قال صديقي الوحدوي وهو يحاورني فيسبوكياً: (على الحراك الجنوبي ان يكون مرناً بمواقفه وان لا يتصلب بمشاريعه نحو حل القضية الجنوبية, وان تمترسه المتشدد بمطلب فك الارتباط غير مقبول ولن يسمع له احد بذلك , فاليمنيون لن يتقبلوا إلا الحلول المنطقية والعقلانية , أما مثل هذا الحل الانفصالي فلن يقبل).
- ولتفنيد هذه الافتراءات وهذه المغالطات التي دأبت عليها القوى الحاكمة بصنعاء منذ عام 1994م نقول:
-أن الجنوب قد طرق كل أبواب الحلول تقريبا منذ ذلك العام وحتى اليوم , ولم يتلق غير الصد والإعراض بصورة متعالية ومتغطرسة ,ابتداءً من فكرة المصالحة الوطنية التي اطلقها الجنوبيون بعد اشهر من وضع حرب 94م أوزراها العسكرية, واعتبرت صنعاء هذه الفكرة محاولة من الاشتراكي للعودة إلى الحكم.
- ثم تقدم الطرف الجنوبي بعد ذلك بمشروع اطلق عليه( إصلاح مسار الوحدة )الذي تبلور داخل الحزب الاشتراكي وجوبه بتعنت وتصلب كبيرين من قبل سلطة 7يوليو بشقيها الحاكمين -حزب المؤتمر والإصلاح- معتبرته مشروعا انفصاليا وامتدادا لمحاولة الانفصال السابقة, مع ان هذه السلطة تعرف حينها استحالة تحقيق ذلك.
- وظل الجنوب برغم كل ذلك يبتلع ألمه ويتحامل على وجعه ويتلمس كل طرق الحل, حتى إذا ما أتى عامي 2003م و2006م حاول الجنوب مرة أخرى ان يتعاطى مع العملية السياسية بصورتها الانتخابية وهو يعرف اتساخ الميدان وقبح اللاعبين فيه, ولكن لا بأس ان يضيف دليل آخر على حسن نواياه وخبث خصومه ويفوت على الخصم الحجج والفرص التي ظلت ولا يزال يتحجج بها هؤلاء الخصوم الاحتلاليين .
وبالفعل خاض الجنوب الانتخابات من خلا الحزب الاشتراكي والشخصيات المستقلة وكانت النتيجة كما توقع ,الفتات من المقاعد والأصوات.
وبصرف النظر عن النتيجة فقد انتصر الجنوب واثبت للمرة الألف بان نضاله سلمي ودربه مدني نحو استعادة حقه المنهوب ودولته المسلوبة .تلى ذلك لقاء القاهرة الجنوبي الذي تقدم بمشروع الفيدرالية من إقليمين برغم السخط الشعبي الذي تعرض له ,إلا ان الطرف الشمالي كعادته سخر من هذا المشروع و لم يأبه له أبداً وأساء فيه الظن واعتبره خطوة ناعمة نحو الانفصال .
- وتمر السنوات دون ان يتزحزح الخصم المستبد بعقليته المتعجرفة قيد أنملة عن مواقفه, حتى كان عام2013م , الذي أعلنت صنعا فيه انطلاقة الحوار الوطني هناك, وبرغم ان ذلك الحوار اضحى من الوهلة الأولى كمسرحية هزلية بائسة تم إعداد المخرجات قبل انعقاد إولى جلسات ذلك الحوار. وبرغم ذلك ذهب فصيل لا بأس به من الثورة الجنوبية (مؤتمر شعب الجنوب) بقيادة المناضل محمد علي أحمد وبعض المستقلين وقدموا سقفا اقل مما يطلب الشعب الجنوبي بساحات مليونياته كمحاولة منهم لأثبات مرة أخرى ان الجنوب داعي حوار وتفاوض, إلا ان تلك المشاركة على دنو سقفها لم ترق لصنعاء وقواها وأحزابها وتعاطت مع المشاركين الجنوبيين بغطرسة وتعالي لا نظير له, أقفلت بوجوههم الباب بقوة وصدت أمامهم كل منفذ.
وهنا سقطت آخر أوراق التوت التي كانت تداري سوءات أحزاب صنعاء وتعرت كل أكاذيبها التي ظلت تطلقها بان الحراك الجنوبي حراكا مسلحا لا يقبل بالحوار والجلوس على طاولت التفاوض والحوار.
لم تكتف صنعاء بهذا التنازل الجنوبي بل أدارت ظهرها وباستخفاف مهين لبرنامج الحزب الاشتراكي الذي يتماهى مع مشاريعها تجاه الجنوب الى حد كبير ومزقت بوجه الحزب كل برامجه الرامية الى حل القضية الجنوبية حلا عادلا –وفق رؤية الحزب طبعا-, وبالتالي حذفت تلك السلطة الصنعانية القضية الجنوبية من اهتماماتها ومن مخرجات حوارها حذفا نهائيا, حسب توصيف الأمين العام للاشتراكي د. ياسين سعيد نعمان .