■ كنت في لقاء غدا.. تبعته جلسة لشرب القهوة في جناحه الذي كان ينزل فيه ، استعرضنا سير المعارك في لحج و ابين ، حزام محافظة عدن ـ الأمني ، ورغم مقاطعة رنين هاتفه و رده على كل اتصال ، كان دولة المهندس : حيدر ابوبكر العطاس يرد على الهاتف، ومن ثم يواصل الحديث من حيث توقف ، بذهنية المهندس وعقل السياسي وحصافة رجل الدولة .
على اثر محادثة عن سير المعارك في عدن.. وضع الهاتف و قال : المقاومة حققت انتصارات حقيقية و النصر العسكري لتحرير المناطق هو قضية وقت ، خصوصا وان المملكة والإمارات قد حسمتا امرهما من قضية الامن القومي لا بالمعنى العسكري فقط ،بل ومن زاوية التفاعلات الاقتصادية والسياسية بما فيها اعادة الاعمار و تنظيم الاستثمارات والتجارة البينية و الخارجية ، فضلا عن مشروعات استراتيجية تتعلق بالنفط و الغاز وحتى تحلية مياه البحر ، وهذا كله سيغير حتى البيئة وسيحدث تطورات في مجالات مختلفة تعزز الوحدة الاستراتيجية بأبعادها الامنية و الاقتصادية والاجتماعية ، واستدرك قائلا :هذا كله ليس وليد اليوم ، وكثير من المشاريع كان موجودا وكان يمكن ان ينفذ حتى قبل الوحدة .. وكان يمكن تنفيذها بعدها ، الا ان علي عبدالله صالح واصل تعطيل هذه المشاريع و المساومة عليها ،و ساعدته في ذلك قوي سياسية محليه واخرى دولية ، وما نراه اليوم من كوارث ليس الا نتائج لمناوراته و سياساته .. لحسابات ذاتية و مناطقية ضيقة .
لذا قضية الحسم العسكري محسومة .. تطول او تقصر هي هدف لا بد من تحقيقه لا هداف اهم ، ولكن المعركة الأهم هي الاستعداد لما بعد التحرير ، وهذه معركة تتطلب وحدة سياسية واجتماعية حقيقية تتجاوز الحزبية و الذاتية لبعض الزعامات السياسية ، ودون ان يستوعب الجميع ذلك ويغلبوا مصلحة الدولة و الاقليم سيفتحون المجال امام تدخلات خارجية .. وهي تدخلات ليست قاصرة على ايران فقط وهذا يعتمد على العامل الداخلي ، وهو ما علينا تجنبه في معركتنا الراهنة و الاستعداد له في معركة ما بعد التحرير وهي الاهم .
□ أنا هنا لا انقل حرفيا ما استعرضه معي دولة المهندس حيدر لعطاس .. في جلسة ودية ، ربما كان التفكير فيها بصوت مرتفع ما يشغل ذهنه ، على قاعدة " عصف الذهن " هو الذي تسيدها ، قبيل قبوله بمنصب مستشار رئيس الجمهورية ، و اقل من48ساعة على صدر قرار تعينه في هذا المنصب ..الذي تناوله البعض على وسائل التواصل الاجتماعي ، و احاديث المناسبات الحضرمية في احتفالات و مسامرات الأعراس ، بالنقد والاستهجان لقبول دولة المهندس بمنصب المستشار، هذا الرفض العاطفي غذته و تغذيه بعض اطراف العمل السياسي مع الأسف ، دون ما تقدير لأهميته الرسمية واهمية توظيف خبرات دولته و مكانته في عملية الشروع في بناء الدولة بمجرد عودة الرئيس : عبدربه منصور و حكومته الي عدن .. و التي لم تعد بعيدة ولا تفصلنا عنها غير ايام ، وهي عودة ستكون منقوصة دون عودة الدولة بمؤسساتها العسكرية و الامنية و القضائية و الادارية ، فضلا عن التشريعية .. و جميعها تشكل تحديات حقيقية ،وعلى مؤسسة الرئاسة النهوض بها ، فضلا عن كونها معركة لا تستطيع الحكومة كجهاز تنفيذي القيام خوضها دون دور فاعل وقيادي للرئاسة كمؤسسة .. بعد كل هذا الانهيارات التي طالت مؤسسات الدولة على يد الانقلابين وحلفائهم المناطقيين والطائفيين .. وهذا جزء من معركة اعادة البناء التي يجب ان تكون جذرية لا ترقيعيه .. وفي تقديري هو الامر الذي كان خلف قرار المشير :هادي و قبول المهندس : العطاس ، و معركة حيدر العطاس هي في توظيف خبراته و تجارب الفشل التي ادت بالجميع الي هذا التشظي الذي يحتاج للتكامل بين ذهنيتي الجنرال و المهندس .. لا مجرد تأكيد على مقالي معركة حيدر قادمة يا فندم !؟ ، الذي نشرته ردا على مطالبة الجنرال : علي محسن الأحمر دولة المهندس: حيدر العطاس .. بتحديد المعارك التي خاضها و تساؤله له عن مكان وجوده في 1994 وهو يعلم انه و الدكتور الإيراني كانا في الامم المتحدة على الجبهة الدبلوماسية ، و وجود مستشارين بهذا الحجم لرئيس الجمهورية سيمكن الرئيس هادي .. من اجتياز مخلفات ما بعد التحرير، و سيساعدان نائبه رئيس الحكومة على اعادة تنظيم الادارة و تفعيلها .. ودون شك هي مهمة بدأت بزيارة نائب الرئيس ـ رئيس الحكومة الاستاذ : خالد باحاح ـ التفقدية لعدن .. والتي بناء عليها سيعد خططه لاستعادة مؤسسات الدولة .
□□ خطوات على طريق صحيح .. وفي ذات الوقت صعب و وعر للرئيس هادي ، واهمها تعزيز مؤسسة الرئاسة بالتعيينات الأخيرة ، التي لا يتجاوز من خلالها ما فرضته مرحلة صنعاء فحسب ، بل و الاستعداد لما بعد التحرير التي يعتبرها المهندس العطاس معركة صعبه و تتطلب وحدة موقف موحد لمختلف فصائل العمل السياسي ، التي فرضت عليه القبول بهذا الموقع .. و المستشار بحجمة لا المسمى الوظيفي او في اطار التوازنات كما يظن البعض من ابناء حضرموت ، في مسامرتاهم هذه الايام ، حبا بدولة المهندس .. لا نتيجة تسريبات بعض الكتاب و السياسيين على المواقع الالكترونية و صفحات التواصل الاجتماعي فحسب؟!
□□□ قبول دولة المهندس حيدر العطاس بدور مستشار الرئيس : عبدربه منصور لم يأتي من فراغ ولا نتيجة ضغوط مورست على أي منهما كما كتب احدهم .. بل نتيجة ضرورة وجود مستشار سياسي ذو رؤية وعقلية منفتحة على الجميع و مستوعبة لمختلف المخاطر و التحديات الداخلية و الخارجية ، وقادرة على المساهمة في صياغة مرحلة ما بعد التحرير .. لمغادرة الماضي بكل مخلفاته و ذيوله القديمة و الحديثة ، الي مستقبل يعطي للمنطقة باسرها قدرات استراتيجية و علاقات تفاعلية كفيلة بترسيخ وحدتها ومنعتها تجاه التدخلات الخارجية ، واظن في تجربة الجنرال ما يكفي لاختياره عقلية المهندس ، وهي خطوة لها ما بعدها؟
*عضو المجلس المحلي لحضرموت .. كاتب سياسي .