من صنعاء الى بيروت ما بين حزب الله وأنصار الله ، قراءة ومقارنة.

2014-10-19 15:41

 

تنويه لا بد منه:                               

أولا:- انا أومن بدين الله الحق ولا أُدين بدين التمذهب (تحويل المذهب الى دين) فالمذهب اجتهاد وفهم بشري لنص من كتاب الله أو صحيح من سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، لحل مُشكلة ما ، مرتبط بزمان ومكان، وأرضية معرفية وثقافية، وسقف معرفي وثقافي، مرتبطان بنفس الزمان والمكان .

ومآسي المسلمين نتجت من التمذهب , وحين أتحدث هنا عن المذهبية والطائفية فأنا أصف الواقع الُمعاش لا غير.

                                            

ثانيا:- أنا أؤمن بحرية أن يعتقد ويعتنق  الإنسان أي دين وأي مذهب يريد، تحقيقا للتوجيه الرباني بحق الإختيار وعدم الإكراه والإلزام (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) الكهف (29) (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة (٢٥٦)    (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ) هود (28)                         

 

ثالثا: أنالست حزبياً وإنما مسلما ومؤمنا ربانيا أرى رسالة الإسلام للعالمين لا تخص جنس أو لون .

                                 

لقد بدأ تسلسل الأحداث في صنعاء بثلاثة شعارات مثلت شرعية حراك الحوثيين (إسقاط الجرعة وإسقاط الحكومة وتنفيذ مخرجات الحوار)، وفي طريقهم أضيف إجتثاث الفساد والإخوان ، ومثل كل ذالك بنظرهم إرادة الشعب، ما الذي حدث؟  خُفّظت الجرعة وأُسقطت الحكومة وَوُقّع ما عُرف "بإتفاق السلم والشراكة الوطنية بناء على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني" .

 

إحتل الإخوة أنصار الله(الحوثيون) صنعاء ومحافظات جديدة، لم يحترموا أي اتفاق،نهبوا معسكرات الجيش، لم يعد للشعب في حراكهم موقع، وذهبت مخرجات الحوار الوطني أدراج الرياح.

 

وفي جبهة مواجهة المتنفذين والفاسدين تمت مواجهة خصوم الرئيس السابق علي عبدالله صالح فقط ، وتمت حماية الفاسدين من أنصاره ، ولم يتم التعرض لهم، مما يؤكد التنسيق والتعاون الكاملين بينهم وبينه وأنصاره ، والذي بدأت بوادره أثناء مناسبات استقباله لمجاميع أنصاره للتهنئة بالنجاة من حادثة النفق، حيث تم توجيههم بمناصرة ودعم وإستقبال الإخوة الحوثيين (أنصار الله) في مناطقهم وتسليمها لهم. مستغلين بذالك البعد المذهبي والمناطقي لأفراد القوات المسلحة والأمن الذين بغالبيتهم من مناطق شمال الشمال ، لحيث وأن سلطتهم العميقة باتت مهددة بوجود رئيس من الجنوب .وهذا هو تفسير هذه التداعيات التراجيدية التي حدثت.

 

كنت أظن أن الإخوة الحوثيون (أنصار الله)، يمثلون نموذج مشابه لحزب الله في العقيدة والقيم الأخلاقية والسياسية والتسمية.

فالتسمية تكاد تكون واحدة، والعقيدة واحدة وتأكد ذالك بإعلانهم رسمياً تبني المذهب الإثناعشري بإحتفالهم بعيد الغدير،والسيد عبد الملك الحوثي عندما يتحدث ببلاغة وسلاسة يحاكي سيد المقاومة السيد حسن نصر الله، وكنت أتمنى أن يُجٓسِد  الإخوة الحوثيون (أنصار الله)،أيضاً منظومة القيم الأخلاقية والسياسية لدى حزب الله، لم أجد تلك القيم التي مثلها سيد المقاومة وحزب الله، ففي الجانب السياسي لم يتعامل حزب الله وكأن لا وجود للدولة اللبنانية، بينما تعامل الإخوة الحوثيين (أنصار الله) وكأن لا وجود للدولة اليمنية، والتي يتحركون تحت شرعيتها.

