■ كتب الي صديق رسالة على الخاص.. يطالبني الكتابة عن احتلال الأنصار او القاعدة ـ لافرق !؟ لمدينة "سيئون " ولمدة تجاوزت الساعات الست ، عاش خلالها سكان هذه المدينة ليلة من الرعب تحت قصف المدافع و أصوات الإنفجارات التي خلفت اثنا عشر قتيلا و أحدا عشر مصابا من قوات الأمن و الجيش نصفهم او ما يقارب النصف من رجال شرطة المرور ؟! بحسب المصادر الإعلامية .
هذا الصديق .. قال نحن في انتظار مقالاتك النارية ؟! ولا اعرف كيف صنف ما اكتب في قائمة الإرهاب مع ا ن أخر مقال ( لابد من مغادرة الماضي .. حتى نعبر الي المستقبل ) و في مقالات سابقة حذرت من أن لا تتحول حضرموت الي مسرح عمليات للقاعدة .. بسبب التراخي الأمني المتزامن مع معارك أبين و شبوة .
□ هذا المقال الذي تناوله عدد من القراء في مداخلات توزعت بين الإعجاب و الرفض .. لم تتناول تحذيري بل ربما تجنبته لأسباب حزبية و عاطفية على عكس صديق سعودي متابع و مهتم بما يجري في حضرموت خصوصا و اليمن على وجه العموم .. اثأر معي الموضوع وعلى نحو مختلف و باسلوب استفزني كثيرا الي الدرجة التي دفعتني الي القول : لماذا لا تكون عملية " احتلال سيئون " رسالة متعددة الاتجاهات ، فالعملية من حيث التخطيط و التنفيذ تحمل في طياتها ما هو ابعد من إعاقة مشروع صياغة الدولة اليمنية على أسس فدرالية .. فرد على لقد أسهمت معك في تحديد محاور مقالك القادم .. أما مقالي فسيختلف عن مقالك بكل تأكيد و أن كنا جميعا هدف للإرهاب و التطرف بكل أشكاله و أهدافه.
أن من راقب الطريقة التي تجرى فيها عملية تجفيف بؤر الإرهاب .. سيجد اختلاف واضح بين أقطارنا العربية عموما وفي جزيرة العرب على وجه الخصوص ، منذ أن أطلقت القاعدة على نفسها " قاعدة الجهاد في جزيرة العرب " في استغلال واضح لأوضاع ما بعد حرب الخليج الثانية ، السياسية و الاجتماعية ، حيث تركزت عمليات القاعدة و الأنصار على اليمن و المملكة السعودية فقط .. ومع ما حققته السعودية من نجاحات من خلال الضربات الاستباقية لخلايا القاعدة وأخرها الشهر الماضي ، نجد أن الأوضاع السياسية التي يعيشها اليمن منذ مطلع عام 2011 قد أوجدت أرضية مناسبة لاستقطاب عناصر هذا التنظيم لا من داخل مجتمع الجزيرة العربية ، بل ومن خارجها وان غابت عنها عناصر خليجية كانت قد برزت بعد إحداث سبتمبر 2001 الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول أهداف من يقف خلف هذا التنظيم و درجة تحكمه فيه ؟!
□□ إنا هنا لا اقصد من يقف خلفه من قيادات سياسية او عسكرية في اليمن .. كما يحلوا للبعض لأسباب ذاتية تحت ضغط ودوافع الخصومة السياسية ، الى حد التطرف والى درجة العداوة التي لا تقل في تطرفها عن ممارسات أولئك الشباب من ضحيا و أدوات الإرهاب الاسلاموي .. ولا استبعد ضلوع بعض القوى خصوصا وان العمليات قد تجاوزت المفخخات البشرية و الآلية الى غزو مدينة مثل سيئون واحتلالها بعد أيام من إعلان قادة الألوية المحاربة في أبين و شبوة عن انتصارات عسكرية هناك .
