لكي تسير وراء الإصلاح عليكَ أنْ تسير مثله : على أربع !

2014-09-09 06:59

 

من عجائب الدنيا السبع:

- الأهرامات،

- برج بيزا المائل،

- وحزب الإصلاح المائل أكثر من برج بيزا، وأكثر من "المَيَلَان" نفسه!ّ

اقرأوا مثلاً رسالته المنشورة اليوم على موقعه الرسمي "الإصلاح نت" تحت عنوان "رسالة للجميع":

 

كل ما قاله الإصلاح عن الحوثي في رسالته الموجهة "للجميع" هو نفس ما قاله ويقوله الجميع (وليس الحوثي وحده) عن الإصلاح على الدوام، لدرجة أن الحوثي لو شاء الرد عليه برسالة من طرفه فلربما ما وجد أفضل من رسالة الإصلاح نفسها كرد على رسالة الاصلاح: عليه فقط أن يستبدل كلمة "الحوثي" في كل موضع وردت فيه داخل الرسالة بكلمة "الإصلاح" وستصبح الرسالة منطبقة بالكامل على "الإصلاح" أكثر من أي حزب أو جماعة أخرى عداه. ولا أريد هنا طبعاً القول إن ما قالته رسالة الإصلاح عن الحوثي غير صحيح، لا طبعاً، فهناك أمور كثيرة صحيحة، أو أراها أنا على الأقل كذلك. لكن هذه الرسالة تنطبق كلياً على "الإصلاح" أكثر منها على "الحوثي":

 

من اتهامها للحوثي بالإستهانة "بالإرادة الشعبية"، الى قولها إنه يتعين عليه أن يعي جيدا أن "ثورة الشعب السلمية انطلقت في 11 فبراير 2011 بإرادة شعبية جامعة ولا مجال للمزايدة عليها من أحد، وما يقوم به اليوم ليس ثورة شعبية بل هدم لها وإفراغها من مضمونها وانحراف بها عن أهدافها النبيلة إلى أهداف أنانية ضيقة لا تمت لمصالح الشعب بصلة"، الى اتهامها له بمحاولة تدمير البلد و"سرقة ثورة" اليمنيين بهدف "تجييرها لصالح جماعة أو طائفة أو حزب"، وليس إنتهاءً بقولها "إن تغليب لغة الحوار والجنوح للسلم والقبول بالآخر عبر أطر من الشراكة السياسية والتعايش السلمي وتقديم مصالح الوطن والشعب هو المدخل الحقيقي لبناء الدولة وضمان مصالح كل الأطراف"، كل هذا وغيره الكثير مما- إن لم يكن كل ما- تضمنته رسالة الإصلاح الموجهة للجميع حول الحوثي هو بالذات ما قاله ويقوله الجميع (والحوثي من بينهم) حول الإصلاح.

 

"لماذا يصرّ الحوثي على المرور فوق أشلاء اليمنيين للوصول إلى مبتغاه؟"، سألت الرسالة الجميع. وباعتباري واحداً من هؤلاء الجميع، فسأجيب: لأن الإصلاح أصرّ ومايزال يصرّ على المرور فوق أشلاء اليمنيين للوصول الى مبتغاه! هذا مجرد واحد من أسئلة عدة طرحتها رسالة الاصلاح على الجميع، وجوابي عليه مجرد مثال على أجوبة مشابهة يمكن الإجابة بها على بقية أسئلة الرسالة. رسالة الإصلاح تقول لنا إن "الأمراض العقلية" لا تصيب البشر كأفراد فقط، بل تصيبهم كجماعات وأحزاب أيضاً. فكلما سمعت الإصلاح يتكلم وقارنته بما فعله منذ 2011، ستشعر أنك أمام حزب "مختل" بكل معنى الكلمة. إنه بالفعل "حزب مختلّ" مكانه السجن أو "المصحة" في أحسن الأحوال، وليس السلطة وقيادة دولة وبلد وشعب..

بالله عليكم، استمعوا اليه كيف يتحدث!

إنه يتحدث كما لو أن من أوصل ثورة 2011 والبلد ككل الى ما وصلنا اليه اليوم حزب وجماعة وقوة أخرى غيره تماماً!

إنه يتحدث الى "الجميع" بنبرة من لم يقترف في حياته كلها خطأ واحداً!

إنه يتحدث الى "الجميع" بثقة من لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه ولا من أي جهة كانت!

وفوق هذا كله، يتحدث الينا جميعاً وكأننا نحن جميع أفراد الشعب من اقترف الأخطاء واحداً بعد الآخر فيما كان هو وحده بريئاً منها كلها!

