الشيء الذي يبعث مشاعر الاعتزاز والفخر في النفوس تلك المشاهد المؤثره لذلك الحضور والحشود الجماهيريه المتدفقة من سهول وجبال ووديان ومدن وقرى الجنوب المتجهه تاره الى المكلا وتاره اخرى الى عدن ، لترسم لوحه بشريه عظيمه ستظل مشاهدها محفوظه في وجدان الزمن والتاريخ لنضال شعب صابر ومكافح وعنيد ، لا يكل ولا يمل من اجل تحقيق حلمه في استعاده حقه الضائع والمنهوب منذ عام ١٩٩٤ ، لتعبر عن عمق الحماسه الكامنة في أرواح الناس وهي تتحدى وتتحمل الصعاب و المشاق التي تفرضها ظروف التنقل في هذا الحر القائظ ، وظروف ألمعيشه القاسيه ، ترسم ملحمه وحده كل ابناء الجنوب وإصرارهم على رفض الباطل والقهر التي فرضتها معادله الحرب اللعينه في عام 1994 ضد الجنوب ومشاريع ابتلاعه من قبل قوى الإقطاع والتخلف الدينيه والقبليه الشمالية الطامعه ، وهي صور توءكد على قوه الحق التي يمتلكها الجنوبيون في نضالهم السلمي المشروع رغم كل محاولات قوى السلطه والنفوذ لتجييره وحرّفه عن مساره او تشويه غاياته.
في عام ١٩٩٧ وأثناء تواجدي في جده مع الاخ العزيز قاسم صالح الجانحي شفاه الله التقينا في منزل الاخ يحي الجفري بعدد من الشخصيات والقيادات أتذكر منهم الاخوه المرحوم اللواء محمد ناصر جابر ، والعميد طيار علي النقيب ، والعميد احمد محسن سالم ، والمرحوم محمد عبدالله حسن الجفري ، وحازم شكري واخرين لا تسعفني الذاكره لذكرهم ، كان الحديث يدور حول اهميه وضروره وحده الجنوبيين لمواجهه نتائج ومترتبات الهزيمه التي مني بها الجنوب. في عام ١٩٩٤، طبعا تعددت الرؤى ووجهات النظر وكل أدلى بدلوه وبرأيه في الامر باتجاه اهميه وضروره وحده الجنوبيين ، واذكر ان ملاحظاتي يومها تركزت على الاتي :
١- ان اهم اسباب الهزيمه يعود الى ضعف مشاعر الثقه و المليئه بمشاعر التشكيك ، والاقصاء ، وبالذات من قبل أداره العمليه السياسيه حينها ، وبسبب من هذه النظره التي امتلكها البعض أمكن الانقضاض بسهوله ويسر على الجنوب وتم احتلاله ، وأشرنا يومها الى بعض الادله على ذلك( لا الوقت مناسبا ، ولا الحيز كاف لكشفها).
٢- انه لا يمكن لقوى الجنوب ان تتوحد في ظل مسمياتها السياسيه ألقائمه ، كأحزاب او كقيادات لان الترسبات وانعدام الثقه هي ما يحكم علاقاتها ،الامر الذي لا يؤهل اي من هذه القوى القيام باي دور حقيقي ، لانها جميعها خارج الجاهزية .
٣- ان ما يوحد الجنوبيين في الداخل على اختلافهم هي المعاناه ، وما يوحدهم في الخارج هي الاعانه .
٤- ومن صلب المعاناه سيتشكل وسيولد حامل ومنظم جديد بعيد عن كل التنظيمات ، و بمسميات جديده ، وهو من سيقود نضالات شعب الجنوب لتحقيق هدفه في الخلاص من هذا الوضع الكارثي الذي أنتجته الحرب .
٥- ان جميع القيادات السياسيه التقليديه التي أسهمت في انتاج الوضع المأساوي بوعي او بجهل ، لم تعد مؤهله منطقيا لتحقيق النصر ، وينطبق عليها حال الأحزاب ، لا ن هذه القيادات بلا استثناء هي من أوصل البلاد والعباد الى ما نحن عليه . .
وها هي الأعوام تمر لتشهد على ما جرى ومازال يجري ، لتوءكد صحه ملاحظاتنا المتواضعه يومها والتي أزعجت البعض حينها.
واليوم استطيع القول ان ملاحظاتي ما زالت صالحه ، وأضيف ان الحراك السلمي الذي نشاء من صلب المعاناه مقدر له النجاح في حال بقاء (اسباب نشوءه )، و ابقاءه على (أسس نشوءه ) واهمها التصالح والتسامح واستعاده وحده القوى ، الأساسيه للحراك ومنها : قوى ما قبل ١٩٦٧ -- قوى ما بعد ١٩٦٧ حتى ١٩٦٩ - - قوى ١٩٨٦ - قوى ١٩٩٠و ١٩٩٤ .- قوى الشباب .
كل هذه القوى مجتمعه بلا إقصاء او استثناء او تخوين او تشكيك لاي طرف ، مع ابتعاد القيادات المتعبه و المنهكة عن القياده الميدانيه ،لان الخطر الحقيقي الحالي وفق المؤشرات على ارض الواقع هو الشخصنه والتمحور كما أشرنا الى ذلك في مقال سابق نشر في رمضان من العام المنصرم بعنوان ( الشخصنه والتمحور ومخاطرها على الحراك الجنوبي ).
اما ان لهذه القيادات ان ترتاح هي الاخرى ؟ام انها تعني ( ان لا راحه الا في القبر ) ؟ ، وجميل ان تبرء ذمتها تجاه الشعب الصابر ، وفي هذا الاتجاه لا مانع من دعم وتشجيع قيام مرجعيه سياسيه ودينيه ومناطقيه كمجلس استشاري توافقي لهذه القيادات ، تضم كل القوى ويترك الميدان للذين يقودون ويرسمون هذه اللوحات البديعة بلا تكبير للكرسي في المكلا ، ولا تكبير للصوره في المعلا ، وبلا زعيق في المنصات . عندها سيتذكركم التاريخ بموده ، لان جل ما نخشاه ونخافه على الحراك ان يختزل ويتحول الى فعاليه في ( المكلا ) وفعاليه في (المعلا ) ، ويصبح مصيره لاقدر الله بعدها كمصير كلب السويداء وقنداس