بعد أن تجرع شعب الجنوب الويلات وذاق المرارة والألم واكتوى بنار الماضي الأسود، جراء الصراعات الداخلية التي هندس لها نظام صنعاء ( العربية اليمنية ) آنذاك، مستغلاً عاطفة وغباء القيادة السياسية التي كانت على سدة الحكم، وبينها من يدس السم بالعسل، ويشعل نار الفتنة تنفيذاً لتلك المخططات الشيطانية التي تفننت مطابخ صنعاء النتنة بصنعها، والتي عانى منها شعبنا لسنوات ولازال، حيث خسر عدداً كبيراً من كوادره، قبل الوحدة المغدورة، وبعدها أضاع دولة كانت ذات سيادة كاملة خبراً كان .
كل ذلك نتيجة الغباء السياسي عند بعض من حكم دولة الجنوب سابقاً والحقد وحب الذات وعدم تقبل الأخر من جهة أخرى، حتى وقعنا بفخ صنعاء التي احتلت أرضنا ودمرت دولتنا ولا زال الاحتلال جاثماً على أرضنا الطاهرة حتى اللحظة .
وبفضل الله وجهود الخيرين من أبناء جنوبنا الحبيب الذين أشعلوا النور بعد الظلام الدامس، وزرعوا الأمل بعد الانكسار، ووضحوا لشعبنا من هو العدو الحقيقي، استوعب عامة الشعب تلك الحقائق ومتطلبات المرحلة آنذاك، تحديداً في عام 2006م، ليصنعوا من أتراحهم وأحزانهم ومآسي الماضي الأليم لوحة أخويه جميلة وملحمة ثورية جديدة من أجل مستقبل الأجيال، فبالتصالح والتسامح والتضامن الجنوبي عادت اللحمة الوطنية الجنوبية وتفجرت ثورتهم كالبركان على المحتلين الغاصبين .
التصالح والتسامح القاعدة الصلبة لثورة شعب الجنوب ..
منذ انطلاق حركة التسامح والتصالح والتضامن الجنوبي من جمعية أبناء ردفان في عدن في عام 2006م، استبشر الشعب الجنوبي خيراً، فبدأ يتصالح ويتسامح، وأضحى الجنوبيين يتنفسون المحبة والتسامح والتصالح الحقيقي، شطبوا من قاموسهم كلمات ( التخوين وقذف التهم ) لأن هذا المبدأ السامي ( التسامح والتصالح ) القاعدة الصلبة لثورتهم التحررية التي أنطلق في 7/7/2007م، ولا يسمح بوجود لغة التخوين أو توزيع صكوك الوطنية، كون الجنوب وطن محتل، وطن بكل ولكل أبناءه وجميعهم شركاء في تحريره وبنائه من جديد .
ماضي دفن من أجل الوطن ..
دفنــا صفحة الماضي ** ولن نرجع لعهد الثأر
ومهما يوشي الواشي ** البغيض الخادع المكار
هكذا قالها الشاعر وغناها ربان الثورة الجنوبية عبود خواجه .. وبالفعل لقد دفن شعب الجنوب الماضي من أجل الوطن تصالح وتسامح مع الذات، ليسطر له التاريخ بأحرف من ذهب، أنه شعب عظيم رغم الويلات التي تجرعها صبر واحتسب وعندما نادى المنادي: حان وقت التسامح والتصالح .. آن الأوان للتضامن .
لبى شعب الجنوب النداء وطوى صفحات الماضي وصبر رغم المؤامرات والدسائس ظل صامدا ماضي قدماً إلى الإمام ليسطر له التاريخ بأحرف من ذهب : أنه شعباً عظيم في عالم لئيم .
مبدأ سامي طبق قولاً وفعلاً على الأرض واسقط كل المؤامرات ..