أولئك القادة و من دون تشكيك في إخلاصهم .. هل دخلوا المعركة مع عناصر القاعدة و الأنصار بعد تخطيط وبناءا على إستراتيجية محددة الأهداف أم بقرارات ارتجالية لخوض معركة تحت ضغوط احتقانات سياسية وربما عسكرية ـ انقسامية ؟
في تقديري .. إن إدارة محاربة الإرهاب بالسياسة لا تحقق انتصارات ما لم تكن بسياسة محاربة الإرهاب ، والفرق بين الاثنين واضح كوضوح الإرهاب ذاته الذي اثبت انه متقدم على مؤسساتنا الإستراتيجية استراتيجيا و يعمل بذهنية تخطيطية تدرك ما تريد ، و أن اعتمدت في تنفيذها على عناصر تمت قولبتها وأدلجتها على أساس البعد الواحد لضمان تنفيذها لمهامها القتالية والانتحارية .. أمام مؤسسات مازالت أسيرة العقل ذو البعد الواحد الذي لا يقبل بغيره و لا يقف أمام تجاربه ليعيد تقييمها و بالتالي يكرر نفسه أمام عدو لدية البدال و بالتالي القدرة على تغيير اساليبة فضلا عن اختيار التكتيكات المناسبة لتحقيق أهدافه الآنية و التهيئة لتنفيذ إستراتيجيته في حرب طويلة المدى .. ستكون حضرموت ساحة عملياتها العسكرية في هذه المرحلة .. كما هي ساحاتها اللوجستية .
□□ حضرموت .. من حيث الموقع على البحار المفتوحة و علي الصحاري المفتوحة أيضا و تشكل في اتساعها طوبغرافيتها الساحلية و الجبلية و الصحراوية منطقة مناسبة لحركة القاعدة والأنصار لخوض حرب عصابات مع جيوش أصبحت معزولة عن المجتمع المحيط بها .. هنا اقصد حضرموت المحافظة لا الطبيعية " شبوة ،حضرموت ، المهرة " وهي امتداد جغرافي و طوبغرافي واحد يمكن عناصر القاعدة من الحركة داخلها و الي المحافظات المجاورة و إمدادها بالسلاح و الإفراد .. بالاعتماد على البحار المفتوحة و يمكن التحالف أيضا مع حلفاء تجار السلاح و المخدرات .
رغم هذا البعد الاستراتيجي .. لحضرموت ، لم تؤخذ في حساب واضعي خطة محاربة الإرهاب في أبين و شبوة بالاهتمام الذي يرقى الي مستوى إستراتيجية قاعدة الجهاد في جزيرة العرب .. التي لن تقتصر عملياتها على تلك الرسالة الموجه للرئيس عبدربة منصور " اليوم هنا وغدا في صنعاء" والتي كتبت للتعمية و لإشغال العقول ذات البعد الواحد .. عن الرسائل التي يفترض أن تؤخذ بجدية حتى لا تتحول حضرموت قاعدة الاستقطاب و الإرهاب لزعزعة أوضاع المنطقة .. ونكتشف متأخرين أن حضرموت هي تورا بورا ..جزيرة العرب .
□□□ مطلوب وضع سياسة لتجفيف الإرهاب .. لا محاربته بالسياسة ، الأمر الذي يتطلب تنسيق و عمل متكامل واستراتيجي مع الجوار العربي وبالذات المملكة العربية السعودية ، حتى لا نظل حبيسي أنفسنا بعناد كبير و مذهل في الوقت الذي تحيط بنا المخاطر من كل الجهات الخارجية .. و نحن عاجزين عن مواجهة هذا الخطر الذي تجاهلناه وهو يحبوا و يعمل البعض على استثماره و قد تعملق ..!؟
□□□□ سيئون .. إعلان حضور للقاعدة يتجاوز مجرد الرد على انتصارات كسيحة و أن لم تؤخذ بجدية فان الحرب مع القاعدة لن تقف عند غزوة سيئون بل هي الحرب التي ستمر من خلالها قوئ غزو المنطقة !؟