ثقافة المدنية والتعايش بين القتل بالقصف والقتل بالسحل.

2015-08-20 20:26

 

ثارت الدنيا ولم تقعد لعمل أدانه الناس ولم يبررونه وهو كما نُقل أنه تم سحل أحد القناصة الذي قتل العشرات في تعز بعد أن أُنزِل من مبنى كان متحصناً فيه، وقلنا أن هذه الأعمال لا يبررها الإسلام والأخلاق والقيم  فهي تمثيل بالموتى، ونُقل أيضاً أن العمل قام به أُناس مدسوسين على مقاومة تعز وألقي القبض عليهم.

 

وبغض النظر عن الفاعلين فهو عمل غير إنساني ومُدان.

 

ثقافتنا المدنية تعطينا الشجاعة للإعتراف بالخطاء وإدانته، ماذا فعلت ثقافة الفيد والإخضاع والهيمنة وظفت الحدث لإثارة النعرات الطائفية وشن حملة شعواء ضد تعز كل تعز واتهامهم بالمطلق بأنهم تكفيريين ودواعش، نحن هنا أمام سلوك ثقافي يمكن مناقشة بعض أحداث له مرتبطة بهذه القضية.

 

هذه الثقافة سبق أن قتلت وسحلت بطل حصار السبعين عبد الرقيب عبدالوهاب الذي أنقذ صنعاء من اجتياح القبائل لها كما حدث عام ١٩٤٨م وأنقذ الوطن من سقوط النظام الجمهوري، حينها لم تتهم تعز صنعاء وقبائل صنعاء بأنهم قتلة وسفاحون ولم تتوعدها بحرب طائفية لا تبقي ولا تذر ليس لعجز كما يتصور البعض فقد خُبر قتال وشجاعة أبنائها في جبهات القتال حينها ولكن كان موقفهم ذالك لغلبة ثقافة المدنية والتعايش.

 

هددت هذه الثقافة بإبادة كل أبناء تعز القاطنين في الشمال وجيشت للنزول لإبادة تعز ووجهت ميليشياتها لقصف مساكن تعز فوق قاطنيها وشنت حملة إعلامية عُنصرية وطائفية في كل الوسائط الإعلامية وعلى الخاص،ولم نجد أصوات عاقلة تدين هذه الحملات العنصرية والطائفية، فأنا على سبيل المثال عندما قرأت تعليقاً أن البعض من أبناء تعز يتهم الجحملية بأنها وكر للحوثيين أدنت هذا القول وكتبت مقال عنوانه (الجحملية وطن في مدينة).

وكذالك عندما تقصف المدفعية والدبابات المدنيين العُزَّل في بيوتهم بغرض القتل والتدمير في تعز وعدن، لم يتحدث أحد أن قتل المدنيين قصفا أبشع من قتل قناص قاتل سحلاً فهو عمل همجي بربري غير إنساني لاتقره شريعة الإسلام ولا شرائع أهل الأرض، نحن هنا أمام مفارقات تُمَثّل إشكالية ثقافية تم التجذير لها عقدياً بالفقه المغلوط وتاريخياًبهيمنة القوة وطائفياً بهيمنة الدولة وعنصرياً بأحقية التميز.

نحن هنا أمام إحتمالين إما التقاتل وفيه دمار للوطن وموت للناس وإما التعايش وفية بناء للوطن وحياة للناس.

 

وفي حالة الخيار الأول نجد أن ديننا علمنا أن الباطل زاهق والتاريخ علمنا أن العصبية العنصرية والطائفية وثقافتها لا تنتصر، فلقد هُزمت عنصرية هتلر في ألمانيا وعنصرية موسليني في إيطاليا والبيض في جنوب افريقيا، والتعايش هو الحل الوحيد أمامنا ولنتعايش يجب الإعتراف بوجود هذه الثقافة وممارستها لسلوكها المدمر لذاتها وللأخر والعمل على معالجة جذور هذه الثقافة ما لم سنقتل بعضنا بعضاً وحينها سنجد أن الموت هو الموت ولن نجد فرقاً بين الموت سحلاً أم قصفاً.

 

فهل هناك عقلاء بأقليم أزال يدركون أن الزمن تغير فلم يعد القبيلي عُكفي، ولم يعد التعزي لغلغي خُضعي. ولم يعد مطلع بلاد الجيش ومنزل بلاد العيش رحم الله المفكر ابراهيم بن علي الوزير والدكتور محمد عبدالملك المتوكل والدكتور أحمد شرف الدين فلقد كانواصوتاً للعقل في قلب هذه الثقافة وعملوا على تغليب صوت التسامح والتعايش على صوت الشعور بالقوة.

 

وتحية للرجال الذين وقفوا ضد هذه الثقافة في القول والفعل وهم كثر ومن الذين عرفتهم عن قرب الأستاذ عبد العزيز جباري والكاتب سام الغباري.

 

وإلى تعز وأبنائها الصامدون المقاومون جميعاً قيادة وأفراد وشعب ستنتصرون حتماً وستنتصر ثقافتكم المدنية لأنها تُمثل سماحة الإسلام وإنسانيته ولأن الله وسُننه معكم فأنتم معتدى عليكم والحق معكم والتاريخ وكل أهل الخير معكم.

 

واستهداف تعز بهذا القصف الشرس والهمجي والغير أخلاقي يدل على غيظهم منكم لأنكم أسقطتم مشروعهم ويدل أيضاً على شعورهم بالهزيمة وقرب انتصاركم.