بعد أن بدأت حركة التصالح والتسامح والتضامن تتوسع وتنتشر كثقافة ووعي ومبدأ سامي، بل مطلباً ملحاً تتطلبه المرحلة ومن أجل الوطن الجريح والقضية العادلة ومستقبل الأجيال، انطلاقاً من عدن العاصمة السياسية طبق المبدأ ليعم كل مدن وحواضر الجنوب، فجن جنون نظام صنعاء حينها، محاولاً بشتى الوسائل والطرق أن يفشل حركة الصالح والتسامح، ويشعل نار الفتنة مجدداً، لأن توحد الجنوبيين وترفعهم عن خلافات الماضي ودفن مآسيه هي بداية النهاية للاحتلال الجاثم على أرضهم، رغم القتل والاعتقالات ونشر الإشاعات ودس ضعفاء النفوس بين الاحرار، لم يفلحوا ! .
( ضالعي ، بدوي ، لحجي ، حضرمي ، يافعي ، ووو ) لم يعد لها مكانا في جنوبنا تجد أبناء الجنوب وفي مقدمتهم أبناء الشهداء، أبن أبين في الضالع يشارك إخوانه النضال التحرري وفي شبوة أبن يافع يزور إخوانه الثوار وأبن حضرموت أو المهرة بالعاصمة مشاركاً في هذه الفعالية أو تلك المليونية، أصبح الجميع جسداً واحد على قلب رجل واحد وهدفهم واحد ( تحرير واستقلال الجنوب ) يهتفون بصوت يهز الإرجاء ..
نحنا تصالحنا تسامحنا ** نحنا جنوبيون في الساحة ..
خط أحمر وأمانة بأعناق الجميع ..
ما أن يخوض شخصاً في المناطقية أو ينبش الماضي إلا وتجد أقرب الناس له أول المنتقدين والزاجرين له، كون التصالح والتسامح جب ما قبله وأضحى خط أحمر، لا يجد مكانا من يطعن بهذا المبدأ يشكك في أيمان الجنوبيون به، كمبدأ سامي فيه نسو وفيه ستنتصر ثورتنا التحررية المباركة .
فعلينا جميعاً كبارا وصغارا أن نرسخ هذا المبدأ بيننا وأن ندرس الأجيال كيف صنع شعبنا من ألمه وأوجاعه ثورة وكيف أضحى الوطن فوق كل اعتبار لفضل هذا المبدأ العظيم الذي يعتبر أمانة بأعناق الجميع .
عيد الأعياد ..
13 يناير من كل عام، بعد أن كان يوما أسودا، أصبح عيد وطني جنوبي يحتفل فيه شعب الجنوب من المهرة إلى باب المندب من كل عام بعد، حيث أنهم أطلقوا عليه ( يوم التصالح والتسامح الجنوبي ) وكانت المهرجانات التي نظمت بمناسبة هذا اليوم من أقوى المهرجانات الثورية الجنوبية بل أن مليونية التصالح والتسامح بالعام قبل الفائت كانت أكبر مليونية لشعب الجنوب من حيث الحشد والزخم الثوري .
فعلاً أنه عيد وليس كأي عيد وطني أخر أنه اليوم الذي لولاء مبدأ التصالح والتسامح لما قامت للجنوب قائمة ..
وما هي إلا ساعات وتهل علينا الذكرى التاسعة ليوم التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي والذي ستحتضن العاصمة عدن فعالية لم تشهدها من قبل ، بمناسبة هذا اليوم العظيم الراسخ في وجدان كل الجنوبيون .
خاتمة ..
قال أحد الثوار معلقاً على سؤال طرحته في منشور بموقع التواصل الاجتماعي ( فيس بوك ) ماذا يعني لك التصالح والتسامح الجنوبي ..
« التصالح والتسامح استعادة الوطن وبنائه بشكل سليم وحضاري ونسيان الماضي بكل ما فيه والانطلاق نحو مستقبل جديد نعيش فيه بكرامة وامن وأمان لنا ولكل الأجيال القادمة « ..
يا ترى هــــــــــــل نحــــــــــــن فـــــــــاعلـــــــــــــون ؟؟