لم يلغي حزب الله الجيش اللبناني، ولا قوى الأمن الداخلي، ولم ينهب المقرات والمعسكرات بل تعاون مع الجيش اللذي يمثل كل الطوائف وقيادته مسيحية، واعتبره صمام أمان للوحدة الوطنية ،وأعانه في محاربة قوى التطرف والأرهاب، ولم يتولٓ حزب الله هذه المهمة بل تركها للجيش اللبناني وقام بدور مساند له ، بالمقابل دمر أنصار الله مقومات الجيش اليمني ونهبوا مقراته ومعسكراته ،ويريدون هم محاربة قوى التطرف والإرهاب منفردين.

 

ثم إنهم تعاملوا مع خصومهم بطريقة لا تنم عن القيم الإسلامية الرفيعة، من دهم للبيوت وعرض لخصوصيات الناس، عند فتح مكة لم يدخل الرسول عليه الصلاة والسلام بيتا من بيوت أهلها وهم مشركون وخصوم، فعلوا بالرسول عليه الصلاة والسلام والمسلمين الأفاعيل.

إن دخولهم غرف نوم خصومهم جعل منهم أداة مٓثّلٓت إنتقام الرئيس السابق علي عبدالله صالح من خصومه عندما هددوه بالدخول الى غرف النوم(وهذا عمل غير أخلاقي).

 

وعلى الجانب السياسي لم يسعى حزب الله لإلغاء الطوائف في لبنان،ولا إحتلال المناطق السنية فيه، بينما السيد عبد الملك الحوثي والإخوة الحوثيين  (أنصار الله) يقودون محاولة الغاء الطوائف الأخرى ويقومون بإحتلال المحافظات اليمنية التي تخالفهم مذهبياً. 

لقد تعامل سيد المقاومة مع عناصر جيش إنطوان لحد اللذين مثلوا خط دفاع عن العدو الصهيوني في جنوب لبنان، ومع عناصر الخلايا التجسسية لصالح العدو الصهيوني، ومع عناصر التطرف والإرهاب تعامل معهم بأخلاق ومسؤلية ، وسلمهم للدولة اللبنانية والجيش اللبناني دون أي عمل إنتقامي. إن السيد عبد الملك الحوثي والإخوه الحوثيين (أنصار الله) لا يُمَثّلِوُنٓ نموذج سيد المقاومة وحزب الله وإنما يُمَثّلِوُنٓ نموذج المالكي ومليشياته في العراق.

لم يتعامل المالكي مع السنة في العراق تعامل مواطنين يُمَثّلِوُنٓ جزء هام من نسيج الوطن بل تعامل معهم من مُنطلق المذهبية والطائفية، وهذا الأسلوب فجر الصراع المذهبي وخلق أرضية داعمة ومساندة لداعش في العراق. فهل يؤدي الإخوة الحوثيين (أنصار الله) هذا الدور في اليمن.

التفسير الوحيد الذي يفسر ما جرى ويجري هو ان تقاطع المصالح داخليا وخارجيا سمحت للإخوة الحوثيين (أنصار الله) بهذا التمدد السريع، والذي سيمثل بداية النهاية لصعودهم، فهم سيتحركون في بئية كاره لهم من ناحيتين الأولى مذهبية والثانية كونهم أدات للرئيس السابق علي عبدالله صالح ، اللذي يمتلك من البراعة والحنكة السياسية والعلاقات ما يفوقهم. ولهذالن يستطيعوا البقاء في المحافظات التي احتلوها طويلا. إن محاولة الإخوةالحوثيين( أنصار الله) التمدد الى محافظات تختلف معهم مذهبيا  لتغيير الجغرافياالمذهبية أو الإخضاع السياسي يُمثل استفزازاً غير مقبول لهذه المناطق لن يستطيعوا تحمل تبعاته. خاتمة القول ليس لنابديلا لهذا الصراع المدمراللذي ننساق إليه واللذي يخدم الصهيونية ومخططاتها إلا التعايش معاً، إخوة متحابين يجمعنا وطن واحد وعقيدة واحدة ورب واحد ورسول واحد.          

 

* الدكتور عبده سعيد محسن المغلس

سياسي ومفكر يمني