المنطق المغلوط وثقافة الفيد والإخضاع سبب المشكلة اليمنية.

2015-03-27 12:17

 

التفكير السطحي يقود الى عدم التشخيص الدقيق للعلة، فالحوثيين وهم يمثلون شرعية الإنقلاب والبندقية استعانوا بإيران وبرروا ذالك بأنه عمل وطني وسيادي ، وعندما استعان الرئيس عبده ربه منصور هادي وهو يمثل الشرعية الدستورية، بالسعودية ومن معها ضد الإنقلاب إعتبروا ذالك خيانة وطنية، هذا هو المنطق المغلوط.

 

ولو لم يقم الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق بالهيمنة على الدولة يدفعهم لذالك جشع ثقافة الفيد والإخضاع لما حدث ما حدث اليوم هذا هو جوهر المشكلة.

سبب مآسينا هي ثقافة لا تعترف بالأخر ثقافة تريد من الأخرأن يكون خاضعا ً، هل يمكننا  تفسير مدلول كلمة.( خضعي لغلغي ) هل يمكننا ترجمة مدلول ( ما بِشْ إمام من باب اليمن ) ومدلول (بلاد الجيش وبلاد العيش) تلك مدلولات هذه الثقافة التي اتحدث عنها والتي لا تعترف بوجودك ، هل  يعرف الناس رأي الجارودية والهادوية بِمُنْكِرْ الإمامة أو منكر احد الأئمة -وهي هنا تلتقي مع الإمامية الإثنى عشرية وهذا التلاقي يفسر التحالف مع ثقافة التشيع الصفوي - ( انه كافر من وجهة نظرهم) وبسبب ذالك أُبيدت المطرفية على يد الإمام عبدالله إبن حمزه لخلافهم معه حول مسألة الإمامة فالمطرفية تبنت  وجهة نظر الإمام زيد رضي الله عنه في الإمامة (بجواز ولاية المفضول بوجود الفاضل ) ولم تُنكر من هذا المنطلق خلافة الخلفاء الراشدين ابوبكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم والزيدية حلت مشكلة الإمامة وأحقيتها وحفظت بذالك دماء المسلمين .

 

إن ثقافة الفيد والإخضاع التي أُشتقت منها كلمة خضعي هذه الثقافة  وأمثالها هي سبب مأسي المسلمين ونكباتهم في اليمن. وان لم نواجهها بتفكيك أُسسها ستضل الأمة تحصد أرواحها بالتقاتل فيما بينها تحت مبررات ودوافع هذه الثقافة.

 

وهناك أمر آخر فلقد قامت ثورة الحوثيين تحت شعارات محاربة الفساد وتنفيذ مخرجات الحوار لماذا لم يقدموا احد من اباطرة الفساد الموالين للرئيس السابق للعدالة، ولماذا انقلبو على مخرجات الحوار. السبب بسيط هو ان هذه الثورة ليست ثورة شعب كما تدعي بل هي ثورة ثقافة الفيد والإخضاع ضد مخرجات الحوار لأن المخرجات تُفقدها الهيمنة والإخضاع،  وهذا هو سبب التحالف بين السيد عبد الملك الحوثي والرئيس السابق وكما يعرف الجميع إن احد أهداف ثورة ٢٦ سبتمبر هو بناء جيش وطني، ولنا حتى الأن اكثر من ٥٠ عام ولم يتم بناء جيش وطني، بل كل مكونات الجيش وعقيدته القتالية مهمتهما الأساسية هي حراسة هذه الثقافة، ولذالك منذ سبتمبر وحتى اليوم تكونت لدينا سلطة ثقافة الفيد والإخضاع يحرسها جيش هو اهم مكوناتها،ولم تتكون لدينا دولة وطنية تؤمن بخيار المواطنة المتساوية وشتان بين السلطة والدولة، وعندما تمت الوحدة اليمنية عام ٩٠م لم تتقبل هذه الثقافة المشاركة في السلطة ، وبدأت العمل على التخلص من شركاء الوحدة ووصل هذا الرفض للشركاء بعد حرب ٩٤م ذروته حيث تفجرت شهية هذه الثقافة واكتسحت الجنوب واستولت على الأرض والثروة مما خلق ردة فعل من المجتمع في الجنوب تمثلت برفض وكراهية كل ما هو شمالي مما أدى إلى تفكيك النسيج الإجتماعي بسبب هذه الثقافة ، كما أن هذه الثقافة لم تقبل بأبناء دماج لإختلافهم بالمذهب حتى بعد ان وافق أبناء دماج على محاضر الصلح ووقعها معهم الحوثيين الذين  نقضوا كل عهد أبرموه واستأصلوهم من ديارهم وأرضهم وكذالك قامت بنسف منازل معارضيهم ، وقامت بقتل المتظاهرين العزل في تعز لأنها لا تحترم الرأي الأخر،لقد تميزالحوثيون بإضافة فريدة لهذه الثقافة تميزت بالتطهير والتهجير ونسف المنازل وقتل المتظاهرين. ونحن منذ هيمنة هذه الثقافة  ندفع مغرم افعال هذه الثقافة  بينما استأثرت هي بكل المغنم من سلطة وفيد. وهذه ادلة اخرى تضاف لسابقاتها وتؤكد على ان المشكلة في الأساس هي ثقافية لأنها المحرك الأساسي لسلوك الإنسان. هذه الثقافة التي لم تبني وطناً ولا إنسانا بل بنت سلطة فيد وإخضاع وقَسّمت  الإنسان اليمني الى جزء يحرس هذه الثقافة وجزء يعمل لخدمة هذه الثقافة وجزء مُشرد بالأفاق.

 

ولعل قانون الدفع الإلاهي (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج أية ٤٠. هيأ لهذا الشعب ان يتخلص من هيمنة هذه الثقافة كما هيأ لألمانيا ان تتخلص من ثقافة عنصرية الرايخ.