هاهو قد عاد من جديد وقد بلغ السيل الزبى وما بين الاستقلال الاول والثاني تبقى أعين العالم ترقب حذرا واعيننا تنتظر شوقا لميلاد يوم جديد من أيامنا الخالدة التي مازلنا نتغنى بها حتى الان ، الاستقلال الاول يختلف جذريا لان الاستعمار الذي مكث فينا قرنا ونيف قد أحدث فرقا شاسعا بين قبل وبعد وجعل للإنسان الجنوبي والعدني خاصة ذو مكانة خاصة ميزته عن باقي أقرانه في دول المنطقة ، الاحتلال البريطاني لم يكن بهذه القساوة والخبث والعنف الذي نراه في المستعمر الجديد هناك كانت عدن قبلة للزوار وكانت منارا للعلم والأدب والثقافة والتجارة هناك عمّر البريطانيون الارض وبنوا الانسان وحافظوا على كرامته وبشريته بعكس ما حكى لنا الثوار الذين زوروا التاريخ وقالوا لنا انه نشر المرض والجهل والفقر قالوا فيه ما لم يكن والا لماذا كانت عدن في عهده الاولى عربيا ونافست في مراحل عالميا .
يحكى ان ابناء عدن اذا غادروا للدراسة او السياحة كان الاخرون يشيرون اليهم بالبنان ويقولون هؤلاء ابناء عدن وكأنهم قدموا من كوكب اخر لما تميزوا به من شكل ومضمون جعلهم محل إعجاب الكون اجمع ، اما الاحتلال الجديد فلم استطع ان ابحث عن مدخل له من اين ابدأ ثم ماذا اقول يعجز القلم ان يصف الوضع ويقيم ما مرت به عدن والجنوب سوى انه انحطاط عام في كل قطاعات الحياة وفوضى عارمة أربكت عقول البسطاء واذهلت العالم الذي يقف الان عاجزا عن تفسير وإيجاد حل للخروج من هذه الدوامة القاتلة التي لم تبقي شي على فطرته السليمة ،
الاحتلال الجديد قتل فينا حلما راودنا عقودا ، جعلنا نندب حظنا العاثر ونلعن ذلك اليوم الاسود يوم توقيع الوحدة.
اليوم نتمنى يوما واحدا من تلك الايام الخوالي ان يعود قبل ذلك اليوم المشؤوم الذي سلمت فيه الجنوب على طبق من ذهب ، اليوم شعب الجنوب اصيب بحالة هيستيرية من ذكر الوحدة او اليمن الذي كان يتفاخر فيه امام العالم ويذكره صباحا مساء منذ نعومة أظافره اليوم اصبح ينكر بل ويكفر من يدعي باليمننة الى هذا الحد أوصله الاحتلال الثاني بسبب ما شاهده من عذاب وإهانة لا يقبلها عقل بشري ، اليوم قد حدد شعب الجنوب ان هدفه الاول والاخير هو التخلص من هذا الإرث الثقيل المؤلم الذي جثم على صدره عقدين ونصف من الزمان واضاع عليه سنوات غالية من عمره جعله في مصاف الدول الفاشلة الفقيرة المتخلفة ، اليوم قالها مدوية ان دون الاستقلال هو الموت ولا رجعة عن حريته من أقسى وأعتى واهمج احتلال عرفته البشرية في التاريخ الحديث ، لا يلام شعبا قدم ارضه وثرواته وهويته حبا وعشقا في وحدة اعتقد انها ستحلق به عاليا في مصاف الدول المتحضرة لم يكن يعلم ان مصيره سيكون في غياهب التخلف والاستبداد الطبقي ،
اليوم لو خير شعب الجنوب بين الاحتلال الاول والثاني ستكون إجابته قطعية شتان بين الثرى والثريا ، ولو سألتم من بقى من الثوار الذين كافحوا ضد بريطانيا وطردوها سيقولون ليت الشباب يعود يوما لكفرنا عن ذنب عظيم ارتكبناه في حق أنفسنا وأجيالنا عندما قاومنا محتل بنى لنا وطنا من العدم ثم طردناه ،
ماذا عساهم ان يقولوا على المحتل الجديد بعد ان جعلهم يموتون جوعاً وعطشا وكرامة ، عدت يا نوفمبر وشعب الجنوب في لهفة الى اعادة مجد فقد وأرضا اغتصبت وكرامة استبيحت ، وعهدا قطع ان لا رجعة عن التحرير وان فرشت الارض ذهبا والبحار عسلا صافيا فبعد هذا الكابوس لا خيار سوى الاستقلال الكامل على ترابنا الوطني .. نوفمبر اليوم جانا عود لنا من جديد فيه سنستعيد الكرامة ويصبح الكل سيد .