أنصار الله .. واللاعبون في الأزمات !؟

2014-08-25 11:51

 

■ لعله من الصعب علينا في خضم ما نعيشه اليوم أن ندرك ما خلف خطاب بعض القوي السياسية في أزمتنا الراهنة ؟!

 

فقد توالت تداعيات الأزمة وتعقدت الي درجة أفقدت نتائج الحوار الوطني .. او مخرجاته كما يحلوا للبعض تسميتها أثرها و تأثيرها الي درجة انشغلنا معها بما يجري في شوارع صنعاء .. وما جرى و قد يتواصل هناك لا يهدف الي حل وطني وفقا و بنود وفقرات المبادرة الخليجية التي جاءت في ظل اعتصامات شوارع العاصمة عام 2011 وهي اعتصامات مختلفة بكل تأكيد عن تظاهرات " الصرخة " التي أطلقها جماعة أنصار الله ودعا إليها يوم الجمعة 22 أغسطس ونفذها بكل اقتدار لتحقيق أهداف سياسية .. تتويجا لانتصاراته العسكرية في " عمران " وهي انتصارات ستظل منقوصة و عبثية ما لم يحقق من خلالها السيد : عبدالملك بدر الدين الحوثي مكاسب سياسية !؟

 

لذلك فقد فعلها و تقدم خطوات بعيده على طريق يتجاوز بكثير حضوره السياسي الي الفعل السياسي .. من خلال تبنيه إسقاط الحكومة الوفاقية التي أتت بها المبادرة الخليجية او فرضتها لتزيد الأوضاع السيئة مزيدا من الفساد و التفسخ الإداري ولتفتح الأبواب على كل مصارعها لتحلل و تشظي المؤسسات العسكرية و الأمنية وانقسامية ولآءاتها الإيديولوجية و السياسية مما أتاح الفرصة أمام تيارات و تنظيمات العنف الاسلاموي المناهضة لتيار أنصار الله الى تصعيد عنفها و تأكيد حضورها في حضرموت و المحافظات الجنوبية لتعويض هزيمتها في عمران .. بل ولترسيخ ذلك الحضور تحت شعارات مناهضة الحوثي ولمنع و جوده المذهبي كشريك فاعل في تشكيل الدولة اليمنية القادمة على غرار حزب الله في لبنان .

 

□ نعم .. تقدم جماعة أنصارالله و زعيمه الحوثي خطوات وأرغم الرئاسة على حواره و تأكيد شرعية وجوده لا كتنظيم سياسي أتخذ من العنف وسيلة لتحقيق أهداف سياسية فحسب .. وهو ما حققه في مراحل سابقة ، بل وتنظيم إيديولوجي يمتلك قدرات سياسية خلاقة وتعرف أن العنف ليس إلا وسيلة ستظل معزولة ما لم تسندها عملية سياسية قادرة على حشد الجماهير.. لا من خلال الشعارات والمطالبة بحق أهل البيت في الإمامة و القيادة .. بل من خلال تحويل معاناتها الي مطالب عامة وحشدها خلفها كقوة فارضة و أكثر فاعلية من قوة السلاح و التعصب المذهبي .

 

بهذه الخطوات حقق الحوثي او (حزب) أنصار الله مكاسب سياسية متخطيا مختلف القوي ..في الحكم و المعارضة وواضعا الجميع أمام خيارات صعبه ومحفوفة بالمخاطر ،الأمر الذي دفع بهم الي الدعوة لمسيرة مقابلة ومن دون دراسة للحالة التي أنتجتها مسيرات و مطالب حركة " أنصار الله " المدروسة من حيث التوقيت و الذكية في مطالبها بإسقاط الحكومة ..و استبدالها بحكومة وحدة وطنية ، و تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة نتائج الجرعة و إعادة صياغة السياسة الاقتصادية للدولة .. وهي عناوين لموضوعات كبيرة و معقدة الهدف منها تعرية وكشف اللاعبون في الأزمة اليمنية .. و المستثمرين للأوضاع المتردية في مختلف المجالات التي حولت الأزمة الي أزمة دولة .. لا أزمة نظام سياسي !؟.

 

□□ حتى ألان اثبت الحوثيين .. قدرة على التعامل بذكاء مع حالة فريدة وسريالية أوجدتها حكومة التوافق دون أن تضبط ايقاعها ، وهذا دليل كاف على أن هذه الحكومة لا تملك أي تصور للخروج مما أوقعت البلاد فيه .

