الفرحة المنقوصة!

2014-07-06 22:44

 

بقدرما كانت تمثل الإجازة الصيفية للطلاب والطالبات والأسرة فرحة عند انتهاء العام دراسي للانتقال الى فترة من الراحة عقب مابذلوه من جهد وقضاء فترتها للترويح على انفسهم باستغلالهم الجيد لها لتنفيذ انشطتهم الخاصة أو المشتركة ليتمكنوا من معاودتهم للذهاب إلى المدرسة أو الجامعة بحيوية ونشاط لإستقبال عامهم الدراسي الجديد، بقدرما اصبحت تمثل اليوم همّاً وكابوساً على بعض الأُسر والأبناء.

 

هذه المشكلة ضاعفت حالة القلق والهّم عند الوالدين والأسرة على أبنائهم مع انصرافهم للإجازة الصيفية هذا العام، لإسباب كثيرة تتصل بالوضع السياسي والإمني والاقتصادي الذي تمر به اليمن وأرتفاع حالات وقوع الجريمة إلى جانب كثير من العوامل التي جعلت الحال اليوم غير الحال بالأمس.

 

لقد تراجع الإهتمام الحكومي والمجتمعي بالتربية والتعليم والأنشطة التعليمية والتربوية المختلفة منذُ فترة في بلادنا، ما أدى إلى غياب التخطيط السليم لكيفية إستقبال الطلاب الإجازة الصيفية واستغلال أوقات فراغهم، وظل هذا التراجع يزداد تدريجياً عاماً تلو الآخر، حتى أصبح الكل (المدرسة والأُسرة) أمام مشكلة معقده تؤرق المجتمع، فالوضع ليس كما كان بالأمس الذي عاشه آباؤنا، حين كان الجميع (المدرسة والأُسرة والمجتمع) يعملون من أجل الجميع، وكانت الطمأنينة والحب والاحترام والرقابة الأهلية في الحي أو المدينة قاسم مشترك يجمعهم، وكانت العطلة الصيفية بمختلف أنشطتها التي تنظمها الجهات المعنية تضفي عليها الفرح والبهجة والسرور ليستقبل الأباء والأبناء هذا الحدث كالعيد على عكس ماهو حاصل الآن. تسبب هذا التراجع إلى غياب الرقابة الحكومية والمجتمعية على التعليم والعمل التربوي، وشبه انعدام لإقامة الإنشطة الصيفية خلال العطل الصيفية، التي يمكن ان تعزز الحفاظ على سلوك الأبناء من الانحراف وتحصينهم من الوقوع فريسة في أيدي اولئك المنحرفين والمجرمين الذين اصبحوا مصدراً للسلوك الشاذ والظواهر السيئة، ويستدرجون الشباب لتشجيعهم على الأعمال المسيئة للدين وإفساد القيم والأخلاق بوسائل وطرائق متعددة.

 

غياب الرقابة والأنشطة من قبل المدرسة والمجتمع بالإضافة إلى تدهور الوضع في البلد ، أدى لإنعدام التخطيط لكيفية استقبال الطالب والأسرة للإجازة الصيفية وأين يمكن ان يقضيها بأمان؟، فتلاشت عملية إقامة مراكز الأنشطة الصيفية الفاعلة من قبل الجهات الحكومية، وانعدمت عوامل ومحفزات جذب الأبناء للمشاركة فيها.

 

هذا الوضع جعل العطلة الصيفية تتحول إلى (فرحة منقوصة ) يجد فيه الأبناء انفسهم أمام وقت طويل من الفراغ يحتاج لمن يملؤه فكيف يمكن استغلاله؟!، للأسف ما من شيء امامهم متاح إلا الجلوس لفترات طويلة أمام التلفاز لمشاهدة القنوات الفضائية أو الانترنت والفيس بوك دون تمكن الأباء والأمهات من مراقبة مضمون ما يشاهدون والأخطر من هذا خروجهم إلى الشارع الذي زادت فيه عوامل الجذب ليصبح الوجهة الوحيدة الاكثر خطورة عليهم في ظل عدم وجود البديل ليتجه اليها أبناؤنا باسثناء بعض الأُسر الميسوره التي تستطيع ان تخطط لقضاء الإجازة بشكل أيجابي.

 

ربما مشاهدتهم مباريات كرة القدم لكاس العالم هذه الأيام في شهر رمضان الكريم، تقلل من هموم وخوف الآباء والأمهات على ابنائهم ، إلا أن ذلك لا ينهي إستمرار مخاوفهم من الشارع الذي تحول إلى مستنقع للمحششين ومتناولي “الحبوب المخدره” والقات والتدخين وإضاعة الوقت دون الاستفادة منه ، وارتكاب الأعمال السيئة كالسرقة وغيرها، بل أصبح هذه الأيام أشبه ببحر ترمي فيه العناصر المتشددة شباكها لإصطياد الشباب وتعبئتهم بالفكر الخاطئ وتحريضهم على قتل الأبرياء، وإيذاء من يخالفهم في الرأي، فالشارع أصبح مصدراً لإرتكاب الجريمة بإنواعها لاسيما في المدن التي تشهد كثافة سكانية وإنفلاتاً أمنياً.

 

صحيح ان هذه المشكلة باتت تقلق الأسرة والطالب والمجتمع لكن علينا البحث عن حلول لمساعدة انفسنا وأولادنا للتغلب عليها بالتخطيط المبكر لكيفية استغلال ابنائنا للعطلة الصيفية وقضائها بصورة سليمة والاستفادة منها في تنمية مواهبهم والحفاظ عليهم من الإنجرار إلى الشارع الخطر والاختلاط بشباب السوء والسير في الطريق الخاطئ، وعلى الاسرة تشجيع ابنائها للإنخراط في أي انشطة وبرامج صيفية تقيمها الجهات المعنية في التربية والتعليم والتعليم العالي والشباب والرياضة والتشديد على تفاعلهم مع هذه الفعاليات والانشطة الآمنه، إلى جانب التخطيط لإلحاقهم في المعاهد الخاصة لتعزيز قدراتهم الإبداعية، ورفع مهاراتهم وتحسين مستوياتهم العلمية في المواد التي تبيّن حاجتهم لمضاعفة جهودهم فيها خلال العطلة الصيفية لمساعدتهم في استقبال العام الدراسي القادم بصورة افضل والحفاظ عليهم من الوقوع في فخ الشارع والانجرار خلف الشباب السيئ ممن حولوا الشارع مسكناً لهم.

 

[email protected]