لم يدر في خلدنا أن تتدخل دول التحالف في اليمن لتساندنا وتدعمنا رغم ان التدخل لحماية مصالحها وامنها ، ولم نكن نتوفع أن تتدخل قوات خليجية عسكرية على الأرض وتتمركز في عدن لتساعد قوى المقاومة الجنوبية لدحر الغزاة وتحرير الجنوب من احتلالهم ضمن منظومة متكاملة لدرء الخطر والمد الفارسي .
لكن الحلفاء أدركوا خطورة ما يحصل بعد أن انكشفت خيوط المؤامرة وأصبح واضحا ما كان عفاش يخفيه لسنوات ، ذلك الأفعى الذي وضع المنطقة برمتها في فوهة بركان بسبب ما قام به من توظيف خبيث لتحالفات مشبوهة داخلية وخارجية أودت باليمن إلى الهاوية وهددت الجوار .
ومن أخطر ما أقدم عليه المخلوع ان مزج بين التعصب للمذهب والهدف السياسي والانتقام من الخصوم وتوظيفها لفكره السادي .. في خليط كريه الرائحة قبيح المنظر قدمه إلى مجتمع ذو تركيبة فريدة في عالم اليوم تحكمه عادات وتقاليد جاهلية يتحكم فيها القوي بالضعيف والشيخ بالرعوي والإمام بالرعية في ظل وجود سلطة جمهورية الاسم قبلية النظام .
لذلك فالمشكلة اليمنية معقدة جداً ولن يسبر غورها ويعرف خفاياها ومخارجها إلا من عرف طبيعة التركيبة السلطوية والقبلية والعصبوية والولاءات المتداخلة التي تحكم العلاقة بين السلطة والمواطن القبيلي المتسلط وبين القبائل أنفسهم وبينهم وبين بقية اطياف المجتمع الشعبي ، تلك العلاقة التي يحكمها العرف القبلي الموروث منذ قرون طويلة !
في اليمن مازالوا يعقرون البقر للتحكيم القبلي حتى أن باب القصر ( الجمهوري ) لم يسلم من دماء الأبقار !!!!
لا تستغربوا .. هذا هو واقع النظام في الجمهورية العربية اليمنية .. ورغم كل المخرجات العلمية والأكاديمية إلا أن تلك المخرجات لم تستطع او لا تريد تغيير العرف القبلي السائد أو تطويعة للتماهي مع النظام السائد في المنطقة والعالم .
ومن هذا التحليل البسيط للحالة اليمنية نعتقد أن حل مشكلة اليمن (الجمهورية العربية اليمنية ) لن يكون إلا يمنيا بين الفرقاء المنقسمون مصلحيا في كل من صنعاء والرياض .
فهم سيتقاتلون طالما وجدوا من يدفع وسيستمر خلافهم ما استمرت المخصصات المالية وعند انقطاعها سيتحاورون وينهون مشاكلهم باتفاق تقاسمي مثلما اتفقوا في مؤتمر خمر .. هذه طبيعتهم وهذا سلوكهم فمن لم يعرفهم في الماضي سيعرفهم في المستقبل .
لكن بعد ان يدفع كل مايريدون منه ولن يحققوا له الا ما يريدون هم .
نحن في الجنوب لسنا بمنأى عن الصراع الدائر بينهم بل لقد أكتوينا بناره واحرقنا شراره ولسان حالنا يقول (اللهم سلط الظالمين على الظالمين واخرجنا من بينهم سالمين ) .
احتلوا الحنوب عام 94 م بدعوى الحفاظ على الوحدة !! واعادوا الكرة عام 2015 م بدعوى محاربة ( التكفيريين والدواعش ) !! فلا وحدة حافظوا عليها ولا حاربوا دواعش وتكفيريين !! .
والجميع يعرفون أن هدفهم ليس الحفاظ على الوحدة التي انقلبوا عليها هم ولا محاربة التكفيريين والدواعش .. بل الهدف هو احتلال الجنوب ونهب ثروته والسيطرة عليه وجعله تابع لهم .
إن قضية الجنوب واستقلاله لم تعد قابلة للنقاش أو الحوار إلا من زاوية واحدة وهي كيفية تقرير المصير وبناء دولة مؤسسات بإشراف من القوى الدولية الآمرة ومباشرة من دول الجوار العربي التي اختلطت دماء أبنائها مع دماء أبناء الجنوب من أجل التحرير .
ومن منظور أخلاقي وإنساني فنحن بحاجة إلى اعتراف صريح وواضح بعدالة قضيتنا من المجتمع الدولي ، لاننا لا نجهل تاثيره عليها لكننا نطلب من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ودول الإقليم النظر بعين الإنصاف والعدل لما تعرض ويتعرض له الجنوب من تدمير وتخريب ممنهج من قبل قوات الاحتلال وعملائه في الداخل والتسريع بالسعي الجاد بتأسيس حامل سياسي جنوبي قادر على قيادة عملية البناء ويعرف كيف يحافظ على التوازنات الجنوبية ، وكان خيرون قد سعوا لذلك عبر المؤتمر للجامع .. وكذا تاسيس قوى أمنية قادرة على حفظ الأمن لكي تبدأ مرحلة بناء الدولة .. ونعتقد أن التأخير والتسويف لن يكون في صالح الجميع فالمتغيرات الدولية المتسارعة والتسابق على اقتسام الكعكة يجري بالتناغم مع كل مستجد وذريعة جديدة . وبما أن القوى الدولية تعتمد سياساتها على تطويع القانون الدولى وقواعده الآمره للحفاظ على مصالحها في العالم ، فنراها تطوع النصوص وتلوي اعناق الكلمات والجمل وتخالف الترجمة الحقيقية لنصوص القانون الدولي لتحمي مصالحها وتجيره لاغراضها الاستراتيجية .. وبما أننا جزء من هذا العالم وعدالة قضيتنا واضحة فان العدل يلزم الجوار والعالم ان ننال العدل الدولي لنصرة قضيتنا العادلة وتقرير مصير شعبنا في الجنوب .
نحن لا نجهل المعطيات ولا نقفز على الواقع ونعرف قدراتنا ومحدوديتها ونعلم أننا لانستطيع فرض رؤيتنا لحل قضيتنا بالطريقة التي نريد بمعزل عن محيطنا والعالم ، لكننا لا نساوم على قضية الجنوب واستقلاله ومستقبل أجياله .
لقد بدأنا السير على طريق التحرير والاستقلال وقدمنا التضحيات الجسام من أجله فلا يمكن أن نتراجع ، ولا يمكن لأحد أن يمنعنا طالما أن الحق معنا .
*- بقلم : عبدالله سعيد القروة