 

هذه الحكومة التي تم تشكيلها على عجل و أسندت حقائبها الي ممثلي أحزاب و تنظيمات جلها لا تتجاوز كونها مسميات لا يتجاوز تأثيرها مقراتها الحزبية ، والتي استقطبتها الأحزاب الأكبر تحت مسميات التحالف الوطني أو اللقاء المشترك بعد أن فقدت تمويلها الخارجي على اثر ضياع بغداد .. و نظام البعث في العراق ، و أخرى فقدت مواردها الليبية على اثر الثورة التي إطاحة بالعقيد القذافي .. ونقلت ليبيا الي حالة من الفوضى و عدم الاستقرار الذي حول ليبيا الي حالة من الصراع القبلي و الجهوي ، الذي قد لا تجد مخرجا منه في غير التقسيم الجهوي و تقاسم النفوذ الخارجي .. وهي حالة يعيشها اليمن اليوم رغم ما توصل إليه الحوار الوطني و المتمثل في إعادة صياغة الدولة اليمنية على أسس فدرالية كفيلة بالإبقاء على الوحدة وإعطاء أقاليمها حق حكمها وإدارتها المباشرة لمواردها الاجتماعية و الطبيعية و تنميتها باستقلالية نسبية ،وهو الأمر الذي ترفضه معظم تلك المكونات التي وجدت نفسها في الحكم لأسباب جهوية ـ مجتمعية و مناطقية متدثرة بشعارات قومجية وأخرى اسلاموية .

 

هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم في الحكم .. دون أهلية اجتماعية و لا تأهيل لإدارة الدولة و المجتمع هم اليوم أكثر حرصا على استمرارية الأزمة للبقاء في السلطة للاستفادة من موارد الدولة و التمتع بامتيازات يدركون قبل غيرهم سرعة فقدانها في حالة ما إذا اتجه الجميع الي تنفيذ مخرجات الحوار الوطني .. وهو الأمر الذي أدركه السيد عبدالملك الحوثي فاشترط تنفيذ مطالبة قبل الشروع في عملية صياغة الدولة الاتحادية وفقا لمخرجات الحوار .. في ظل حكومة وطنية ، وان كانت مطالبة لن تتوقف عند حدود إقليم أزال كما هو محدد في خارطة الأقاليم المقترحة .. دون الجوف وحجه .

 

□□□ الحوثي .. كلاعب في هذه الأزمة بكل تأكيد يختلف عن بقية اللاعبون ، فهو يدرك أن الخيارات أمامه صعبة و محفوفة بمخاطر كثيرة وعلية أن يحقق تطلعه في قيادته لإقليم صنعاء ـ او أزال ..في هذه المرحلة من ضعف الدولة او غيابها و تحميل حكومة الوفاق كل ما وصلت إلية الأوضاع من تفسخ و تحلل شملت جميع مؤسسات الدولة و أدت الي فتح محافظاتها الجنوبية و الشرقية أمام تنظيمات القاعدة و أنصار الشريعة .. لكي يحقق أهم أهدافه الشراكة في القرار السياسي لا المشاركة في حكومة فاشلة .

 

لذلك هو يدير معركته العسكرية في الجوف بإستراتيجية مرنه و معركته السياسية بإستراتيجية أكثر تصلبا و يغلفهما ـ او يسندهما بخطاب أعلامي ذكي يخاطب الخارج - الإقليمي و الدولي و بلغة إعلامية واضحة و معبرة عن مسؤولية سياسية عالية .. تفتقر إليها مختلف القوي اللاعبة و المستثمرة لهذه الأزمة .. المتوالية تداعياتها والمهددة بدخول البلاد حالة من الصراع العنيف في ظل انهيار الخدمات و الأوضاع الاقتصادية المبررة للحوثي مطالبة و التهديد بإسقاط صنعاء .. رغم ادراكة قبل غيره لتبعات إسقاطها و هو الحاجز الذي يمنعه عن ذلك لا جيوشها المنقسمة ؟!

 

□□□□ من هنا نستطيع أن نقول .. لقد تجاوز الحوثي او جماعة أنصار الله جميع اللاعبون في الأزمة الي رئاسة الجمهورية ، وفي تقديره أن على رئيس الجمهورية اتخاذ القرار المناسب لايقاف تداعيات الأوضاع و الشروع في بناء الدولة وفقا لمخرجات الحوار .. لا تسوية سياسية تخضع القرار السيادي لمساومات أطراف حكومة الوفاق !!

 

*عضو المجلس المحلي لمحافظة حضرموت .