دفاعا عن الدين والأنسان

2015-02-16 08:44

 

الأخ الحبيب محمد صالح النعيمي

لقد كنت سعيدا جدا بقراءة رسالتك المعنونة (دفاعا عن الحقائق ) والمتعلقة بردك حول موضوعي بعنوان (دفاعا عن الأستاذ عبدالله نعمان الإنسان والرأي) ولو متأخرا لظروف خاصة, ووجدت فيها نفسا لروحك التواقة للحقيقة المدافعة عنها .

وأود أن أوضح ما يلي:

أولا : من حيث واقعة الإعتداء بالضرب تأكد أنها لم تحدث وانا أعتذر عن إشارتي لواقعة غير مؤكدة فعلينا أن نمتلك شجاعة الاعتذار وشجاعة التراجع عن أي موقف خطاء .

ثانيا: لي منهج خاص وهو اني اؤمن بان دين الإسلام دينا كونيا لا يمكن حصره في حزب أو جماعة أو قومية أو عرق, كما اني وجدت - من خلال قراءتي لمشاكلنا المختلفة (سياسية, اجتماعية, اقتصادية, سلوكية ....الخ...)

وكذالك من خلال قراءتي لتاريخنا المعاصر والقديم – أن مشاكلنا بالأساس ثقافية, حيث أن الثقافة هي المحرك الأساسي لسلوك الأنسان, هذه الثقافة بمكوناتها المختلفة من معتقدات وأعراف ومفاهيم كونت عقلنا الذي وجه سلوكنا وأفعالنا وتفكيرنا وفق قيد هذه الثقافة المكونة لهذا العقل, لهذا وجدت انه لا خلاص لنا من الخروج من معاناتنا ومشاكلنا إلا بتحرير عقولنا من المفاهيم المغلوطة والخاطئة التي هي موجودة في تراثنا الفقهي والسياسي وكونت هذه الثقافة. وكل ما اكتبه هو معالجة هذا الخلل المدمر للإنسان العربي المسلم, ولهذا أنا أتحدث عن ثقافة وليس أشخاص إلا إن ذكرت اسما من باب الاستدلال لا غير, فأنا اتبع المنهج الرباني بهدم الفكرة الصنمية المغلوطة وليس بهدم الأنسان.

 

ثالثا: دعني الأن أناقش أفكار رسالتك:

 دعنا أخي الحبيب نفصل بين واقعة الاعتداء بالضرب ومشكلة الثقافة فالواقعة ثبت عدم صحتها واعتذرت عن ذالك ولنتحدث الأن عن المرض الذي أصاب مجتمعنا وهو ثقافة الغاء الآخر وعدم القبول به إلا خاضعا.

 

 لم يكن في قولي ما يشير الى الآية القرآنية والتي استشهدت بجزء منها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) النساء 43.  

فلقد كنت واضحا بتشخيص أسباب ازمتنا الحالية وأزماتنا المتعاقبة حين أعدتها الى جذر المشكلة الثقافية, فلم يشمل ردي (محاكمة مذهبية وسلالية هاشمية) أبان حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح فلقد أتيت بتلك الوقائع لأدلل اني اكن لآل البيت كل التقدير والاحترام والمودة امتثالا لأمره سبحانه وتعالى (ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ  قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا  إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) الشورى 23.

 

واني تتلمذت على يد احد أئمتهم  وعلمائهم العظام السيد ابراهيم بن علي الوزير رحمه الله والذي اشهد انه لم يكن عنصريا سلاليا وإنما إنسانا ربانيا يؤمن بان المذهب هو رأي وفقه بشري وليس دينا. وبالتالي أنا أتحدث عن ثقافة دخيلة تميز بين بني البشر وليس لها اصل في دين الله. و اتفقت معي وصدقت في قولك (الفكر الذي لا تحكمه حدود جغرافية ولا جنس أو سلاله بشريه ، فكرا يحمل الحرية والعدل والشورى في الأمر ونظام المؤسسات والفصل بين السلطات) وهذا هو منهج دين الله الذي أتى رحمة للعالمين وهو أساس مدرستك الفكرية. واتفق معك في أن النظام السابق كان ظالما للجميع.

