ليس مستغربا أن يتباهى الحوثيون وشريكهم صالح بارتفاع عدد ضحايا مجازرهم في عدن وبلوغه اليوم (الأربعاء 6/ مايو/ 2015م) فقط في مجزرة نازحي التواهي وحدها قرابة المائة ضحية معظمهم نساء وأطفال وكلهم مدنيون في مجزرة تعيد إلى الأذهان مجزرة سريبرينيتسا البوسنية التي ارتكبها المسيحيون الصرب المتشددونو بقيادة سلوبودان ميلوشيفيتش ضد مسلمي البوسنة في تسعينات القرن الماضي.
ضحايا مجزرة التواهي لم يقتلوا وهم يواجهون مليشيات الحوافش في جبهة القتال وبطبيعة الحال لم يكونوا يحملون سلاحا بأيديهم وكلما كان معهم بعض المتاع بينما كان البعض يحمل أطفاله معه على ظهر القارب. . . لقد كانوا هاربين من نيران العدوان على زوارق الصيد باتجاه مدينة البريقة التي اعتقدوا أنها أقل خطرا على حياتهم حينما فاجأهم القتلة بنيران الدبابات وهم يهتفون " الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل . . ".
الذين ارتكبوا مجزرة سريبرينيتسا مسيحيون متشددون وقوميون صرب متعصبون والضحايا كانوا من المسلمين وكان ميلوشيفيتش ينتقم لأجداده الذين قهرهم الأتراك في القرن الخامس عشر عندما احتلوا صربيا وأدخلوا الإسلام إلى هناك، بينما مرتكبو جريمة سريبرنتسا عدن يمنيون ويدعون أنهم مسلمون والضحايا مسلمون صغارا وكبارا وإن كان القتلة يدعون المظلومية التاريخية التي تعرض لها أجدادهم على أيدي بني أمية في دمشق قبل أكثر من 1300 عام.
ميلوشيفيتش لم يكن فقيرا عندما دخل مع البوسنة في الاتحاد اليوغوسلافي في أربعينات القرن الماضي ولم يخرج من البوسنة مليارديرا، أما بطل مجزرة التواهي فقد دخل عدن ورأسماله لا يكاد يذكر وخرج من السلطة بعشرات المليارات من الدولارات معظمها حققها بفضل عدن وجنوب اليمن واليوم يكافئ عدن بهذه المجزرة التي تقشعر منها الأبدان ويندى لها جبين العالم خجلا وحياءً.
نحن طبعا لا نخلط بين عفاش والحوثي لكن عفاش هو من خطط ومون وقاد كل الحرب الدائرة على الجنوب واشرف وما يزال يشرف عليها منذ البداية، بينما يتولى الحوثي وأتباعه التنفيذ والصراخ والتباهي بالمجازر المتواصلة بحق المدنيين منذ أكثر من شهرين.
سيكتب التاريخ يوم السادس من مايو 2015م كواحد من أكثر الأيام سواداً في تاريخ عدن وجنوب اليمن وسيدخل القتلة موسوعة جينيس في الحيوانية الوحشية والنزعة الدموية ولاشك أن الجرح غائر والألم مرير والمأساة عصية على التوصيف لكن الفرحة التي تبدت قادة الحوافش وعلى وسائل أعلام صالح والحوثيين وهي تستعرض (الانتصار العظيم) الذي حققته مليشياتهم على النساء والأطفال تكشف أن الصراع بيننا وبينهم ليس فقط صراع سياسات ومصالح مادية وعينية بل إنه صراع قيم وأخلاقيات ومُثُل، فقبل يوم فقط من مجزرة التواهي كانت الفضائيات تعرض شريط فيديو عن أسرى الحوافش في الضالع وهم يتناولون الطعام والقات المقدم لهم من قيادات المقاومة الجنوبية في الضالع أما الحوافش في عدن فلم يتيحوا فرصة لضحاياهم ليكونوا أسرى فهم يعدمون الأسرى جماعيا بمجرد أسرهم، ويلاحقون العائلات عبر البحر ويقتلونهم بقذيفة واحدة ثم يهتفون "الموت لأمريكا الموت لإسرائيل . . "، ولسنا بحاجة إلى الإشارة إلى إنه لم يكن بين الضحايا لا أمريكيا ولا إسرائيليا واحدا.
أصدق مشاعر العزاء لكل الجنوب ولأهالي الضحايا الأبرياء على وجه الخصوص والرحمة تغشى أرواح ضحايا الإجرام الحوفاشي.
الخزي والعار لتجار الموت ومحترفي القتل وآكلي لحوم البشر.
برقيات:
* استشهد اليوم في معركة التواهي اللواء على ناصر هادي قائد المنطقة العسكرية الرابعة، وبهذا المصاب الجلل نتقدم بأصدق آيات التعازي والمواساة لكافة أبناء وإخوة الشهيد البطل وكل شهداء المقاومة الجنوبية الأبطال سائلين المولى العلي القدير أن يتغمدهم جميعا بواسع رحمته وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.
* برقية شعرية:
عدن الجريحة كفكفي دمع الندمْ وتحـــمَّلي جرح الولادة والألمْ
كل الكلاب تدافعت تنـــقضُّ في نــهمٍ على جرح الكرامة والقيم
إن الوحوش تسابقوا كي يظفروا من هدم ميدان الشــهامة والـكرمْ
لا تحبطي يا أمنا لا تــــــيأسي فالنصر لاح من الأعالي والقممْ
النصر مثل الضوء يأتـي فجأة لكنه يبــــــــــــقى وتنهار الظلمْ
إني حزينٌ غـــــــير إني واثقٌ بالفجر بعد الليل إذ يمــحو السَقَمْ
وغدا ستنتصرين نصرا خالداً ويفر كالفــــــــئران مقتاتو الرممْ