَّذي ينشدونه من سنين ...
؛
فإن حدث ذلك فإني أقطع عن شعب الجنوب قبوله بأن تظل الحدود مفتوحةً أمام العمالة وحركة البضائع والمنتجات الزراعية والحيوانية والإستثمارات لخمس سنوات قادمة تلي فك الإرتباط على أن ينظم ذلك فقط القوانين الخاصة بكل شطر دون إعاقتها ..وبهذا نكون قد طوينا صفحة من أشد
الصفحات ألماً وحزناً لكلا الشعبين ..وتخطينا أهم العقبات التي دوماً ماتنتصب أمام تحقيق ذلك الهدف
؛
فإن أقتنعتم بذلك وأردتم مساعدتنا في فتح قنوات لتحقيق ذلك ..فإننا على إستعداد تام ونتمنى أن ننال
ذلك الشرف ...
التوقيع د .عمر السقاف- رئيس الهيئة الشعبية الجنوبية
عدن21/10/2015