 

وحول قولك أن العاطفة جرفتني في توصيف الثقافة فغير دقيق فتوصيفي لمظاهر هذه الثقافة هو تشخيص العلة والمرض وهو نفسه تجده  في كل كتاباتي, أما حول وسائل الأعلام فبحسب علمي لا توجد وسيلة إعلامية محايدة 100% كلها لها توظيف ما.

 

وبخصوص أحزاب اللقاء المشترك  فأنا افصل ما بين القيادات والشباب فبعض هذه القيادات هي جزء أصيل من ماكينة النظام وأدواته وهي مرتبطة بالنظام إما بالمصلحة أو الوظيفة أو المال أو المصاهرة وطبيعي أن تدافع عن النظام وفساده لأنها بمحاكمة النظام تحاكم نفسها.

 

وأنا احترم واقدر شجاعتك باعترافك أنكم في اللقاء المشترك  استوليتم على ثورة 11 فبراير وخدعتم شبابها, وقد كتبت حينها عدة مقالات احذر الشباب من رهن إرادتهم وقلت أن أي ثورة لا تمتلك رؤية ولا مشروع ولا أداة ولا قيادة مصيرها الفشل والانحراف. وما ذكرته عن أحزاب اللقاء المشترك امر مؤلم ومؤسف علينا ألا نكرره  وعليهم تبعات كل ذالك وكلامك يعتبر شهادة كونك احد قياداته , ولو أن كل السياسيين بمثل شجاعتك وشفافيتك لتجاوزنا كثيرا من مأسي الوطن.

 

أما قولك عن خروج الأخوة في الحراك والحوثيين انصار الله عن الاصطفاف السياسي فخرجوا عن مغانم اقتسام السلطة فقط أما الاصطفاف السياسي فالأخوة الحوثيين انصار الله والكثير من قيادات الحراك مصطفين سياسيا مع الرئيس السابق ونظامه وهذا ما أكدته الأحداث المتلاحقة من عام 2011م حتى الأن ورفضهم مخرجات الحوار الوطني والذي كانت قضية صعدة والقضية الجنوبية مدماك الأساس فيه يؤكد هذا القول,  أما الثورة فهم مشاركين فيها بل إن الحراك سبق الثورة بسنوات إذ بداء ثورته في عام 2007م.

 

إن كل المواقف السياسية (الأمراض ) التي ذكرتها وقامت بها الأطراف السياسية ما هي إلا تأكيد لما أقوله( إنها الثقافة ) فهم بكل سلوكياتهم ينطلقون من هذه الثقافة التي تترجم عنصريتهم ومناطقيتهم وتمذهبهم وفسادهم وعدم قبولهم الأخر أو مشاركته.

 

أما الجيش فلم يبنى على أسس وطنية ولاعقيدة قتالية وطنية وإنما تم بناؤه على أساس الانتماء المناطقي والقبلي والمذهبي ولهذا حصل ما نشاهده اليوم من انهيارات حكمتها وسببتها كل تلك العوامل السابقة. وعندما يخطئ الأخرون ويجرمون لا يعطي ذالك مبررا للأخر ليفعل ما فعلوه فاذا جندوا كما ذكرت يجب أن يعالج الموضوع وفق أسس وطنية وقانونية . والا بماذا فرق الأخوة الحوثيون انصار الله عنهم.

 

وسيضل مشروعنا معا بناء دولة المواطنة المتساوية والعدالة والأخوة تحت الفهم الصحيح لدين الله الحق الذي آخى بين ابن عوف القرشي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي ولم يفرق بينهم بسبب الجنس أو اللون .

خالص التقدير والاحترام