كثيرٌ من الأصوات التي استهجنت الزج بالجنوب في وحدة ظالمة مع الشمال عام 1990، دون أخذ رأيه، تقف اليوم في صف مشروع إدخال الجنوب - مرة أخرى - في مشروع أكثر توحشاً وقهراً (مشروع تقسميه تحت مسمى "الأقلمة")!!
وكثيرٌ من الأصوات التي وقفت بوجه المشاركة الجنوبية في حوار الـ (موفنبيك) - ومعها حق في اعتراضها على تلك المشاركة، بتلك الطريقة - نراها اليوم تصفق لمخرجات ذلك الحوار، وتتحمس لتنفيذها أكثر ممن وضعوها، وصاغوها.. أي أنها أصبحت (حوارية) أكثر من الحواريين أنفسهم, و(موفنبيكية) أكثر من (الموفنبيكيين) أنفسهم!!
سيقولون لك بأن السياسية تقتضي هكذا, والمرونة واجبة!.. وسنقول لهم بأن السياسية ليست (خساسة)، ولا بيع وشراء للأوطان، والرقص على قبور الضحايا والتمسح بحذاء الحكام والطغاة والغزاة باسم الاعتدال، والمرونة, ولا هذه المرونة المزعومة مبرر لنكث العهود، ونقض الوعود, وقلب ظهر المجن لكل ما يتفق عليه بشق الأنفس، وبعد جهد جهيد من العمل المضني.
فالسياسة فن راق في إدارة الصراع، وسلوك إنساني لتحقيق أعلى المكاسب وتقديم أقل التنازلات - وإن استخدمت فيها طرق (الفهلوة) أحياناً. أما المرونة المفرطة، والاعتدال المذل فهما تطرف أيضاً, بالقدر نفسه الذي يعد فيه التشدد بالرأي تطرفاً!!
خروج عاصمة حضرموت (المكلا) يوم 27 أبريل الماضي، بقضها وقضيضها وشبابها وشيوخها ونسائها ورجالها، لم يأت من فراغ، ولا بسبب نجاح خطوات التنظيم وسلاسة الترتيب وعدم ازدواجية الدعوة لهذه المليونية، كما يحصل في عدد من الفعاليات المشابهة، ولكن؛ بكل بساطة إن المكلا استشعرت حساسية المرحلة وخطورتها، وحجم كرة ثلج المؤامرات التي تحاك ضد جنوبيتها، وتستهدف تمزيق أرضها المسنودة على (سوم) التاريخ وجبل الجغرافيا, وتحاول هذه المؤامرات طمس معالم هويتها الحضرمية الجنوبية, وأرادت - بالتالي - المكلا، حاضرة حضرموت التاريخية، أن تقول لـ (المنبطحين) على عتبات الحصبة وشارع الستين، وبوابة الـ (موفنبيك) والعازمين الهرولة إلى هناك.. إن المكلا وعدن جناحان لطائر واحد اسمه الجنوب، وإن هذا الجنوب أكبر من ان تحتويه جيوب اللصوص والغزاة ونخاسي الأوطان، أو تنال منه صفقات مشبوهة تتم خلسة خلف الحدود ووراء البحار.
واختارت حضرموت، ومعها عدن، ذلك اليوم الموحش لتذكرا العالم بمأساتهما المتضخمة, لتطلق صيحتها المدوية بكل لغات العالم؛ وتقول إن الجنوب حضرموت، وحضرموت الجنوب.. قُضيَ الأَمر الـذِي فيهِ تَسَتفتيانِ!!
(تنسيق بين (المخلوع) والحراك الجنوبي)! هذه العبارة السمجة لا ينفك إعلام حزب الإصلاح عن ترديدها، ليل نهار، بمناسبة وبدون مناسبة, وهو الحزب الشريك التاريخي لمن يسميه اليوم بـ (المخلوع)، بل هو الحزب الذي خرج من رحم حزب (المخلوع)، وشاركه النهب والحرب على الجنوب، ويشاركه اليوم مناصفة بالحكم والحكومة وشفط الجنوب وثروات الجنوب، والإمعان في قهر الجنوب وثورته السلمية الشعبية, ومع ذلك؛ يظل هذا الحزب يصر على أنها (عنزة) إصلاحية، ولو طارت الى سابع سماء!!
من صفحة (محمد عائش): بمناسبة دعوة الرئيس (هادي) إلى اصطفاف وطني لإخراج (القاعدة) من اليمن!
هناك ما ينبغي الحديث بشأنه مع هؤلاء: بالنسبة لـ (اللواء علي محسن) لدي استعداد لاعتباره "ثائرا" بل، و"أبا الثورة" في حالة انخراطه في ثورة على (القاعدة)، كانخراطه في الثورة على أخيه غير الشقيق 2011!!
إذا أبدى حماساً في مواجهة الإرهاب؛ كحماسه في مواجهة الحوثيين منذ 2004، إذا اجترح بطولات في الحرب على الإرهاب؛ كبطولاته في الحرب على الجنوب 94، إذا أصبح رأس حربة في معارك: البيضاء، أبين وشبوة ضد (القاعدة)؛ كما كان في معارك المناطق الوسطى ضد الجبهة في الثمانينيات!!
وبالنسبة لـ "التجمع اليمني للإصلاح":
بدلاً عن محاولة إثبات أنكم لستم جماعة "إرهابية"؛ عبر إنكار انتمائكم لـ "الإخوان"، بإمكانكم إثبات ذلك ببساطة عبر الانخراط، بلا مواربة أو نفاق، في معركة وطنية جادة ضد "الإرهاب"!!
وبالنسبة لـ "صالح": حين يتعلق الأمر بـ "القاعدة" والإرهاب؛ فإنك تعرف، مشكورا، أن اليمن في عهدك تحولت إلى مستوعب كبير لنفايات العالم كله من الإرهابيين "المجاهدين"؛ فدع الآن حزبك ينخرط بإخلاص في دعم معارك الجيش، وارتح قليلا من المزايدة!!
حكمة: "الذئب ما كان ليكون ذئباً؛ ما لم تكن الخراف خرافاً"!!