هذا حزب "تافه" لا يشعر ولو بذرة تأنيب ضمير بشأن كل ما اقترفه في حق هذا البلد!

وهو على الأرجح مصاب بـ"الفصام" التام، وإلا بربكم بماذا يمكننا وصف ما يلي؟

 

هذه الرسالة ليست أمراً عابراً، بل تعكس بعمق ذهنية وروحية الإصلاح كحزب. إنها خير معبِّر عنه كأداء وليس كخطاب فقط، ويشهد على هذا كيف واجه المسيرات التي يتبناها الحوثي ضد الجرعة وقبل ذلك كيف أدار خطابه وحربه مع الحوثي:

 

خذوا مثلاً: ظل الإصلاح ليل نهار ينتقد المظاهر المسلحة في مسيرات الحوثي المطالبة بإسقاط الجرعة، وحين خرج في مسيرة مضادة لمسيرات الحوثي.. أيش تظنوا: خرج عَطَل؟ لا، طبعاً.. على الإطلاق، لا: لقد خرج وبرفقته مسلحون بزي مدني مثل الحوثي، وكأن لسان حاله يقول: مافيش حد أحسن من حد!

 

وليت الأمر اقتصر على هذا، بل إنه ذهب أبعد من الحوثي فخرج بحماية جنود من الفرقة! وهذا كما يبدو "طبيعي جداً" في نظر الإصلاح: فهو سلطة، وخرج في مسيرة لتأييد "جرعة السلطة"، ولهذا هو بحاجة كما يبدو لحماية مضاعفة: حماية ميليشاوية مثل حماية الحوثي وفوقها حماية عسكرية! بالله عليكم كيف يمكن فهم هذا؟!

 

ذريعة الحوثي المتعلقة بتلويث الاحتجاجات السلمية بالسلاح مرفوضة في نظري، لكنها تظل ذريعة ويمكنه إقناع كثيرين بها باعتبار أنه يخشى على المحتجين من قمع السلطة لهم. ولكنْ ما ذريعة الإصلاح؟ لا شيء سوى أنه الإصلاح الذي يقول شيئاً ويفعل عكسه تماماً. ألم يكن هذا على الأقل ديدنه في مواجهة الحوثي منذ البداية؟ لقد ظل يطالب "الحوثي" بالتحول من جماعة مسلحة الى "حزب سياسي" بينما لم يكن يتصرف أمامه كـ"حزب سياسي" بل كـ"جماعة مسلحة"!

 

وظل يطالبه بتسليم سلاحه للدولة بينما كان يأخذ أسلحة الدولة كي يواجهه بها في حرب طائفية خاسرة بدأها شيخ "متهور" و"فاسد" كحسين الأحمر الذي لايتمتع بأي شعور بالمسؤولية أو إدراك لخطورة اللحظة التي تمر بها البلاد، ولا يحمل ذرة إحترام لمعنى الدولة ومستقبل اليمن كبلد وشعب. وظل يطالب الدولة بنزع سلاح الحوثي بينما كان ينتزع أسلحة الدولة ويسلمها له بنفسه أولاً بأول، ويداً بيد، في نهاية كل معركة "طائفية" خاسرة يخوضها معه! وظل يطالب الحوثي باحترام هيبة الدولة بينما كان هو يمرغ أنف الدولة وهيبتها في الوحل (بإسم وبأدوات الدولة نفسها) ومن أجل "نزوات" و"فساد" شخصيات سخيفة ومبتذلة من شاكلة "أسد السنة" وغيره من "أسود بيت الأحمر" الذين دمروا منذ عقود كل فرص اليمن واليمنيين في إقامة دولة مواطنة وقانون تكفل لهذا البلد وشعبه أدنى شروط الحياة الكريمة والمحترمة بعض الشيء.وفي نهاية المطاف، يأتي هذا الحزب "التافه" الذي خان فرصة اليمن التاريخية الكبيرة للنجاة من الهاوية والفشل والتمزق ويتحدث بدون حياء أو خجل وكأن شيئاً لم يكن، إنه يتحدث وكأنّ الجميع مخطئون وهو وحده المصيب!

 

لكي تفهم كيف تسير الأمور في هذا البلد، عليكَ أن تسير مثلها: على رأسك! ولكنْ، لكي تسير وراء الإصلاح، عليكَ أن تسير مثله: على أربع! أو بعبارة أخرى أكثر وضوحاً وبساطة ودقة: لكي تسير وراء الإصلاح وتهز رأسك موافقاً على ما يقول ويفعل، عليكَ أنْ تكون نعجة.